|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بمناسبة نزول المطر الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي الحمد لله الغني الحميد الحليم الكريم الواسع المجيد يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، يرى عباده قدراته ليلجئوا إليه ويسألوه، ويبدي لطفه ليحمدوه ويشكروه، أحمده سبحانه على جزيل عطائه، وأشكره على ما صرف من عظيم بلائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعطي ويمنع ويصل ويقطع وهو لطيف بعباده، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خاتم أنبيائه المجاهد في الله حق جهاده، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.. أما بعد: أيها الناس.. اتقوا الله تعالى واحمدوه واشكروه على ما أولاكم من فضله العميم وصرف عنكم ما تكرهونه من الشدة والجدب وكل بلاء وخيم، قبل أيام قلائل كانت أرضكم قاحلة كالحة لا نبات فيها ولا كلأ، وآباركم ناشفة وزروعكم هامدة والبهائم عجاف وقد عم أكثر بلادكم الجفاف، وساور قلوب الكثير القنوط واليأس من نزول المطر، وحياة أرضكم بعد موتها، وقد أعددتم للجدب حسابه، قالي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله ليضحك منكم أزلين "قانطين" بقرب الغيث منكم، فقال رجل من باهلة يا رسول الله، أو إن ربنا ليضحك، قال: نعم، قال: فوالله لا عدمنا الخير من رب يضحك)[1]، ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6]، هب عليكم من نسيم جوده نفحة أعادت على القلوب آمالها وعلى الأرض زينتها بعد أن كانت مقفرة غبراء صارت بفضله وكرمه مزدهرة خضراء. عباد الله.. إن الله تعالى يحب من عباده إذا جدد لهم نعمة أن يجددوا له شكرًا فاشكروا الله عباد الله واحمدوه على سوابق نعمه الوافرة يزدكم بركة وفضلًا: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، عباد الله إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب، حليم كريم ينعم على العاصي والمطيع ليزداد المطيع من شكره وحده فيكون ذلك كفارة لذنوبه ويزداد العاصي شقاوة وبعدًا عن الله فيكون ذلك العطاء استدراجًا له من الله ومكرًا به، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا رأيت العبد يعطى وهو على غير تقوى لله فاعلم أنه استدراج، ثم قرأ ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44])[2]، وهو سبحانه طبيب عباده يبتلي بالضراء ليذكر، ويبدلها بالسراء ليشكر، يحبس المطر عن قوم ويصرفه إلى آخرين ليلهج إليه من صرفه عنهم بالدعاء ويلتجئ إليه، وليحمده ما أنعم به عليه ويشكره ويثني عليه، خزائنه ملأى لا تغيض مع كثرة الإنفاق، يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الفرقان: 50]، صرفه عن هؤلاء ليشكروه، فعكسوا الأمر وخالفوه، فكفروا نعمة الله ونسوه فأبى أكثر الناس إلا كفورا أي أبوا إلا أن يكفروا نعمة الله وينسبوها إلى غيره، يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، أو يقولون: مطرنا بسبب النجم الفلاني أو الفصل الفلاني أو بسبب الريح الموسمية أو الجنوبية والغربية، فبهذا القوة كفروا بنعمة الله ونسبوها إلى غيره، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة: 82] أي لما أنعم عليكم بالمطر نسبتموه إلى الأنواء والنجوم وجعلتم شكركم لله كذبًا افتريتموه على الله بنسبتكم المطر إلى النجوم، فاحذروا يا عباد الله أن يخدعكم الشيطان وتكفروا بالله عند تجدد نعمه، فإذا أسقاكم المطر تنسبونه إلى الأنواء والنجوم أو الفصول، وإذا تفضل عليكم بصحة الأبدان تنسبونها إلى غيره أي إلى تقدم الطب وإجادة الأطباء، وإذا أوسع لكم في الرزق تنسبونه إلى مخلوق أيا كان فيعاقبكم الله بنقيض قصدكم ويبدلكم بعد السعة ضيقًا وبعد الصحة سقمًا وبعد الأمن خوفًا وبعد العز ذلًا وبعد الخصب جدبًا، واعلموا أن ما بكم من نعمة كبيرة أو صغيرة فمن الله فقيدوا نعمه بشكرها. جعلني الله وإياكم ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر. والحمد لله رب العالمين. [1] مصنف عبدالرزاق ح (4892)، وقال الهيثمي (1/ 84): وفيه جارحة بن مصعب وهو متروك الحديث. [2] مسند الإمام أحمد ح (17349).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |