|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التحذير من أكل المال بالباطل الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمد لله الذي أحلَّ لنا الحلال، وحرَّم علينا الحرام، وبيَّن لنا الطُّرق السليمة في اكتِساب الأموال، وأمرنا بعمل الأسباب والأكل من رِزقه الحلال، أحمَدُه - سبحانه - وأشكُره، وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله، اتَّقوا الله -تعالى- واعلَموا أنَّ الكثير اليوم قد وقَع فيما نُهِي عنه في اكتِساب الأموال، وأصبح همُّه الحصول عليه لا يُبالي بحَلالٍ أم بحَرام، فالحلال عِندَه ما حلَّ بيده وقدر على الحصول عليه، ولو بالادِّعاءات الباطلة والتَّضليل على الآخَرين، ومن ذلك ما يَحتال به بعض الناس بادِّعاء وضْع اليد أو تملُّك أرضٍ من الأراضي الصحراويَّة عندما يعلَم إنَّه مرَّ بها أو سيمرُّ بها مشروعٌ من المشروعات العامَّة التي تعمَلُها الدولة - وفَّقها الله لصالح الإسلام والمسلمين - تعمَلها مصلحة عامَّة لأمَّتها ومواطنيها، فيعترض فردٌ أو أفرادٌ بأنَّ المشروع مرَّ بأرضه، فيحاول عرقلة المشروع، ويشغل المسؤولين بالرفع والمداعاة من أجل أنْ يحصل على مادَّةٍ من بيت مال المسلمين، ويرى أنَّها حلالٌ له، وهو يعلم يقينًا أنَّها ليست حَلالًا له، ولكن يهمُّه الحصول عليها ولو كانت حَرامًا، ولم يدرِ ضعيفُ الإيمان إنَّه قد جمَع بين المكر والخِداع والتحيل وأكْل مال المسلمين بالباطل، نعم؛ أكل مال المسلمين لا مال مسلم واحد، فالسرقة من أشخاصٍ مُتعدِّدين، والتحيُّل على أموالهم أعظم من السرقة والتحيُّل على مال شخصٍ واحد، وما يُبرر به ويسلِّي به نفسه من أنَّه مال الدولة فذلك من خِداع الشيطان وتزيينه، وما يأخُذه من بيت مال المسلمين بغير طريقٍ مشروع فهو حَرام عليه، ولو سهل له أخْذه فإنَّه أكل مال المسلمين الذي ينبغي أنْ يُصرَف في مصالحهم ومصالح دِينهم، وما يقومُ به من تعطيل وعَرقَلة لمشروعٍ إنما قام بتعطيل وعَرقَلة مصالح المسلمين. فيا عباد الله: اتَّقوا الله في أنفُسكم وفي أمَّتكم وأموالهما ومصالحها، لا تحتالوا على أموالها ومصالحها، ولا تخدَعوا أنفسكم ويخدعنَّكم الشيطان بتزيين ذلك؛ فإنَّ النفس أمَّارة بالسوء، والشيطان عدوٌّ الإنسان، ولكم غُنيَة بالطُّرق المشروعة في اكتساب الأموال وما تكسبونه بغير طريقٍ مشروع إنما هو وَبال وشَقاء، وعار ونار في الدُّنيا والآخِرة، ولن يُبارَك لكم فيه مهما زادَ ونَمَى، فمآلُه للنَّقص والخسران، يمحَق الله الرِّبا ويُربي الصدقات. ولعلَّ العاقل اللبيب الناصح لنفسه يُدرِك حالةَ الكثير من الناس اليوم ممَّن انفتَحتْ عليهم الدنيا، وانهمكوا في جمْعها، ولم يحاسبوا أنفُسَهم في ذلك، ماذا تجدهم وحالتهم؟ فهم دائمًا في تعب وشَقاء وشُغل شاغل عن طاعة الله، وعن حقِّ النفس والأهل والولد، وفي قلقٍ وخوف واضطرابٍ يخاف على ذَهاب ونَفاد ما حصل عليه ويسعى ويتطلَّع إلى ما لم يحصل عليه فيحمله الشَّرَهُ والطَّمَع على الوُقوع فيما حُرِّمَ عليه، ولم يَدْرِ المسكين أنَّه المحاسَب عليه. فورقه وزهره وثمره لغيره، وتعَبه وآلامه وشوكه عليه، حتى ولو كان ما حصل عليه أرضًا مَدَّ البصر في طُولها وعَرضها، ورغب في أنْ يُدفَن فيها بعد موته ما حصل له منها ذِراع في طوله يُدفَن فيه، بل سيقول ورثته: أصبح مالنا لا ماله، ادفِنوه في المقبرة بعيدًا عنَّا لا يروعنا ويقلق راحتنا، فما أضعف عقل وإيمان مَن يسعى فيما يضرُّه وينفع غيره، وفي إمكانه أنْ يسعى فيما ينفَعُه ولا يضرُّه وينفع غيره، فما أحوجَنا للتفكير ومحاسبة النفس، الكيِّس مَن دان نفسَه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَن أتْبع نفسَه هَواها وتمنَّى على الله الأماني. فيا عباد الله: حاسِبُوا أنفُسَكم فيما تحصلون عليه من هذه الأموال؛ سواء كانت ثابتة كالأراضي والعقارات الأخرى، أو منقولة كبقيَّة الأموال، لا تتحيَّلوا عليها بأنواع الحِيَل المحرَّمة؛ ففي الحلال غنية لكم وسلامة إذا أدَّيتُم واجبه، وما قلَّ وكفى خيرٌ مما كَثُر وألهى، ولا خيرَ في مالٍ ضرره عليك ونفعه لغيرك، تفكَّر في حالك وواقعك وما أنت عليه، ولا يخدعنَّك الشيطان؛ فإنَّه ساعٍ في هلاكك، ولم يبقَ لك إلا أنْ يُقال: مات فلان، فحِيل بينك وبين ما جمعت، فاحرِص على سَلامة ما تحصل عليه من مالٍ وأخرج واجبَه تسلمْ من عُقوبته، وأنفقْ منه في طرق الخير ما دُمتَ تستطيع ذلك تجدْ ثوابه مدَّخرًا لك، واقبَلْ قولَ مَن يريدُ لك الخير وينصَحك، واحذَر قولَ وخِداع مَن يَسعَى في مضرَّتك وهلاكك، وتذكَّر ذلك دائمًا حتى تنتَفِع بالموعظة في حَياتك، ولا تكنْ وقتيَّة ينتهي أثرُها بانتهائها؛ فإنَّ ذلك زُهدٌ في الخير، وإيثارٌ للشر، فانتَبِهوا - رحمكم الله - وتفقَّدوا أحوالكم في كلِّ زمان ومكان، فما أسعد النفوس وأطيب أوقاتها إذا طلبت الخير وأخذَتْ به، وحذرت من الشرِّ وابتعدَتْ عنه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42]. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكِيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِرُوه إنَّه هو الغفور الرحيم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |