عناية الإسلام بالشباب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نباتات منزلية تمتص رطوبة الصيف من البيت.. الصبار أبرزها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          طريقة عمل برجر الفول الصويا.. وجبة سريعة وصحية للنباتيين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          4 وسائل علمية لتكون أكثر لطفًا فى حياتك اليومية.. ابدأ بتحسين طاقتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصفة طبيعية بالقهوة والزبادى لبشرة صافية ومشرقة قبل المناسبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          3 عادات يومية تزيد من تساقط الشعر مع ارتفاع درجات الحرارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          6 خطوات فى روتين الإنقاذ السريع للبشرة قبل الخروج من المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تريندات ألوان الطلاء فى صيف 2025.. الأحمر مع الأصفر موضة ساخنة جدًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          طريقة عمل كرات اللحم بالبطاطس والمشروم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          وصفات طبيعية لتقشير اليدين بانتظام.. من السكر لزيت جوز الهند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أبرز 5 تريندات ديكور منزلى في صيف 2025.. لو بتفكر تجدد بيتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-02-2020, 03:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي عناية الإسلام بالشباب

عناية الإسلام بالشباب (1)



الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل




الحمد لله الخلاق العليم الرءوف الرحيم؛ أفاض على عباده من نعمه، وأغدق عليهم من فضله، فأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، وكساهم من عري، وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً، نحمده ونشكره، ونتوب إليه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أمر الناس بعبادته، ونهاهم عن معصيته، وهو سبحانه غني عنهم، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ﴾ [الذاريات:56-58] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ رحمه الله تعالى ورحم به، وهداه سبحانه وهدى به، وابتلاه عز وجل وابتلى به، فأرسله للناس ﴿شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب:45-46] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأقيموا له دينكم، وأخلصوا له أعمالكم، وأسلموا له وجوهكم ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة:112].

أيها الناس: في كل زمان ومكان، وفي جميع أدوار التاريخ البشري كان الشباب هم عماد الأمم، وسبب نهضتها، ومنبع قوتها، وعاقدي ألويتها، ووقود حروبها، ومبعث فخرها وعزها.. فبالشباب بُلغت دعوة الله تعالى، وأقيم توحيده في الأرض، وكسرت جحافل الشرك، وهدمت رموز الوثنية.

حمل الخليل عليه السلام فأسه وكسر الأصنام وهو شاب فقال قومه ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء:60] فثبت حين ابتلي حتى نجاه الله تعالى منهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما بعث الله نبيا إلا شابا، ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب.

ولما فرح الخليل بشباب إسماعيل عليهما السلام، واستبشر بفتوته وقوته، وانتظر نفعه ومعونته؛ ابتلي بذبحه فاستشاره، فكانت قوة الشباب -بعد توفيق الله تعالى- مثبتة للنبيين الكريمين في هذا الابتلاء، وكان إسماعيل شابا يافعا بدليل قول الله تعالى ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ [الصَّفات:102] أي بلغ سن من يمشي مع أبيه في شؤونه. فكان جواب إسماعيل الشاب معينا لأبيه في ابتلائه، ومثبتا له في امتحانه ﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصَّفات:102].

واختص الله تعالى بالذكر في كتابه الكريم شبابا آمنوا فاعتزلوا شرك قومهم، وآووا مع كلبهم إلى كهفهم، فضرب الله تعالى عليهم النوم ثلاثة قرون وتسعا، في قصة هي من أعظم القصص تأثيرا في النفوس، ومن أشدها أسراً للقلوب ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [الكهف:13].

ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم استنكف شيوخ قريش وحكماؤها عن اتباعه، فكان شباب مكة أنصاره وعصبته، وأغلب من تقدم إسلامهم هم من الشباب، وأعضاء الدعوة السرية في دار الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه كانوا أربعين من خيرة شباب قريش؛ فأسلم أبو بكر وعمره ثمان وثلاثون سنة، وكان النصير والعضيد، والرفيق في الهجرة والغار، وعمر رضي الله عنه لما أسلم كان عمره قريبا من الثلاثين، وبه اعتز الإسلام، وخرجوا من دار الأرقم، حتى قيل: لم يزل الإسلام في اختفاء حتى أسلم عمر. وأسلم عثمان وعمره أربعاً وثلاثين، وكان في الإسلام معطاءً باذلاً، وأسلم علي وهو في التاسعة من عمره ينقص منها أو يزيد عليها، وحمل الراية في بدر وهو ابن عشرين سنة، وأسلم الزبير وعمره ستة عشر عاما، وهو أول من سل سيفه في سبيل الله تعالى، وأسلم سعد بن أبي وقاص وعمره تسع عشرة سنة وهو أول من رمى بسهمه في سبيل الله تعالى، وأسلم طلحة وهو يناهز الحلم. وأسلم عبد الرحمن بن عوف وهو في الثلاثين من عمره، وأسلم أبو عبيدة بن الجراح في العشرين أو في الثلاثين من عمره، وأسلم سعيد بن زيد وهو دون العشرين، فهؤلاء هم العشرة المبشرون بالجنة سبقوا إلى الإسلام وهم شباب، وتحملوا في سبيل ذلك أنواع الأذى.

شباب قرشي غض طري، نقية قلوبهم، كريمة نفوسهم، غضيضة عن الحرام أبصارهم، عفيفة عن السحت أيديهم، ثقيلة في الإثم أرجلهم، اصطفاهم الله تعالى طلائع لهذه الأمة المباركة فقام الإسلام بسواعدهم، وأرسى بنيانه على أكتافهم، وانتشر في الأصقاع بلسانهم وسنانهم، فلله تعالى درهم من شباب.

والهجرة النبوية المباركة نجحت بفضل الله تعالى ثم بتفاني ثلة من شباب قريش؛ فعلي رضي الله عنه نام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليخادع المشركين، ويأخذ أبصارهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ويحميه من مؤامرتهم، مع علمه أنه قد يقتل مكانه.

وكانت أسماء بنت أبي بكر تجهز الطعام وتذهب به إليهما، فتشق نطاقها نصفين، تتحزم بواحد، وتحزم الطعام بالآخر حتى سميت ذات النطاقين، وكانت إذ ذاك بنت سبع وعشرين سنة، وكان أخوها عبد الله شابا ثقفا لقنا يزودهما بأخبار قريش كل ليلة ويبيت عندهما، فإذا كان السحر عاد إلى مكة لا يشعر به أحد، وكان عامر بن فهيرة وقد أسلم وهو في بحر العشرين من عمره يرعى الغنم حتى يأتي بها إلى الغار فيحلب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر رضي الله عنه، فنجحت الهجرة على أيدي هؤلاء الشباب.

وحمل الإسلام والقرآن إلى المدينة النبوية بعد بيعة العقبة المباركة مصعب بن عمير رضي الله عنه وهو دون الثلاثين، فكان قبل الهجرة داعية المدينة ومقرئها، وكان أغنى شباب مكة وأعطرهم، وعلى يديه أسلم سعد بن معاذ سيد الأوس وله بضع وثلاثون سنة، فقام سعد في قومه خطيبا فقال: كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا. فأسلموا، فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام.

وعالم الأنصار ومفتيها وقاضيها معاذ بن جبل رضي الله عنه أسلم وهو ابن ثمانية عشر عاماً، وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا ومعلما ومفتيا وهو في العشرين.

وكان فتيان الصحابة يتسابقون إلى الوغى؛ نصرة لدين الله تعالى، ويعرضون أنفسهم على النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يجيزهم للقتال، فيرد الصغار منهم رأفة بهم، فيحزنون لذلك أشد الحزن.

قال ابن عُمَرَ رضي الله عنهما: عَرَضَنِي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوم أُحُدٍ في الْقِتَالِ وأنا بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فلم يُجِزْنِي وَعَرَضَنِي يوم الْخَنْدَقِ وأنا بن خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي رواه مسلم.

واستصغر النبي صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج رضي الله عنه، فحشا خفيه برقاع حتى ترفع قامته، وتطاول على أطراف أصابعه، وأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان راميا فأجازه، فقال سمرة بن جندب لزوج أمه: أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج وردني وأنا أصرعه، فأعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تصارعا فصرع سمرة بن جندب رافعا فأجازه.

وممن رده النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد لصغر سنه سعد بن حبته فلما كان يوم الخندق رآه النبي صلى الله عليه وسلم يقاتل قتالا شديدا فدعاه ومسح على رأسه ودعا له بالبركة في ولده ونسله فكان عمًّا لأربعين وخالا لأربعين وأبا لعشرين ومن ولده أبو يوسف صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهم.

هكذا كان شباب الصحابة رضي الله عنهم، يتحملون من المسئوليات ما يليق بقوة الشباب وفتوته وبأسه، ولا يركنون إلى اللهو والدعة والكسل، وما فتحت الفتوح، ومصرت الأمصار، وعز الإسلام، وارتفعت رايته إلا بهم، وما ننعم به الآن من التدين بالإسلام بعد قرون من عصرهم ما كان والله إلا بسببهم؛ فهم حملة الدين ونقلته.

شباب استثمروا حدة عقولهم، وقوة شبابهم في دين الله تعالى حتى عم الإسلام البسيطة، فجزاهم الله تعالى عنا وعن المسلمين خير الجزاء، وجمعنا بهم في دار كرامته ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾ [التوبة:100].

الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، نحمده على نعمه وآلائه، ونشكره على إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة:281]

أيها المسلمون: كان كبار الصحابة رضي الله عنهم يهتمون بالشباب، ويجالسونهم ويصاحبونهم، ويعلمونهم مكارم الأخلاق، ويزرعون فيهم العمل للإسلام، ويُحملونهم ما يليق بهم من المهمات.

رأى عمرو بن العاص رضي الله عنه قوما نَحَّوْ فتيانهم عن مجلسهم فوقف عليهم وقال: ما لي أراكم قد نحيتم هؤلاء الفتيان عن مجلسكم؟! لا تفعلوا، أوسعوا لهم وأدنوهم وحدثوهم وأفهموهم الحديث؛ فإنهم اليوم صغار قوم ويوشكون أن يكونوا كبار قوم، وإنا قد كنا صغار قوم ثم أصبحنا اليوم كبار قوم.

وكان عُرْوَةَ بن الزبير رضي الله عنهما يَجْمَعُ بَنِيهِ فيقول: يا بَنِيَّ تَعَلَّمُوا فَإِنْ تَكُونُوا صِغَارَ قَوْمٍ فَعَسَى أن تَكُونُوا كِبَارَ آخَرِينَ وما أَقْبَحَ على شَيْخٍ يُسْأَلُ ليس عِنْدَهُ عِلْمٌ.

وكان راوية الحديث في زمنه محمد بن شهاب الزهري رحمه الله تعالى يشجع الشباب، ويوليهم عنايته، ويزرع في نفوسهم معالي الأمور، قال يوسف بن الماجشون: قال لنا ابن شهاب أنا وابن أخي وابن عم لي ونحن غلمان أحداث نسأله عن الحديث: لا تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم؛ فإن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الشبان فاستشارهم يبتغي حدة عقولهم.

أيها الإخوة: قارنوا هذا الاهتمام البالغ بالشباب من السلف الصالح بتقصيرنا في حق الشباب، وقارنوا بين شباب الصحابة والتابعين وبين شباب اليوم.

إن في الشباب قوة دافعة، وعزيمة ماضية، وحركة دائبة، فإن لم تستثمر فيما يعود على الناس بالخير رجعت بالشر على الشباب أنفسهم، وعلى المجتمع بأسره؛ حتى نُقل عن جمع من الصحابة والحكماء قولهم: الشباب شعبة من الجنون.

إن من يرى شبابنا اليوم -ولا سيما في أيام الاختبارات- وهم يصولون ويجولون بسياراتهم يؤذون الناس بها، ويضرون أنفسهم، ويتلفون أموال آبائهم؛ ليأسى على حالهم وحال المجتمع الذي خرّجهم.. وفي الشباب طاقة كامنة لا بد من استثمارها وإلا صرفت فيما يضر ولا ينفع.

وكم يقع من مآس أيام الاختبارات بسبب الغفلة عن الشباب؟! وكم تكثر الحوادث فيها؟! وكم ينتهك من الحرمات خلالها.. وأكثر ما يقع من الجرائم الأخلاقية من الفتيان والفتيات يكون في أيام الامتحانات، وينشط فيها ترويج المخدرات؛ لافتراس شباب الإسلام وفتياته بها، حين يوقعهم في شباكها تجارها وقرناء السوء ورفيقات الشر.

إنها أخطر أيام العام على الشباب والفتيات بسبب ضعف رقابة الآباء والأمهات، وبسبب التساهل في خروج الأبناء والبنات، وبسبب صحبتهم لرفقاء السوء بعد الانتهاء من الامتحان للإفطار أو للتجوال، ولا يعلم الأب أين يذهب ولده؟ ولا مع من يكون؟ ولا ماذا يفعل في تلك الفترة؟ ويستثقل سؤاله عن ذلك؛ لئلا يؤثر في نفسيته، ويتساهل في توفير البدائل له لانشغاله، وكم ضاع بسبب ذلك من شباب وفتيات افترستهم عصابات المخدرات والإجرام.

فالحذر الحذر يا شباب الإسلام من قرناء السوء، ولا يظنن الواحد منكم أنه يدرك مصلحته أكثر من والديه ومعلميه، ولا يثق بنفسه أكثر من اللازم فكم من ضحية للمخدرات وقع فيها وهو يثق أن لا أحد يؤثر فيه.

والحذر الحذر أيها الآباء من التساهل في هذا الأمر؛ فلربما فقد الواحد ولده في غفلة يظنها يسيرة في أيام معدودة، ندم بسببها طوال عمره.. وكم أودت بالابن والبنت ثقة عمياء فيهما، ومن وثق في ابنه وابنته فعليه أن لا يثق بمن يغيويهما ويريد إلحاق الأذى بهما، فيتركهم يتسلطون على أبنائه وبناته وهو لا يحرك ساكنا، ولأهل الشر حبائل ومكائد في افتراس ضحاياهم لا تخطر على البال، نعوذ بالله تعالى من شرهم، ونعيذ أبناءنا وبناتنا وأولاد المسلمين كافة بالله العظيم منهم، ونسأله سبحانه أن يرد كيدهم إلى نحورهم، إنه سميع مجيب.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-02-2020, 03:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عناية الإسلام بالشباب

عناية الإسلام بالشباب (2)



الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل






ï´؟الحَمْدُ لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآَخِرَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُï´¾ [سبأ: 1] نحمده حمدا يليق بجلاله وعظيم سلطانه؛ فالخير بيديه، والشر ليس إليه، ونشكره على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا يزال يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ آواه ربه في يتمه، وأغنى نفسه، وهدى قلبه، وأدبه فأحسن تأديبه، وعلمه ما لم يعلم؛ فكان أحسن الناس خلقا وتعاملا، وأرقاهم تأديبا وتعليما، قال فيه معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه: فَبِأَبِي هو وَأُمِّي ما رأيت مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ولا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا منه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.









أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وراقبوه فلا تعصوه.. اتقوه في إقامتكم وأسفاركم، واتقوه في شهود الناس وغيبتهم؛ فإنه عليم بكم، مطلع عليكم، لا تخفى عليه خافية منكم، ï´؟وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاï´¾ [النساء: 1].





أيها الناس: في مرحلة الشباب ميل للشهوة، وإظهار للفتوة، وكسل عن الطاعة؛ ولذا كان من السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله شاب نشأ في عبادة الله تعالى؛ ولأن مرحلة الشيخوخة فيها ضعف القوة، وخمود الشهوة كان من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله تعالى ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم أشيمط زان، والأشيمط هو الشيخ الذي شاب رأسه. وجاء في الحديث: ((إن الله يعجب من الشاب ليست له صبوة)) رواه أحمد.





أي: ليس له ميل إلى الهوى باعتياده للخير، وقوة عزيمته في البعد عن الشر، وهذا عزيز نادر فلذلك قرن بالتعجب؛ وذلك لأن الغريزة تنازع الشباب، وتدعوهم إلى الشهوات والشيطان يزينها لهم، فعدم صدور الصبوة من الشاب هو من العجب العجاب.





وللنبي صلى الله عليه وسلم منهج فريد عجيب في القرب من الشباب، ومحاكاة عقولهم، وتخفيف سورتهم، وتهذيب شهوتهم، وتوجيه قوتهم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وذلك بتقريبهم من الطاعات، وإبعادهم عن المحرمات، بخطاب يناسب أحوالهم، ويراعي الفوارق بينهم.





كان النبي صلى الله عليه وسلم يغرس في قلوب الشباب الإيمان، ويربيهم على العلم مع العمل، ويتعاهدهم عند بلوغهم؛ لأنه سن التكليف، وكأن هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم كان عاما مع الشباب؛ كما يدل عليه حديث جُنْدُبِ بن عبد اللَّهِ قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قبل أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا رواه ابن ماجه. والحزور هو الذي قارب البلوغ.





وأثمرت هذه التربية الإيمانية في المدينة النبوية شبابا متطلعا للآخرة، عاملا لها، نافعا لنفسه ولأمته، يقوم بواجبه تجاه أهله، ويتفانى في خدمة غيره، يدل على ذلك حديث أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: ((كان شَبَابٌ مِنَ الأَنْصَارِ سَبْعِينَ رَجُلاً يقال لهم الْقُرَّاءَ، كَانُوا يَكُونُونَ في الْمَسْجِدِ فإذا أَمْسَوُا انْتَحَوْا نَاحِيَةً مِنَ الْمَدِينَةِ فَيَتَدَارَسُونَ وَيُصَلُّونَ، يَحْسِبُ أَهْلُوهُمْ أَنَّهُمْ في الْمَسْجِدِ، وَيَحْسِبُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ أَنَّهُمْ في أَهْلِيهِمْ حتى إذا كَانُوا في وَجْهِ الصُّبْحِ اسْتَعْذَبُوا مِنَ الْمَاءِ وَاحْتَطَبُوا مِنَ الْحَطَبِ فجاؤوا بِهِ فَأَسْنَدُوهُ إلى حُجْرَةِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَهُمُ النبي صلى الله عليه وسلم جَمِيعاً فأصيبوا يوم بِئْرِ مَعُونَةَ فَدَعَا النبي صلى الله عليه وسلم على قَتَلَتِهِمْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً في صَلاَةِ الْغَدَاةِ)) رواه أحمد، وقصة استشهادهم في الصحيحين.





وإن رأى صلى الله عليه وسلم شابا صالحا عنده ترك لبعض النوافل أثنى على صلاحه تشجيعا له؛ فإن التشجيع يعمل عمله في القلوب، ثم أرشده إلى ما عنده من النقص ليكمله، فثناؤه عليه بما فيه من الخير يفتح قلبه لتلقي الإرشاد، وفي ذلك قصة ابن عمر رضي الله عنهما يحكيها وكان شابا صالحا فيقول: ((كان الرَّجُلُ في حَيَاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فَتَمَنَّيْتُ أن أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا، وَكُنْتُ أَنَامُ في الْمَسْجِدِ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُ في النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إلى النَّارِ فإذا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ وإذا لها قَرْنَانِ كَقَرْنَيْ الْبِئْرِ وإذا فيها نَاسٌ قد عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِالله من النَّارِ أَعُوذُ بِالله من النَّارِ أَعُوذُ بِالله من النَّارِ، قال: فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فقال لي: لم تُرَعْ، فَقَصَصْتُهَا على حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نِعْمَ الرَّجُلُ عبد اللَّهِ لو كان يُصَلِّي من اللَّيْلِ، قال سَالِمٌ: فَكَانَ عبد اللَّهِ بَعْدَ ذلك لَا يَنَامُ من اللَّيْلِ إلا قَلِيلًا)) رواه الشيخان، وفي رواية للدارمي قال: ((وَكُنْتُ إذا نِمْتُ لم أَقُمْ حتى أُصْبِحَ، قال: فَكَانَ ابن عُمَرَ يُصَلِّي اللَّيْلَ)) .





فأثنى النبي صلى الله عليه وسلم عليه بما فيه من الخير، ثم وجهه إلى ما ترك من نافلة قيام الليل، فكان هذا التوجيه بعد الثناء محل قبول ابن عمر، فعمل بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم.





وربما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شبابا فيه شيء من التقصير في الطاعة، أو الوقوع في المعصية فيرشده بما يبعده عن المحرم؛ إذ فعل الواجبات، وترك المحرمات أهم بالتوجيه والتأديب من الإرشاد إلى المندوبات، ومن ذلك ما روى سَمُرَةُ بْنُ فَاتِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((نِعْمَ الْفَتَى سَمُرَةُ، لَوْ أَخَذَ مِنْ لِمَّتِهِ، وَشَمَّرَ مِنْ مِئْزَرِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ سَمُرَةُ أَخَذَ مِنْ لِمَّتِهِ، وَشَمَّرَ، مِنْ مِئْزَرِهِ )) رواه أحمد. فتأملوا كيف نفع الثناء على هذا الشاب في تركه المنهي عنه.





وأحيانا يعمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأسلوب الحواري العقلي ليزيل ما في نفس الشاب من التعلق بالمعصية، ويأخذه بالرفق واللين، فليس كل الشباب يتقبلون الأمر والنهي بلا إقناع.. ومهما كان مطلب الشاب فيه شذوذ وخروج عن المألوف، وضرب من الجنون، فلا سبيل إلى ثنيه عنه إلا بالإقناع والحوار والإلزام، والجدال بالتي هي أحسن، والعمدة في ذلك حديث أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: ((إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ. مَهْ. فَقَالَ: ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا. قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟ قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ قَالَ: لَا. وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ، قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ)) رواه أحمد.





فتأملوا كيف زجر الناس هذا الشاب لجرأته في طلبه، وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم تلطف به، وفتح مداركه بالسؤال على خطأ ما يطلب، ثم دعا له بعد ذلك.





وما فقد الآباء والمربون والمصلحون فئة الشباب إلا لأنهم لم يصبروا على غرائب مطالبهم، ولم يستطيعوا إثبات خطئهم فيها، والرفق مع الشاب لا يأتي إلا بخير.





وكان النبي صلى الله عليه وسلم في تربيته للشباب يحول بينهم وبين مواطن الريب، ومواضع الفتن، ويسعى جهده في صرفهم عنها؛ لئلا تزل بهم الأقدام، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم في حجته اسْتَفْتَتْهُ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ من خَثْعَمٍ وكان الفضل بن العباس رديفه وكان شابا، فجعل ينظر إلى الفتاة وتنظر إليه، فلَوَى النبي صلى الله عليه وسلم عُنُقَ الْفَضْلِ فقال له الْعَبَّاسُ: ((يا رَسُولَ الله، لِمَ لَوَيْتَ عُنُقَ ابن عَمِّكَ؟ قال: رأيت شَابًّا وَشَابَّةً فلم آمَنْ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا)) رواه الترمذي وقال حسن صحيح.





فأين من هذا الحديث العظيم وما فيه من حسم مادة الفساد، من يفتحون أبواب الشهوات للشباب والفتيات، ويزينون لهم الفواحش والمنكرات، ويعبدون طرقها بالاختلاط؟!





لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم شابا ينظر إلى شابة فلوى رقبته عنها خوفا عليهما، وأرباب الشهوات يريدون خلط الفتيان بالفتيات في التعليم والعمل، ويجدون من يشرع لهم هذا المنكر العظيم نعوذ بالله تعالى من زيغ القلوب، وفتنة الهوى. ونسأله تعالى أن يعصمنا والمسلمين من مضلات الفتن والأهواء ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ شباب المسلمين وفتياتهم من كيد الكائدين، وتربص المتربصين، إنه سميع مجيب.





أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ï´؟وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الحِسَابِï´¾ [ص: 26].





بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.





الخطبة الثانية


الْحَمْدُ لله حَمْدَاً طَيِّبَاً كَثِيْرَاً مُبَارَكَاً فِيْه كَمَا يُحِبُ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوُلُهُ صَلَّى الله وَسَلَّمَ وْبَارَكَ عَلَيْه وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الْدِّيِن.





أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا الله تَعَالَى وَأَطِيْعُوْهُ، وَعَظِّمُوا حرماته، وأدوا فرائضه؛ فإن بين أيديكم موتا وقبرا وحسابا وجزاء، فأعدوا لذلك عدته ï´؟وَالوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَï´¾ [الأعراف: 8-9].





أيها المسلمون: فترة الشباب فترة خطيرة تؤرق الآباء والأمهات ولا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن والمغريات، واستهدف فيه الشباب والفتيات بأنواع من الشر، وسهل الوصول إليهم بوسائل الاتصال الحديثة التي اقتحمت عليهم غرفهم، وبإمكان أي أحد أن يحادثهم وهم في فرشهم، فصارت الرقابة عليهم لحفظهم من العسر بمكان، ولا سيما أن شباب اليوم قد صار فيهم تمرد وحب استقلال وعزلة وانفراد عن والديهم وأهلهم، ولا سبيل إلى الوصول إليهم إلا بالمعاملة الحسنة، والكلمة الطيبة، والحوار والإقناع كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي صرح بكل جرأة وصفاقة أنه يريد الزنا؛ فألان النبي صلى الله عليه وسلم القول له، وأحاطه بلطفه، وأقنعه ولم يزجره مع أنه يستأذنه في فعل كبيرة من كبائر الذنوب.





إن شباب الإسلام وفتياته مستهدفون من الأعداء بأنواع من الاستهداف.. مستهدفون في عقائدهم وأفكارهم لتغييرها، ومستهدفون في قناعتهم بالانتماء إلى أمتهم لتبديلها، ومستهدفون في أخلاقهم وسلوكهم لإفسادها، حتى إنهم مستهدفون في عقولهم وأجسادهم لإتلافها بالمسكرات والمخدرات، وما تكشفه دوائر الجمارك والأمن كل يوم من تهريب المخدرات وترويجها بين الشباب والفتيات بكميات ضخمة جدا؛ ليدل على أن جهودا دولية جبارة تبذل في هذا السبيل. والإجازة مرتع خصب لمروجي المخدرات والمسكرات ينشرونها بينهم في استراحاتهم، وأماكن تجمعهم.





وقبل تسعين سنة عقد كبير المنصرين في وقته زويمر مؤتمرا يخاطب فيه المنصرين الذين يستهدفون شباب المسلمين وفتياتهم فكان مما قال فيه: ((إنكم أعددتم نشئاً في ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقا لما أراد له الاستعمار، لا يهتم بالعظائم، ويحب الراحة والكسل، ولا يصرف همه في دنياه إلا في الشهوات، فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإن تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات)) . انتهى كلامه أخزاه الله تعالى.





إن ثروة الأمة التي لا تقدر بثمن، ولا يمكن تعويض خسارتها أبدا هم شبابها وفتياتها، وماذا تفيد البُنى التحتية، وازدهار الاقتصاد، وتدفق النعم، وكثرة البناء والعمران إذا تم استلاب عقول الشباب والفتيات، وصرفهم عن قضايا أمتهم إلى سفاسف الأمور ورذائل الأخلاق، وإغراقهم بالشهوات المحرمة، وحينها يكونون عبئا على أسرهم وعلى مجتمعاتهم وعلى الأمة جمعاء.





وإن أعظم استثمار يستثمره الرجل في حياته هو استثماره في أبنائه وبناته.. في القرب منهم، والقيام عليهم، وتحسس مشاكلهم، وإشباع حاجاتهم.. وإلا فتنمية الأموال، وكثرة العقار لن تجدي شيئا إذا ما فقد الرجل أولاده، أو أحس بعدم انتمائهم إليه، وبعدهم عنه.





فأولوا مرحلة الشباب عنايتكم، واتقوا الله تعالى فيهم، أدبوهم أحسن تأديب، وربوهم على الإيمان والقرآن، وازرعوا فيهم مكارم الأخلاق، وعاملوهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاملهم؛ فإنكم إن فعلتم ذلك وجدتم نفعهم في دنياكم، ويصلكم دعاؤهم لكم بعد مماتكم،وإذا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلا من ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو له كما جاء في الحديث.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 77.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.03 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]