التعزير في الفقه الإسلامي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حِيلة الجَاكِيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          أدب المعلم مع طلبته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          حكم السمر بعد العشاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          هجر المسلم لأخيه المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          في أيُّ مراتبِ الخُلق أنت؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          بناء المساجد وترميمها: أجرٌ عظيم وأثرٌ باق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          قضايا تُنسي قضايا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          (رجل) صفة مدح أم ذم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          (ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْرًا) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          التحذير من الغفلة عن ذكر الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-02-2020, 04:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,200
الدولة : Egypt
افتراضي التعزير في الفقه الإسلامي

التعزير في الفقه الإسلامي
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك












قوله: "باب التعزير"، وهو لغة: المنع، ومنه التعزير بمعنى: النُّصرة؛ لأنه يمنع المعادي من الإيذاء.



واصطلاحًا: التأديب؛ لأنه يمنع مما لا يجوز فعله، وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة..." إلى آخره[1].



وقال في "الإفصاح": "واختلفوا هل التعزير فيما يستحق التعزير في مثله حق الله تعالى واجب أم لا؟



فقال الشافعي[2]: لا يجب؛ بل هو مشروع.



وقال أبو حنيفة[3] ومالك[4]: إذا غلب على ظنه أنه لا يصلحه إلا الضرب وجب فعله، فإن غلب على ظنه صلاحه بغير ضرب لم يجب.



وقال أحمد[5]: إذا استحق بفعله التعزير وجب فعله.








واختلفوا فيما إذا عزَّر الإمام رجلًا فمات منه:



فقال أبو حنيفة[6] ومالك[7] وأحمد[8]: لا ضمان عليه.



وقال الشافعي[9]: عليه الضمان، فأما الأب إذا ضرب ولده، والمعلم إذا ضرب الصبي ضرب التأديب فمات، فقال مالك[10] وأحمد[11]: لا ضمان عليه، وقال أبو حنيفة[12] والشافعي[13]: عليه الضمان.



واختلفوا هل يبلغ بالتعزير الحدَّ؟



فقال أبو حنيفة[14] والشافعي[15] وأحمد[16]: لا يبلغ به.



وقال مالك[17]: ذلك إلى رأي الإمام "إن رأى[18]" أن يزيد عليه فعل.




واختلفوا هل يختلف التعزير باختلاف أسبابه؟



فقال أبو حنيفة[19] والشافعي[20]: لا يبلغ بالتعزير أدنى الحدود في الجملة، وإن الحد عند أبي حنيفة[21]: أربعون في شُرب الخمر في حق العبد، وعند الشافعي[22] وأحمد[23]: عشرون، فيكون على مذهب أبي حنيفة[24] أكثر التعزير بضعة وثلاثون، وعند الشافعي[25]: تسعة عشر.



وقال مالك[26]: للإمام أن يضرب في التعزير أي عدد أدى اجتهاده إليه.



وقال أحمد[27]: هو مختلفٌ باختلاف أسبابه، فإن كان بالفرج كوطء الشريك الجارية المشتركة، أو طء الأب جارية ابنه، أو وُجد في فراش معه أجنبية، أو وطئ جارية نفسه بعد تزويجها، أو وطئ جارية زوجته بعد إذنها له في الوطء مع علمه بالتحريم، وأو وطئ فيما دون الفرجِ، فإنه يُزاد على أدنى الحدود، ولا يبلغ به أعلاها، فيُضرب مئة سوط إلا سوطًا واحدًا.








وإن كان بغير الفرج كسرقة أقل من النصاب، أو القُبلة، أو شتم إنسانًا فإنه لا يبلغ به أدنى الحدود، وهل يتقدر نقصانه عن أدنى الحدود أم لا؟ على روايات:



إحداها[28]: يتقدر بعشر جلدات.



والثانية[29]: بتسع جلدات.



والثالثة[30]: ينقُص عن أدنى الحدود بسوط و احد، كما نقص عن أعلاها، وعن أحمد[31] رواية أخرى - ذكرها الخرقي - وهي: أنه لا يبلغ بالتعزير أدنى الحدود في الجملة كمذهب الشافعي وأبي حنيفة"[32].



وقال في "الاختيارات": "ومن التعزير الذي جاءت به السُّنة ونص عليه أحمد[33] والشافعي[34]: نفي المخنث، وحلق عمر رأس نصر[35] بن حجاج ونفاه لما افتتن به النساء[36]، فكذا من افتتن به الرجال من المردان "بل هو أولى"[37].








ولا يُقدر التعزير، بل بما يردع المُعزر، وقد يكون بالعزل والنيل من عرضه مثل أن يقال له: يا ظالم، يا مُعتدي، وبإقامته من المجلس، والذين قدروا التعزير من أصحابنا إنما هو فيما إذا كان تعزيرًا على ما مضى من فعل أو ترك، فإن كان تعزيرًا لأجل ترك ما هو فاعلٌ له فهو بمنزلة قتل المرتد والحربي وقتل الباغي والعادي، وهذا تعزير ليس يُقدر بل ينتهي إلى القتل كما في الصائل لأخذ المال يجوز أن يُمنع من الأخذ ولو بالقتل.



وعلى هذا: فإذا كان المقصود دفع الفساد ولم يندفع إلا بالقتل قُتِل، وحينئذ فمن تكرر منه فعل الفساد ولم يرتدع بالحدود المقدرة بل استمر على ذلك الفساد فهو كالصائل الذي لا يندفع إلا بالقتل فيُقتل.



قيل: ويمكن أن يُخرج قتل[38] شارب الخمر في الرابعة على هذا، ويُقتل الجاسوس الذي يُكرر التجسس، وقد ذكر شيئًا من هذا الحنفية[39] والمالكية[40]، وإليه يرجع قول ابن عقيل[41]، وهو أصل عظيم في صلاح الناس، وكذلك تارك الواجب فلا يزال يُعاقب حتى يفعله، ومن [فر[42]] إلى بلاد العدو ولم يندفع ضرره إلا بقتله قُتل.



والتعزير بالمال سائغ إتلافًا وأخذًا وهو جار على أصل أحمد[43]؛ لأنه لم يختلف أصحابه أن العقوبات في الأموال غير منسوخة كلها، وقول الشيخ أبي محمد المقدسي: ولا يجوز أخذ مال المعزر فإشارة منه إلى ما يفعله الولاة الظلمة.



ومن وطئ امرأة "أمة[44]" مشتركة قدح ذلك في عدالته وأُدِّب.








والتعزير يكون على فعل المحرمات وترك الواجبات، فمن جنس ترك الواجبات: من كتم ما يجب بيانه كالبائع المدلس، والمؤجر المدلس[45] والناكح وغيرهم من العاملين[46]، وكذا الشاهد والمخبر والمفتي والحاكم ونحوهم، فإن كتمان الحق مشبهٌ بالكذب، وينبغي أن يكون سببًا للضمان، كما أن الكذب سبب للضمان، فإن ترك[47] الواجبات عندنا في الضمان كفعل المحرمات، حتى قلنا: لو قدر على إنجاء شخص بإطعام أو سقي فلم يفعل فمات ضمنه.








فعلى هذا: فلو كتم شهادة كتمانًا أبطل بها حق مسلم ضمنه، مثل أن يكون عليه حق ببينة، وقد أداه حقه وله بينة بالأداء فكتم الشهادة حتى يغرم ذلك الحق، وكما لو كانت وثائق لرجل فكتمها أو جحدها حتى فات الحق، ولو قال: أنا أعلمها ولا أؤديها فوجوب الضمان ظاهر، وظاهر نقل حنبل وابن منصور: سماع الدعوى والإعذار[48] والتحليف في الشهادة.








ومن هذا الباب: لو كان في القرية أو المحلة أو البلدة رجل ظالم فسأل الوالي أو الغريب عن مكانه ليأخذ مه الحق، فإنه يجب دلالته عليه بخلاف ما لو كان قصده أكثر من الحق، فعلى هذا: إذا كتموا ذلك حتى تلف الحق ضمنوه ويملك السلطان تعزير من ثبت عنده أنه كتم الخبر الواجب، كما يملك تعزير المُقر إقرارًا مجهولًا حتى يُفسره، أو من كتم الإقرار، وقد يكون التعزير بتركه المستحب، كما يُعزر العاطس الذي لم يحمد الله بترك تشميته، وقال أبو العباس في موضع آخر: والتعزير على الشيء دليل على تحريمه.








ومن هذا الباب: ما ذكره أصحابنا[49]، وأصحاب الشافعي: من قتل الداعية من أهل البدع كما قُتل الجعد بن درهم والجهم بن صفوان وغيلان القدري، وقتل هؤلاء له مأخذان:



أحدهما: كون ذلك كفرًا كقتل المرتد ردة مجردة أو مغلظة، وهذا المعنى يعم الداعي إليها وغير الداعي إذا كفر فيكون قتلهم من باب قتل المرتد.



والمأخذ الثاني: لما في الدعاء إلى البدعة من إفساد دين الناس؛ ولهذا كان أصل الإمام أحمد[50] وغيره من فقهاء الحديث وعلمائهم يفرقون بين الداعي إلى البدعة وغير الداعي في رد الشهادة، وترك الرواية عنه، والصلاة خلفه وهجره؛ ولهذا تُرك في الكتب الستة و"مسند أحمد" الرواية عن مثل عمرو بن عبيد ونحوه، ولم يترك عن القدرية الذين ليسوا بدعاة، وعلى هذا المأخذ: فقتلهم من باب قتل المفسدين المحاربين؛ لأن المحاربة باللسان كالمحاربة باليد، ويشبه قتل المحاربين للسنة بالرأي قتل المحاربين لها بالرواية، وهو قتل من يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قتل النبي صلى الله عليه وسلم الذي كذب عليه في حياته[51]، وهو حديث جيد لما فيه من تغيير سنته، وقد قرَّر هذا أبو العباس مع نظائر له في "الصارم المسلول[52]" كقتل الذي يتعرض لحرمه أو يسبه ونحو ذلك، وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل المفرق بين المسلمين لما فيه من تفريق الجماعة[53].








ومن هذا الباب: الجاسوس المسلم الذي يُخبر بعورات المسلمين، ومنه: الذي يكذب بلسانه أو بخطِّه، أو يأمر بذلك حتى يقتل به أعيان الأمة، علماؤها وأمراؤها، فتحصل أنواع من الفساد كثيرة، فهذا متى لم يندفع فساده إلا بقتله فلا ريب في قتله، وإن جاز أن يندفع وجاز ألا يندفع قتل أيضًا، وعلى هذا: جاء قوله تعالى: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ ﴾ [المائدة: 32] وقوله: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾ [المائدة: 33].








وأما إن اندفع الفساد الأكبر بقتله لكن قد بقي فساد دون ذلك: فهو محل نظر.



قال أبو العباس: وأفتيت أميرًا مقدمًا على عسكر كبير في الحربية[54]: إذا نهبوا أموال المسلمين ولم ينزجروا إلا بالقتل أن يقتل من يكفون بقتله ولو أنهم عشرة؛ إذ هو من باب دفع الصائل، قال: وأمرت[55] أميرًا خرج لتسكين الفتنة الثائرة بين قيس ويمن، وقد قتل بينهم ألفان أن يقتل من يحصل بقتله كفُّ الفتنة، ولو أنهم مئة.



قال: وأفتيتُ ولاة الأمور - في شهر رمضان سنة أربع "وسبعمئة[56]" - بقتل من أُمسك في سوق المسلمين وهو سكران، وقد شرب الخمر مع بعض أهل الذمة، وهو مجتاز بشقة لحم يذهب بها إلى ندمائه، وكنت أفتيتهم قبل هذا بأن يعاقب عقوبتين عقوبة على الشرب، وعقوبة على الفطر، فقالوا: ما مقدار التعزير؟



فقلت: هذا يختلف باختلاف الذنب، وحال المذنب وحال الناس، وتوقفت عن القتل فكبر هذا على الأمراء والناس حتى خفت أنه إن لم يقتل ينحل نظام الإسلام على انتهاك المحارم في نهار رمضان، فأفتيت بقتله فقتل، ثم ظهر فيما بعد أنه كان يهوديًا وأنه أظهر الإسلام.








والمطلوب له ثلاثة أحوال:



أحدها: براءته في الظاهر، فهل يحضره الحاكم؟ على روايتين[57]، وذكر أبو العباس في موضع آخر: أن المدعي حيث ظهر كذبه في دعواه بما يُؤذي به المدعى عليه عُزر لكذبه ولأذاه، وأن طريقة القاضي رد هذه الدعوى على الروايتين، بخلاف ما إذا كانت ممكنة، ونص أحمد[58] في رواية عبد الله فيما إذا علم بالعرف المطرد: أنه لا حقيقة للدعوى لا يعديه، وفيما لم يعرف واحد من الأمرين يعديه كما في رواية الأثرم، وهذا التفريق حسن.



والحال الثاني: احتمال الأمرين، فإنه يحضره بلا خلاف.








والحال الثالث: تهمته، وهو قيام سبب يوهم أن الحق عنده فإن الاتهام افتعال من الوهم وحبسه هنا بمنزلة حبسه بعد إقامة البينة وقبل التعزير[59]، أو بمنزلة حبسه بعد شهادة أحد الشاهدين.



فأما امتحانه بالضرب كما يجوز ضربه؛ لامتناعه من أداء الحق الواجب دينًا أو عينًا، ففي المسألة حديث النعمان بن بشير في "سنن أبي داود" لما قال: إن شئتم ضربته، فإن ظهر الحق عنده وإلا ضربتكم، وقال: هذا قضاء الله ورسوله[60]، وهذا يشبه تحليف المدَّعي إذا كان معه لوث، فإن اقتران اللوث بالدعوى جعل جانبه مرجحًا فلا يستبعد أن يكون اقترانه بالتهمة يبيح مثل ذلك.



والمقصود: أنه إذا استحق التعزير وكان متهمًا بما يوجب حقًا واحدًا، مثل أن يثبت عليه هتك الحرز ودخوله ولم يُقر بأخذ المال وإخراجه، أو يثبت عليه في الحراب خروجه بالسلاح وشهره له، ولم يثبت عليه القتل والأخذ، فهذا يُعزز لما فعله من المعاصي، وهل يجوز أن يفعل ذلك أيضًا امتحانًا لا غير فيجمع بين المصلحتين؟ هذا قوي في حقوق الآدميين.








فأما في حدود الله تعالى عند الحاجة إلى إقامتها فيحتمل، ويقوي ذلك: إذا أنكر الجميع ثم قامت البينة ببعض ما أنكر فإنه يصير لوثًا، ونظير ذلك: أن يُعاقب الإمام من استحق العقوبة بقتل، ويوهم العامة: أنه عاقبه ببعض الذنوب التي يريد الحذر عنها، وهذا "يشبه أنه صلى الله عليه وسلم[61]" إذا أراد غزوة ورى بغيرها[62]، والذي لا ريب فيه: أن الحاكم إذا علم كتمانه الحق عاقبه حتى يُقربه كما يُعاقب كاتم المال الواجب أداؤه، فأما إذا احتمل ألا يكون كاتمًا فهذا كالمتهم سواء.



وخبر من قال له جني بأن فلانًا سرق كذا، كخبر إنسي مجهول، فيفيد تهمة، وإذا طُلب المتهم بحق فمن عرف مكانه دل عليه.








والقوادةُ التي تُفسد النساء والرجال أقل ما يجب عليها[63] الضرب البليغ، وينبغي شهرة ذلك بحيث يستفيض هذا في النساء والرجال، وإذا أُركبت دابة وضُمت عليها ثيابها ونُودي عليها هذا جزاء من يفعل كذا وكذا كان من أعظم المصالح، فإن جريمة هذه من أعظم الجرائم، إذ هي بمنزلة عجوز السوء - امرأة لوط - وقد أهلكها الله مع قومها.








ومن قال لمن لامه الناس: تقرؤون تواريخ آدم، وظهر منه قصد معرفتهم بخطيئته عُزر ولو كان صادقًا، وكذا من يُمسك الحية ويدخل النار ونحوه، وكذا من نقص مسلمًا بأنه مسلماني أو أباه مسلماني مع حسن إسلامه، ومن غضب فقال: ما نحن مسلمون، إن أراد ذم نفسه لنقص دينه فلا حرج فيه ولا عقوبة، ومن قال لذمي: يا حاج، عُزر؛ لأن فيه تشبيه قاصد الكنائس بقاصد بيت الله، وفيه تعظيم لذلك، فهو بمنزلة من يشبه أعياد الكفار بأعياد المسلمين، وكذا يُعزر من يُسمي من زار القبور والمشاهد حاجًا، إلا أن يُسمى حاجًا بقيد كحاج الكفار والضالين، ومن سمى زيارة ذلك حجًا أو جعل له مناسك فإنه ضال مضل، إذ ليس لأحد 977ب أن يفعل في ذلك ما هو من خصائص حج البيت العتيق، وإن اشترى اليهودي نصرانيًا فجعله يهوديًا عزر على جعله يهوديًا ولا يكون مسلمًا.



ولا يجوز للجذمى مخالطة الناس عمومًا، ولا مخالطة أحد معين إلا بإذنه، وعلى ولاة الأمور منعهم من مخالطة الناس، كأن يسكنوا في مكان مفرد لهم ونحو ذلك، كما جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه، وكما ذكره العلماء، وإذا امتنع ولي الأمر من ذلك أو المجذوم أثم بذلك.








وإذا أصر على ترك الواجب مع علمه به فُسق، ومن دُعي عليه ظلمًا له أن يدعو على ظالمه بمثل ما دعا به عليه، نحو: أخزاك الله، أو لعنك، أو يشتمه بغير فرية، نحو: يا كلب، يا خنزير، فله أن يقول له مثل ذلك، وإذا كان له أن يستعين بالمخلوق من وكيل ووال وغيرهما فاستعانته بخالقه أولى بالجواز، ومن وجب عليه الحد بقتل أو غيره فسقط عنه بالتوبة، فظاهر كلام أصحابنا: لا يجب عليه التعزير، كقولهم: هو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، وذكر أبو العباس في موضع آخر: أن المرتد إذا قبلت توبته ساغ تعزيره بعد التوبة.








فصل: ويُقام الحد ولو كان من يقيمه شريكًا لمن يقيمه عليه في المعصية أو عونًا له؛ ولهذا ذكر العلماء: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يسقط بذلك[64]، بل عليه أن يأمر وينهى، ولا يجمع بين معصيتين.



والرقيق إن زنى علانية وجب على السيد إقامة الحد عليه، وإن عصى سرًا فينبغي ألا يجب عليه إقامته بل يُخير بين ستره أو استتابته بحسب المصلحة في ذلك، كما يُخير الشهود على من وجب عليه الحد بين إقامتها عند الإمام وبين الستر عليه واستتابته بحسب المصلحة، فإن ترجح أنه يتوب ستروه، وإن كان في ترك إقامة الحد ضررٌ على الناس كان الراجح فعله.



ويجب على السيد بيع الأَمة إذا زنت في المرة الرابعة، ويجتمع الجلد والرجم في حق المحصن، وهو رواية عن أحمد[65]، اختارها شيوخ المذهب"[66].



وقال البخاري: "باب كم التعزير والأدب؟".



حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن بُكير بن عبد الله، عن سليمان بن يسار، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبي بُردة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله"[67].



حدثنا عمرو بن علي، حدثنا فُضيل بن سليمان، حدثنا مسلم بن أبي مريم، حدثني عبد الرحمن بن جابر، عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله"[68].








حدثنا يحيى بن سليمان، حدثني ابن وهب، أخبرني عمرو: أن بُكيرًا حدثه، قال: بينما أنا جالس عند سليمان بن يسار إذ جاء عبد الرحمن بن جابر فحدث سليمان بن يسار، ثم أقبل علينا سليمان بن يسار فقال: حدثني عبد الرحمن بن جابر، أن أباه حدثه: أنه سمع أبا بُردة الأنصاري، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تجلدوا فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله"[69].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 136.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 134.53 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.26%)]