|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المفطرات د. عبد الله محمد عبد الله المستشار بمحكمة التمييز الكويتية سابقًا المفطرات توطئة ومدخل : فرض الله على المسلمين أن يصوموا شهر رمضان في آيات بينات من كتابه العزيز ، فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} . ( البقرة : 183-185 ) والمتأمل في هذه الآيات الكريمة يخرج بحصيلة نافعة من الفوائد ، فقد مهد الله سبحانه وتعالى أن لهذه الفريضة تفضلًا منه وتطييبًا للنفوس وترغيبًا لها ، بأن الصوم قد فرض - على جميع الأمم من لدن آدم إلى خاتم النبيين ، وقرن ذلك بذكر الحكمة من إيجابه ، فقال : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } وتقوى القلوب مطلب عزيز ، فإنها رأس الحكمة ومشكاة الحياة الفاضلة وينبوع الإشراقات الإلهية ، ومطمئن النفوس البشرية ، من وصل إليها فقد وصل إلى أصل كل خير ، وسبب كل نعمة مادية وأدبية ، فإذا كان الصوم من العوامل التي تؤدي إلى هذه الفضيلة السامية وهي التقوى وجب أن يعنى المؤمنون بشأنه ، وأن يهتموا بأمره ، وأن يقوموا بحقه ، ويؤدوه على وجهه . أمَّا أن الصوم كان مفروضًا على جميع الأمم ، فقد أظهرته البحوث الاستقرائية للأديان في هذه العصور المتأخرة ، وقد كان الناس عند نزول القرآن لا يعرفون من تاريخ العالم إلا ما كان بينهم وبينه اتصال ، وكانت أكثر أقطار الأرض مجهولة لديهم ، فتصريح القرآن بأن الصيام كان مفروضًا على الأمم السابقة كافة فيه إعجاز علمي ظاهر ليس يخفى على أحد . فالمصريون القدماء والصينيون والهنود يعتبرون من أقدم الأمم وجودًا ، كانوا يصومون في جميع أعيادهم ، وكان الصينيون يقومون بالصيام تعبدًا ويوجبونه على أنفسهم تحفظًا من شرور الفتن ، وقد علم أن البراهمة كانوا ولا يزالون من أشد الأمم مراعاة للصيام . أما اليونانيون القدماء والرومانيون فقد كانوا كغيرهم يعتدون بأمر الصيام ويأتونه دفعًا للنكبات الاجتماعية. تخفيف الإسلام للشدة المتوقعة من الصوم : إن من الناس من يتفق أن يكون مريضًا في شهر رمضان أو أن يكون على سفر ، والسفر قطعة من العذاب ، ومن الناس من يكون شيخا كبيرًا طاعنًا في السن هرمًا يضره الإمساك عن الطعام ، ومن النساء من تكون طامثًا أو نفساء ، فاقتضت حكمة الله ورحمته أن يخفف وطأة الصيام عن هؤلاء ، فقال تعالى : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } . ( البقرة : 184) أي : من كان مريضًا أو مسافرًا فعليه أن يفطر أيام مرضه أو سفره ، ويصوم بدلًا أيامًا أخرى في غير رمضان في حال صحته أو إقامته. قال العلماء : هذا على سبيل الرخصة ، وقال داود الظاهري : بل على سبيل الوجوب ، وقد تابع في ذلك رأي أبي هريرة ، وقال القرطبي : للمريض حالتان : إحداهما : ألا يطيق الصوم ، فعليه الفطر واجبًا . والثانية : أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة ، فهذا يستحب له الفطر ولا يصوم إلا جاهل 1 آراء العلماء في قوله تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ } (البقرة : 184) : اختلف العلماء في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة ، فقيل : إنها منسوخة وإنما كانت رخصة عند ابتداء فرض الصيام ؛ لأنه شق عليهم ، فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم وهو يطيقه ، ثم نسخ ذلك - وهذا قول الجمهور - حكاه الشوكاني ، وقال : وروي عن بعض أهل العلم أنها لم تنسخ ، وأنها رخصة للشيوخ والعجائز خاصة إذا كانوا لا يطيقون الصيام إلا بمشقة . وكان الناسخ عند من قال بالنسخ قوله تعالى : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } . ( البقرة : 185) وهذا يتفق مع الحكمة العالية التي اتبعها الإسلام وهي عدم مفاجأة النفوس بالتكاليف ، ولكن بالتدرج فيها حتى تألفها . روى البخاري : وقال ابن نمير حدثنا الأعمش حدثنا عمرو بن مرة حدثنا ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك ، فنسختها { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ } . [البقرة : 184] 2 وروى الطبري في تفسيره ، قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة ، قال : حدثنا أصحابنا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا غير فريضة ، قال : ثم نزل صيام رمضان ، قال : وكانوا قومًا لم يتعودوا الصيام ، قال : وكان يشتد عليهم الصوم ، قال : فكان من لم يصم أطعم مسكينًا ، ثم نزلت هذه الآية { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ( البقرة : 185) فكانت الرخصة للمريض والمسافر ، وأمرنا بالصيام . (2) تفسير الطبري : 2/ 132 ، 133 المفطرات : الشريعة الإسلامية مبنية على اليسر والرحمة ، ولم يقصد بتكاليفه عنتًا ولا إرهاقًا ، قال تعالى : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } [ البقرة :184] ، وقال : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ } (البقرة : 286) وعلى سنن من هذين النصين وغيرهما من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الصوم لا يجب إلا على من تكاملت فيه شروط؛ وهو أن يكون مقيمًا سليمًا قادرًا على الصوم دون ضرر يلحقه أو مشقة ترهقه ، أما من كان مريضًا أو مسافرًا فإنه قد أبيح له الإفطار مع وجوب القضاء عند الصحة والإقامة ، كما قال تعالى : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } . ( البقرة : 184) وكذلك من يشق عليه الصوم لسبب لا يرجى زواله ، ومنه الشيخوخة والمرض المزمن , والحمل والإرضاع المتواليان إذا خيف على الحامل والمرضع أو الرضيع ، فقد أبيح لهؤلاء وأمثالهم الإفطار دون قضاء ، واكتفى الشارع منهم أن يطعموا بدلًا عن كل يوم مسكينا كما قال تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } ( البقرة : 184) فالفدية لا تكون إلا بدلًا عن فائت ، والإطاقة لا يعبر بها عن اليسر والسهولة ، فلا يقال : فلان يطيق حمل التفاحة ، وإنما يقال يطيق حمل هذه الصخرة ، وإذن فهي تدل على العسر ومشقة الاحتمال . 3 معنى المفطرات و المقصود منها : يقال أفطر الصائم : تناول الطعام بعد صيامه ، وفطَّر الصائم : جعله يفطر . 4 والمعنى الشرعي لها مقارب للمعنى اللغوي ولا يختلف عنه ؛ لأن الذي يجرح الصوم هو كل ما يتنافى ومعنى الصيام ، سواء جاء من قبل الصائم نفسه وهو المعنى المفهوم من اللفظ (أفطر) أو من قبل الغير كالإكراه ونحوه وهو المعنى المستفاد من لفظة ( فطَّر) بالتشديد. والفقهاء بينوا أن كل ما يتنافى ومعنى الصيام مفسد للصوم ، وذلك يرجع الحالات الآتية : أ- تناول الطعام والشراب عمدًا والقيء عمدًا والحيض و النفاس والاستمناء والجماع ، وهذه المفسدات منها ما يوجب القضاء دون الكفارة وهي ما عدا الأخير ، ومنها ما يوجب القضاء والكفارة وهو الجماع . 5 ومما يتعلق بإفساد الصوم الإثم إذا أُفسد بغير عذر ؛ لأن إبطال الطاعة من غير عذر حرام لقوله تعالى : { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } . (محمد : 33) أما إذا أفسد الصوم بعذر فلا يأثم . 6 وأما الأعذار المسقطة للإثم والمؤاخذة فهي : أ- المرض : ب- وحدُّوه بأنه كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة من علة . 7 وقال في بدائع الصنائع : هو الذي يخاف أن يزداد بالصوم . 8 وذكر عن الكرخي : أن المرض الذي يبيح الإفطار هو ما يخاف منه الموت أو زيادة العلة ، كائنًا ما كانت العلة . وذكر عن أبي حنيفة أنه إن كان بحال يباح له أداء صلاة الفرض قاعدًا فلا بأس بأنه يفطر . 9 وقال الكاساني : " والمبيح المطلق بل الموجب هو الذي يخاف منه الهلاك ؛ لأن فيه إلقاء النفس إلى التهلكة ، لا لإقامة حق الله تعالى وهو الوجوب ، والوجوب لا يبقى في هذه الحالة وأنه حرام ، فكان الإفطار مباحًا بل واجبا " . 10 ونقل القرافي آراء طائفة من العلماء في بيان حد المرض المبيح للفطر ، فنقل عن ابن سيرين قوله : متى حصل الإنسان في حال يستحق بها اسم المرض صح الفطر ، قياسًا على المسافر لعلة السفر ، وإن لم تدع إلى الفطر ضرورة . 11 قال طريف بن تمام العطاردي : دخلت على محمد بن سيرين في رمضان وهو يأكل ، فلما فرغ قال : إنه وجعت أصبعي هذه . وقال جمهور من العلماء : إذا كان به مرض يؤلمه ويؤذيه أو يخاف تماديه أو يخاف تزيده صح له الفطر ، قال ابن عطية : وهذا مذهب حذاق أصحاب مالك وبه يناظرون . 12 وقال : وأما لفظ مالك : فهو المرض الذي يشق على المرء ويبلغ به. وقال ابن خويز منداد : واختلفت الرواية عن مالك في المرض المبيح للفطر ، فقال مرة : هو خوف التلف في الصيام. وقال مرة : شدة المرض والزيادة فيه والمشقة الفادحة. وهذا صحيح مذهبه وهو مقتضى الظاهر ، لأنه لم يخص مرضًا من مرض ، فهو مباح في كل مرض إلا ما خصه الدليل من الصداع والحمى والمرض اليسير الذي لا كلفة معه في الصيام. وبعد أن سرد أقوال طائفة من العلماء قال : قلت : قول ابن سيرين أعدل شيء في هذا الباب إن شاء الله تعالى . ونقل عن البخاري قال : اعتللت بنيسابور علة خفيفة وذلك في شهر رمضان ، فعادني إسحاق بن راهويه في نفر من أصحابه فقال لي : أفطرت يا أبا عبد الله ؟ فقلت : نعم. فقال : خشيت أن تضعف عن قبول الرخصة . قلت : حدثنا عيدان عن ابن المبارك عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : من أي المرض أُفطر؟ قال : من أي مرض كان كما قال الله تعالى { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا } . قال البخاري : وهذا الحديث لم يكن عند إسحاق . 133 ويرى الطبري أن المرض الذي أذن الله تعالى ذكره بالإفطار معه في شهر رمضان من كان الصوم جاهده جهدًا غير محتمل ، فكل من كان كذلك فله الإفطار وقضاء عدة من أيام أخر ، وذلك أنه إذا بلغ ذلك الأمر ، فإن لم يكن مأذونًا له في الإفطار فقد كلف عسرًا أو منع يسرًا ، وذلك غير الذي أخبر الله أنه أراده بخلقه بقوله : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } ( البقرة : 185) ، وأما من كان الصوم غير جاهده ، فهو بمعنى الصحيح الذي يطيق الصوم فعليه أداء فرضه 14 وقال الشافعية : شرط إباحة الفطر للمريض العاجز عن الصوم أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها ، وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة ، لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا ، خلافًا لأهل الظاهر. وقالوا : المرض المجوز للفطر إن كان مطبقًا فله ترك النية بالليل ، وإن كان يحم وينقطع ووقت الحمّى لا يقدر على الصوم ، وإذا لم تكن حمى يقدر عليه ، فإن كان محمومًا وقت الشروع في الصوم فله ترك النية ، وإلا فعليه أن ينوي من الليل ، ثم إن عاد المرض واحتاج إلى الفطر أفطر . 15وعند الحنابلة ، قالوا : المرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه ، وقيل لأحمد : متى يفطر المريض ؟ قال : إذا لم يستطع . قيل : مثل الحمى ؟ قال : وأي مرض أشد من الحمى ؟ قال : وحكي عن بعض السلف : أنه أباح الفطر بكل مرض حتى من وجع الأصبع والضرس لعموم الآية فيه , 16 وهو ما ذكرناه عن ابن سيرين . الرأي المختار : إذا كان المرض يشق معه الصوم على المريض أو يحتاج إلى تعاطي الدواء أثناء النهار فالفطر أولى ، وإن كان غير ذلك فالصوم أفضل ، المرد في ذلك إلى الطبيب المعالج الثقة . ويتعلق بالمرض مسألتان : الأولى : وهي إن صام المريض هل يجزيه صومه عن فرضه أم لا ؟ يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |