وشر الأمور محدثاتها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 130919 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-12-2019, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي وشر الأمور محدثاتها

وشر الأمور محدثاتها




الشيخ عبدالله بن محمد البصري




أَمَّا بَعدُ، فَإِنَّ أَصدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيرَ الهَديِ هَديُ مُحمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحدَثَةٍ بِدعَةٌ، وَكُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلالَةٍ في النَّارِ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
لَقَد خَلَقَ اللهُ - تَعَالى - الخَلقَ لِعِبَادَتِهِ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ ﴾ وَقَد جَعَلَ - جَلَّ وَعَلا - تِلكَ العِبَادَةِ صِرَاطًا مُستَقِيمًا، أَنعَمَ عَلَى سَالِكِيهِ بِالعِلمِ وَالعَمَلِ، وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِهِ وَالسَّيرِ عَلَيهِ، وَسَدَّ كُلَّ طَرِيقٍ لِعِبَادَتِهِ سِوَاهُ، وَذَمَّ الَّذِينَ شَرَعُوا مِنَ الدِّينِ مَا لم يَأذَنْ لَهُم بِهِ، أَو أُولَئِكَ الَّذِينَ خَالَفُوا مَا شَرَعَهُ لَهُم مِن أُمُورِ دِينِهِم، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الشورى: 21] وَإِنَّ مِن رَحمَتِهِ - تَعَالى - بِعِبَادِهِ أَن فَطَرَهُم عَلَى التَّوحِيدِ وَجَعَلَ قُلُوبَهُم مَحَلاًّ لِلدِّينِ الحَقِّ، وَهَيَّأَ نُفُوسَهُم لِلانقِيَادِ لِذَلِكَ بِطَبِيعَتِهَا دُونَ تَكَلُّفٍ، ثم لم يَكِلْهُم لِذَلِكَ حَتى أَرسَلَ إِلَيهِمُ الرُّسُلَ وَأَنزَلَ عَلَيهِمُ الكُتُبَ، وَبَيَّنَ لَهُمُ العِبَادَاتِ بَيَانًا شَامِلاً كَامِلاً، في أَصلِهَا وَهَيئَاتِهَا، وَفي أَنوَاعِهَا وَأَعدَادِهَا، وَفي أَسبَابِهَا وَأَمكِنَتِهَا وَأَزمِنَتِهَا، وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ اجتَالَتهُم وَأَغوَتهُم، فَحَرَّمَت عَلَيهِم مَا أَحَلَّهُ اللهُ، وَأَمَرَتهُم بِالشِّركِ بِهِ، وَزَيَّنَت لَهُمُ المَعَاصِيَ، فَجَعَلُوا يَتَهَافَتُونَ في حُفَرِ الهَوَى وَيَتَقَحَّمُونَ في مُستَنقَعَاتِ الضَّلالِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَروِيهِ عَن رَبِّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: "إِنِّي خَلَقتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُم، وَإِنَّهُم أتَتهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجتَالَتهُم عَن دِينِهِم، وَحَرَّمَت عَلَيهِم مَا أحلَلتُ لَهُم، وَأمَرَتهُم أن يُشرِكُوا بي مَا لم أُنَزِّلْ بِهِ سُلطَانًا" أَخرَجَهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا مِن مَولُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الفِطرَةِ، فَأَبوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو يُنَصِّرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمعَاءَ، هَل تُحِسُّونَ فِيهَا مِن جَدعَاءَ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَلَقَد أَكمَلَ - سُبحَانَهُ - لِهَذِهِ الأُمَّةِ دِينَهَا وَأَتَمَّ عَلَيهِم بِهِ النِّعمَةَ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ وَلا يَنجُو مِنَ النَّارِ إِلاَّ مَنِ اعتَصَمَ بِالإِسلامِ وَتَمَسَّكَ بِهِ، وَلم يَقبِضِ اللهُ - تَعَالى - نَبِيَّهُ إِلَيهِ، إِلاَّ بَعدَ أَن بَلَّغَ البَلاغَ المُبِينَ، وَبَيَّنَ لِلأُمَّةِ كُلَّ مَا يُقَرِّبُهَا إِلى الجَنَّةِ وَيُبَاعِدُهَا مِنَ النَّارِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلاَمَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دِينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ بَلَى مَن أَسلَمَ وَجهَهُ للهِ وَهُوَ مُحسِنٌ فَلَهُ أَجرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُونَ ﴾ [البقرة: 112] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا بَعَثَ اللهُ مِن نَبيٍّ إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيهِ أَن يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيرِ مَا يَعلَمُهُ لَهُم، وَيُنذِرَهُم شَرَّ مَا يَعلَمُهُ لَهُم" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ أَيَّ إِحدَاثٍ لِعِبَادَةٍ لَيسَ لَهَا أَصلٌ في الشَّرعِ، أَو زِيَادَةٍ عَلَى عِبَادَةٍ مَشرُوعَةٍ بما لَيسَ مِنهَا، أَو تَغيِيرٍ في صِفَةِ عِبَادَةٍ بِأَن تُؤَدَّى عَلَى غَيرِ صِفَتِهَا المَشرُوعَةِ، أَو تَخصِيصِ وَقتٍ أَو مَكَانٍ لِلعِبَادَةِ لم يُخَصِّصْهُ الشَّرعُ، إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَمِمَّا يُحبِطُ العَمَلَ وَيُوجِبُ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَعَدَمَ قَبُولِهِ، يَفهَمُ ذَلِكَ حَقَّ الفَهمِ وَيُوقِنُ بِهِ تَمَامَ اليَقِينِ، مَن فَقِهَ شَهَادَةَ الحَقِّ الَّتي يُرَدِّدُهَا كُلَّ يَومٍ، وَكَانَ عَالِمًا بِمَعنَاهَا وَمُقتَضَاهَا، مُؤمِنًا بها عَامِلاً بما تَدُلُّ عَلَيهِ، مِن كَونِ العِبَادَةِ لا تَصِحُّ وَلا تُقبَلُ عِندَ اللهِ وَلا يُؤجَرُ عَلَيهَا صَاحِبُهَا، إِلاَّ بِتَحَقُّقِ شَرطَينِ رَئِيسَينِ: الإِخلاصُ للهِ - تَعَالى - وَمُتَابَعَةُ نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعبُدُوا اللهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَن أَحدَثَ في أمرِنَا هَذَا مَا لَيسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

فَلا دِينَ إِلاَّ مَا شَرَعَهُ اللهُ وَجَاءَ بِهِ رَسُولُهُ، وَلا عِبَادَةَ مَقبُولَةً إِلاَّ مَا كَانَت خَالِصَةً لِوَجهِهِ مُبتَغًى بها مَا عِندَهُ، وَمَا كَانَ بَعدُ مِن مُحَاوَلَةٍ لِلزِّيَادَةِ في الدِّينِ بَعدَ كَمَالِهِ، أَو فِعلٍ لأَمرٍ عَلَى وَجهِ التَّعَبُّدِ، أو استِحسَانٍ لِفِعلٍ عَلَى سَبِيلِ التَّقَرُّبِ، وَلم يَكُنْ لَهُ أَصلٌ في الشَّرعِ المُطَهَّرِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ ابتِدَاعٌ في الدِّينِ وَتَشرِيعٌ لِمَا لم يَأذَنْ بِهِ اللهُ، وَلَمَّا كَانَ الأَمرُ كَذَلِكَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - كَانَ لِزَامًا عَلَى الأُمَّةِ أَن تَتَمَسَّكَ بِالوَحيَينِ العَظِيمَينِ، وَتَعَضَّ بِالنَّوَاجِذِ عَلَى المَصدَرَينِ الثَّابِتَينِ، وَلا تَنهَلَ إِلاَّ مِن ذَينِكَ النَّبعَينِ الصَّافِيَينِ، إِذْ هُمَا طَرِيقُ سَعَادَتِهَا الأَبَدِيَّةِ، وَسَبِيلُ نَجَاتِهَا في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ. قَالَ - تَعَالى -: ﴿ قُل أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوا فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 32] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولى الأمرِ مِنكُم ﴾ [النساء: 59] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَلْيَحذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلاَ مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "تَرَكتُ فِيكُم شَيئَينِ لَن تَضِلُّوا بَعدَهُمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتي، وَلَن يَتَفَرَّقَا حَتى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوضَ" رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَتَمَسَّكُوا بِالدِّينِ الحَقِّ وَخُذُوا عَنِ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ الصَّادِقِينَ، وَاتَّبِعُوا وَلا تَبتَدِعُوا، وَتَمَسَّكُوا بِالسُّنَّةِ وَإِنْ تَرَكَهَا النَّاسُ، وَاغلُوهَا وَإِنْ أَرخَصُوهَا، وَدَافِعُوا عَنهَا وَاصبِرُوا عَلَى الأَذَى في ذَلِكَ، وَاحذَرُوا الجَهلَ بِأَحكَامِ الدِّينِ وَاتِّبَاعِ الهَوَى وَالمُضِلِّينَ، أَوِ التَّعَصُّبَ لِرَأيِ مَن لا يَعقِلُونَ، فَقَد حَذَّرَكُم - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن ذَلِكَ فَقَالَ: " وَإِنَّهُ مَن يَعِشْ مِنكُم فَسَيَرَى اختِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيكُم بِسُنَّتي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُم وَمُحدَثَاتِ الأمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَةٌ " أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَإِنْ لم يَستَجِيبُوا لَكَ فَاعلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهوَاءَهُم وَمَن أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيرِ هُدًى مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهدِي القَومَ الظَّالمِينَ ﴾ [القصص: 50] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَل نَتَّبِعُ مَا أَلفَينَا عَلَيهِ آبَاءَنَا أَوَلَو كَانَ آبَاؤُهُم لا يَعقِلُونَ شَيئًا وَلا يَهتَدُونَ ﴾ [البقرة: 170، 171] اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ الثَّبَاتَ في الأَمرِ، وَالعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشدِ، وَنَسأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغفِرَتِكَ، وَنَسأَلُكَ شُكرَ نِعمَتِكَ وَحُسنَ عِبَادَتِكَ، وَنَسأَلُكَ قَلبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا، وَنَسأَلُكَ مِن خَيرِ مَا تَعلَمُ وَنَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا تَعلَمُ، وَنَستَغفِرُكَ لما تَعلَمُ؛ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ.

أَمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاتَّبِعُوا وَلا تَبتَدِعُوا، وَاحمَدُوا اللهَ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيكُم في هَذِهِ البِلادِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالسُّنَنِ وَنَبذِ البِدَعِ، وَاحذَرُوا الاغتِرَارَ بما قَد تَنشُرُهُ بَعضُ وَسَائِلِ الإِعلامِ أَو تَنقُلُهُ وَتُرَوِّجُ لَهُ، مِنَ البِدَعِ المُنتَشِرَةِ في شَرقِ العَالَمِ أَو غَربِهِ، كَمِثلِ بِدعَةٍ الاحتِفَالِ بِالمَولِدِ النَّبَوِيِّ، وَالَّتي يَزعُمُ أَصحَابُهَا أَنَّهُم يَفعَلُونَهَا حُبًّا لِنَبِيِّنَا - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أَو تَذَكُّرًا لَهُ أَو إِحيَاءً لِسِيرَتِهِ، وَاللهُ يَعلَمُ إِنَّهُم لَكَاذِبُونَ فِيمَا يَدَّعُونَ، إِذْ لَيسَ في الدِّينِ بِدعَةٌ حَسَنَةٌ، بَلِ البِدَعُ وَالمُحدَثَاتُ كُلُّهَا سَيِّئَةٌ وَكُلُّها ضَلالَةٌ، وَحُسنُ المَقَاصِدِ لا يُبِيحُ فِعلَ البِدَعِ، وَمَا أَحدَثَ قَومٌ بِدعَةً إِلاَّ رُفِعَت مَكَانَهَا سُنَّةٌ.

وَإِنَّ أَعظَمَ الذُّنُوبِ وَأَظلَمَ الظُّلمِ وَهُوَ الشِّركُ بِاللهِ، إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى النَّاسِ أَوَّلَ مَا دَخَلَ بِسَبَبِ الغُلُوِّ في الأَنبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، إِذْ صَوَّرَهُمُ النَّاسُ لِيَتَذَكَّرُوا بِهِمُ العِبَادَةَ، ثم لم يَلبَثُوا حَتى صَيَّرُوا قُبُورَهُم أَوثَانًا يَعبُدُونَهَا مِن دُونِ اللهِ، وَكُلُّ مُؤمِنٍ صَادِقِ الإِيمَانِ، مُحِبٍّ لِلنَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَكمَلَ الحُبِّ مُوَقِّرٍ لَهُ تَمَامَ التَّوقِيرِ، فَإِنَّهُ يَعلَمُ أَنَّهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - نَهَى أَشَدَّ النَّهيِ عَنِ الغُلُوِّ فِيهِ، وَحَذَّرَ من إِطرَائِهِ وَمَدحِهِ بِهَذِهِ البِدَعِ وَذَمَّ فَاعِلِيهِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "لا تُطرُوني كَمَا أَطرَتِ النَّصَارَى ابنَ مَريَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبدٌ فَقُولُوا: عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَاحذَرُوا البِدَعَ وَالمُحدَثَاتِ وَالمُنكَرَاتِ، وَتَأَمَّلُوا في هَذِهِ الدِّمَاءِ المَسفُوكَةِ وَالأَعرَاضِ المُنتَهَكَةِ، وَالأَموَالِ المَسرُوقَةِ وَالأَنسَابِ المُختَلِطَةِ، وَالمَصَائبِ وَالمُشكِلاتِ الَّتي يَعُجُّ بها عَالَمُ اليَومِ رُغمَ مَا هُوَ عَلَيهِ مِن تَقَدُّمٍ وَمَا وَصَلَ إِلَيهِ مِن تِقنِيَةٍ وَحَضَارَةٍ، وَاعلَمُوا أَنَّ مَنشَأَ كُلِّ تِلكَ الشُّرُورِ، إِنَّمَا هُوَ تِلكَ البِدَعُ الَّتي لم تَزِدْ أَصحَابَهَا إِلاَّ خُبثًا في أَروَاحِهِم وَظُلمَةً في نُفُوسِهِم وَفَسَادًا في أَخلاقِهِم، والكُفرُ بِاللهِ وَالصَّدُّ عَن سَبِيلِهِ، وَمُنَازَعَتُهُ في حَقِّهِ في التَّشرِيعِ وَالأَمرِ ﴿ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُم لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ فَاعبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام: 102] فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَاعمَلُوا صَالحًا ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110] ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 31، 32].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.04 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]