|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في شكر نعم الله والتحذير من الوقوع في المعاصي الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمدُ لله نحمَدُه، ونستَعِينه ونستَهدِيه، ونستَغفِره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله, نصح أمته وحذرها من عُقوبات الذنوب والمعاصي وكُفرِ النعم، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله، اتَّقوا الله - تعالى - وتناصَحُوا فيما بينَكم؛ فإنَّ الدين النصيحة، وتذكَّروا وذكِّروا غيرَكم بما حَلَّ بأكثر الأمم والبلدان ممَّا جاوَركم وبعُد عنكم من حُروب وويلات، وكوارث وأمراض ومجاعات، ولا شكَّ أنَّ ذلك بسبب الذنوب والمعاصي والبُعد عن منهج الله وصِراطه المستقيم، إنَّ الله لا يظلم الناس شيئًا ولكنَّ الناس أنفسهم يظلمون. ومن الأمثلة القريبة العهد والمكان: لبنان التي كانت مضربَ المثل في النَّعيم والاستقرار أصبحت نارًا وجحيمًا على أهلها، منذُ عشر سنوات وزيادة حتى الآن تناحُر وتطاحُن فيما بينهم، ودَمار للعامر، وإهلاك للحرث والنسل، وكلَّما هدَأتْ نار الفتنة بينَهم أذكاها الأعداء، ولا شكَّ أنَّ ذلك بسبب الذنوب والمعاصي والبُعد عن منهج الله. لقد كفروا بنعمة الله وارتَكبوا محارمَه إلا مَن قلَّ منهم، وكثُر الفسق وفساد الأخلاق وانغَمسوا في الملذَّات الضارَّة، وعكفوا على الملاهي وغرقوا في بحورها المنتنة؛ حتى حلَّ بهم من عُقوبات متواصلة، ولقد دبَّ إلينا كثيرٌ ممَّا وقعوا فيه؛ من فساد أخلاق، وعُكوف على الملاهي، وانغماس في الملذَّات، وأصبحت العُقوبات متوقَّعة إنْ لم نتدارك الأمر ونصحو من الغفلة ونتَّعظ بالغير. فالسعيد مَن وُعِظَ بغيره، والله - سبحانه وتعالى - يَغار على نِعَمِه، وإذا أخَذ فإنَّ أخْذه أليمٌ شديد، ومن الأمثلة أيضًا ما حلَّ ببلاد إفريقيا من مجاعات وأمراض، وقلَّة في المأكولات والملبوسات، كلُّ ما حصل تُشاهِدونه وتسمَعونه ومع هذا وذاك فالقلوب ميتة ولا تتَّعظ ولا تَخاف ولا تتوقَّع أنْ يحلَّ بها ما حلَّ بغيرها؛ فالتفاخر في الولائم وحفلات الزواج وإقامتها في الفنادق بمئات الآلاف، واستِئجار بيوت الأفراح، كلُّ ذلك قائمٌ تُنفَق فيه الأموال الطائلة في سبيل الشيطان، وتظهر فيها المنكرات؛ من تبرُّج نساء، وإقامة على ملاهٍ، واختِلاط رجال بنساء، وكأنَّ شيئًا لم يكنْ وكأنَّ ما أصاب ويُصِيب الغير لن يُصِيبنا، فما الذي يُؤمِّننا إذا كُفِرت نعم الله وارتُكِبت معاصيه في بلادنا؟ لا شكَّ أنَّ العقوبة مُتوقَّعة إنْ لم تحصل التوبة والرُّجوع إلى الله. فاتَّقوا الله يا عباد الله، واحفَظُوا نِعَمَ الله عليكم، لا تُسرِفوا في الولائم ومناسبات الزواج، فإنَّ أكثر ما يُذبَح ويُطبَخ لا يُؤكَل، وإنما يُرمَى في الصحاري والأماكن القذرة، ولا تتباهَوا في الملابس وتُغالوا في أثمانها؛ فإنَّ في ذلك ضياعًا للأموال المطلوب حِفظُها، ولا تنغَمِسوا في الملذات الضارَّة والمأكولات المتنوعة؛ فإنَّ البعض منها يَعُود بالأمراض المضرَّة، ولا تتسابقوا على شراء آلات اللهو والمجون؛ فإنَّ فيها فسادَ الأخلاق وضَياعَ الأوقات والتكاسُلَ عن الطاعات، فاحذروا أنْ تُؤخَذوا على غرَّة كما أُخِذَ غيرُكم فإنكم في نعمة إن لم ترعوها زالتْ من بين أيديكم كما حصل لغيركم، إنَّ الله لا يُغيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وسنَّة الله في خلقة جارية ولن تجد لسنة الله تبديلًا، والله - سبحانه وتعالى - يبتَلِي بالنِّعَم كما يبتَلِي بالنِّقَم ليظهر الشاكر والصابر، فالسعيد مَن وفَّقَه الله لشُكر نعمه واستعملها في طاعته، واستعانَ بها على مرضاته، وعبَد الله حقَّ عِبادته، فإنَّ الله غنيٌّ عن عباده وهم فُقَراء إليه؛ يقول - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56-58]. ويقول - جلَّ وعلا -: ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40]. فاحذَروا يا عباد الله من سُوء أفعالكم، واعلَموا أنَّ زهرة الدنيا لن تدوم، ولن يغترَّ بها إلا ضعيف العقل والإيمان، ولو فكَّر فيها العاقل قليلًا لعرف أنَّه مغرور ومخدوع، وأنَّه لا بُدَّ له أنْ يسلك طريق النجاة والصراط المستقيم حتى يصل إلى دار السعادة والكرامة والنعيم المقيم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله العظيم: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول قولي هذا وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه إنَّه هو الغفور الرحيم. واعلَمُوا أنَّ نعم الله لن تُحفَظ إلا بشُكر الله، وأنَّ المعاصي سببٌ في زَوال الموجود منها، وأنَّ التساهُل بالذنوب الصغيرة يجرُّ إلى الوقوع في الكبيرة، وعدم الإنكار على العُصاة يجرُّ على الجميع الشرور والويلات، فلا بُدَّ من التناصح والتآمُر بالمعروف والتناهي عن المنكر حتى يسلم الجميع.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |