تربية الأخلاق - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 1102 )           »          خمس عشرة فائدة في الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          وقفات قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 10957 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 48 - عددالزوار : 11848 )           »          حفر قناة السويس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 10 )           »          وِرْدُ الخَيْر أدعيةٌ وأذكار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مع نبيين : هارون وموسى عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ضوابط العمل .. الاخلاص ، والموافقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          فلسفة حجاب المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-01-2020, 05:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,223
الدولة : Egypt
افتراضي تربية الأخلاق

تربية الأخلاق














الشيخ أبو الوفاء محمد درويش




"ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما وقر في القلب، وصدقه العمل" كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أعلم الناس بحقائق الإيمان، وأصدقهم قولاً في شعائره وحدوده؛ وأصدقهم حديثاً عن القلوب، ومواقع الإيمان فيها، ومكان اليقين منها.







الإيمان ما استقر في القلب، وثبت في صميمه، وتغلغل في أطوائه، ورسخ في سويدائه، وسرى نوره وحرارته مع الدم إلى الجوارح، فانبعثت تعمل ما تدعي إلى عمله. كالكهرباء بعثها مولداتها؛ فتسير في أسلاكها، وتأتي ما يراد منها؛ من إضاءة مصابيح، وتحريك آلات، وتدفئة حجرات، ونقل أصوات، وتسيير مركبات، وما إلى ذلك من أعمالها الرائعة، وآثارها النافعة، فما دام تيار الكهرباء يمد هذه الآلات فلن تقصر في أداء عملها، ولن تعصي لمسخرها أمراً.







وكذلك الإيمان إذا امتلأ به القلب، وأملى على الجوارح إرادته فلن تفتر عن تلبية ندائه، ولن تني في العمل على تنفيذ إرادته.







والخلق الكريم من مقتضيات الإيمان، وهو ملكة في النفس يصدر عنها سلوك يرضاه الدين.







والملكات الإنسانية كلها تكتسب بكثرة المزاولة، وطول أمد المران.







وما زال الناس يحاولون كسب المهارة في الأمور الجسمية، بالمزاولة الكثيرة، والممارسة الطويلة منذ عرفوا أن المهارة في كل عمل ثمرة التدرب عليه.







فالذي يحاول أن يكون فارساً يتدرب على ركوب الخيل كلما سنحت له الفرصة حتى.... له قيادها وتذل له صوانها. والذي يريد ن يكون رامياً يتدرب على التصويب كلما تيسير له ذلك حتى يتسنى له إصابة الهدف، وشك الغرض، وإصماء الرمية.







والذي يبغي أن يكون سائقاً للسيارة، أو الطيارة ينفق ما يملك من جهد في سبيل إتقان هذه المهنة.







والحداد والنجار والنساج والصائغ والرسام، والمثّال والموسيقار وغيرهم من ذوي الحرف والصناعات في ذلك سواء، لا تستوي لهم فنونهم، ولا تتسق لهم المهارة ولا يتم لهم الحذق إلا بعد تدريب يطول أمده، ومران يبعد مداه.







وأصحاب الصناعات اللسانية والذهنية كذلك، فالشاعر والخطيب، والكاتب والحاسب وأمثالهم لا يتم لهم حظهم من الإجادة في هذه الفنون إلا إذا أوسعوها مزاولة وأطالوا أمد المران عليها.







وليس كسب الخلق أقل احتياجاً إلى الدربة والمران من كسب المهارة في هذه الفنون.







وليس مجرد العلم بفضل الخلق الكريم، وثمرته الطيبة، ودعوة الشارع إليه، وحض الدين عليه، كافياً في كسبه والتحلي بحليته، فما أكثر الذين يعملون! وما أكثر الذين يستظهرون آيات الكتاب الكريم؛ والسنة المطهرة، وأقوال الحكماء التي تدعو إلى الفضيلة، وتنهى عن الرذيلة؛ وما أكثر الذين يتكلمون في مزايا الأخلاق الفاضلة، ويصفون جمال الفضائل، وقبح الرذائل. ولكن العاملين قليل.







ومن نكد الدنيا أننا نرى أكثر الناس حديثاً عن الفضيلة أقل الناس استمساكاً بها، وتعلقاً بأذيالها، وأكثرهم تفريطاً في جنبها؛ وبعداً عن حماها.







كسب الخلق الكريم يفتقر إلى مران ومزاولة ودربة، فالذي يريد أن يكسب فضيلة الصدق في القول لا يبلغ هذه المكانة السامية إلا إذا راقب نفسه مراقبة صارمة لوم يبح للسانه أن ينطق بالكذب في جد ولا هزل، وهزم جميع المغريات التي تدفع إلى الكذب؛ وانتصر على جميع البواعث التي تحرّض عليه، حتى في أحرج الأوقات؛ وأقسى الظروف، وأدعاها إلى الفتنة. فإن فعل فقد ظفر بكسب هذا الخلق النبيل، وكتب عند الله صديقاً.







وقس على ذلك سائر الفضائل عن الأمانة، والشجاعة؛ والصراحة، والعفة، والقناعة والكرم، والصبر؛ والحلم، والعفو، والإخلاص، والوفاء، والإيثار، والمروءة، والاستقامة، وغيرها من شيم الخير، وخصال الكمال.












الحلال بين، والحرام بين، والفضائل لا تكاد تخفى على أحد؛ والناس لا يمتاز بعضهم من بعض بالعلم بها؛ ولكن بالعمل.







والمربون والمرشدون لا يملكون إلا الإرشاد؛ والدعوة، والنصح؛ وتيسير السبيل، أما كسب الفضيلة فذلك عمل العاقل الذي يبغي الخير، ويحرص على قدس النفس، وطهارة القلب، ورضا الله، والانتظام في سمط المؤمنين الصادقين، والائتساء بالنبيين والصديقين.












ما أشد عجبي للإنسان الذي يقبل على جسمه الفاني فيدربه، ويحسن تدريبه على ما تصلح به الدنيا، ويكسب به العيش، ثم يدع النفس فلا يمرنها على ما تصلح به الآخرة، ويكسبه السعادة الأبدية في دار الكرامة.







قال الله تعالى في كتابه الكريم ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17]، وقال تعالى ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ﴾ [مريم: 76]، فدل بهذا القول الحكيم على أن الإنسان إذا سلك سبيل الهداية، ولزم جادة الفضيلة أعانه الله على أمره؛ وتولاه بالتوفيق، وآتاه من لدنه رحمة، وهيأ له من أمره رشداً.












فطر الله الإنسان، وجعل نفسه منطوية على أصول الفضائل وبذور الأخلاق الكريمة جميعاً.







وهذه البذور كبذور النبات لا تنموا إلا بالرعاية والعناية والتعاهد بالسقي، وتوفير الضوء والحرارة، واقتلاع الحشائش الطفيلية التي تشاركها غذاءها، وتعدو عليها.







فربوا هذه الفضائل كما تربون الفسائل، وكما تربون فراخ الطيور، وصغار الحيوان.







حوطوها بالرعاية والعناية، غذوها بالعلم بالنافع من كلام الله ورسوله، أرسلوا إليها شعاعاً من اليقين، وجذوة من حرارة الإيمان، وضياء من ذكر الله تعالى والصلاة والتسليم على نبيه الأمين؛ وقبساً من تذكر خلقه العظيم وشمائله النبيلة.







انتزعوا ما يشاركها من الرذائل التي يحاول الشيطان أن يغرسها بينها، لتتغلب عليها فتذوي فروعها، وتذبل عروقها، ثم تجف وتموت.







ربوا في أنفسكم غراس الرحمن، وانتزعوا غراس الشيطان.







ربوا الفضائل بطول المجاهدة، وشدة المراقبة، وفرط الحرص على طاعة الله ورسوله، والاستمساك بالعروة الوثقى لا انفصام لها. والاعتصام بحبل الله الذي لا يضل من اعتصم به.







ليست الأخلاق الكريمة حظوظاً تمنح عفواً، أو هبات تأتي بها الأقدار صفواً إنما هي ثمار المجاهدة والمران والكسب.







والإيمان الذي يقر في القلب هو جماع الفضائل كلها؛ فإذا قوى الإيمان دفع إلى كسب الفضائل، فبدت على صاحبها واضحة رائعة، وإن ضعف الإيمان أعوزته القوة التي تدفعه إلى كسبها.







قووا إيمانكم تقو بقوته أنفسكم؛ وتجد في كسب الفضائل.







فضائل الإنسان وأخلاقه وأعماله دليل إيمانه؛ وشاهده المصدق له، وإذا قوى الإيمان كان القليل من العمل كافياً شافياً. وفي الأثر "لم يفضلكم أبوبكر بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في القلب".







ولا جرم أن الشيء الذي وقر في القلب إنما هو الإيمان القوي الثابت الذي لا يتزعزع.







نسأل الله أن يوفقنا إلى ما يقوي إيماننا ويصلح نفوسنا ويهذب أخلاقنا. ونبتهل إليه أن يأخذ بأيدينا إلى مراشدنا ويهدينا سواء السبيل؟







المصدر: مجلة الهدي النبوي - المجلد الرابع - العدد 39 - أول صفر سنة 1359




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.84 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]