|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى سنته إلى يوم الدين، وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا. عباد الله، من أعظم ما يعالج به حسد الحاسدين أن تتجاهلهم إن حسدوك أو قالوا فيك ما قالوا، فلا تشغل نفسك بالرد عليهم، وإقامة المناظرات والجلسات في الدفاع عن نفسك، بل تجاهل أمثال هؤلاء؛ فإن تجاهلهم يزيد من حنقهم وغضبهم. اصبر على كيد الحسود ![]() فإن صبرك قاتلُه ![]() النار تأكل بعضها ![]() إن لم تجد ما تأكلُه ![]() والعفو والتسامح - عباد الله - هو شيمة الكُمَّل من عباد الله عز وجل، الذين لا يلتفتون إلى حظوظ النفس، بل يترفعون عنها، لا يقبلون أن يكون في قلوبهم على أحد من المسلمين لا غلٌّ ولا حسدٌ؛ إنما يعفون ويتسامحون، يرجون ما عند الله تبارك وتعالى، قل لمن حسدك: إذا أَدْمَتْ قوارضُكم فؤادي ![]() صبرتُ على أذاكم وانطَويْتُ ![]() وجئت إليكمُ طَلْق المحيا ![]() كأني ما سمعت ولا رأيتُ ![]() وهذه - يا عباد الله - درجة لا يلقَّاها إلا الذين وفقهم الله، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء. وإذا عفوت وسامحت وتجاوزت عن حظوظ نفسك، وعن الانتقام لها؛ فإنك بذلك تريح قلبك، ولهذا تأمل في حال الناس الذين يمكن وصفهم بإنهم مَخْمُومُو القلوب، لا يحملون في قلوبهم على أحد من المسلمين شيئًا، تجد أنهم أسعد الناس، وأكثر الناس وأهنؤهم رغدًا بالعيش؛ فهم في طمأنينة وراحة. لما عفوتُ ولم أحقد على أحدٍ ![]() أَرَحْت نفسيَ من همِّ العداواتِ ![]() إني أحيَّي عدوي عند رؤيته ![]() لأدفع الشر عني بالتحياتِ ![]() واعلم - يا عبد الله - يا من نالك أذى الحاسد، وتناولتك سهام الحسد أن العقبى لك وإن طال الزمان، وقد تكتسب خيرًا بحسد الحاسد بسبب كلامه قد يجعل الله العقبى لك، قد يكون لك خير سيظهر لكنه لن يظهر إلا على لسان ذلك الحاسد، وكما قيل: وإذا أراد نشر فضيلة طويت ![]() أتاح لها لسان حسود ![]() لولا اشتعال النار فيما حولها ![]() ما كان يُعرف طيبُ نفحِ العود ![]() والوقاية من الحسد بوابة مهمة ينبغي لنا أن نتعرف عليها، وكيف يمكن لنا أن نقي أنفسنا من حسد الحاسدين. وأول ذلك أن تتوكل على الله؛ فإن الله عز وجل هو الذي يتصرف في كل شيء، لا تظن أنه سيصيبك شيء إلا شيء قدره الله عليك؛ فهو سبحانه وتعالى بيده الأمر من قبل ومن بعد. فالزم يديك بحبل الله معتصمًا ![]() فإن الركن إن خانتك أركانُ ![]() ومن الأمور التي يعالج بها حسد الحاسدين الرقية لمن أُصيب بعين حاسد، وقد تكون العين من حسد الإنس أو من حسد الجن أيضًا، وقد صح عن أم سلمة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سَفْعَةٌ [السفعة: الصفرة والشحوب]، فقال: ((استرقوا لها فإن بها النظرة))" [أخرجه البخاري برقم (5739)]، قال الإمام البغوي رحمه الله: "قوله: "سفعة" أي نظرة من الجن، يقول: بها عين أصابتها من عين الجن أنفذ من أسنة الرماح" [بتصرف من شرح السنة للبغوي (12/ 163)]، ولهذا ذكر ابن القيم هذين النوعين: فالعَين التي يصاب بها الناس إما أن تكون عينًا إنسية أو عينًا جنية [زاد المعاد (4/ 151)]، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد يتعوذ بالله من أعين الإنس ومن أعين الجن [أخرجه النسائي برقم (5494)]، وكان عليه الصلاة والسلام يقول لأصحابه إذا دخلوا إلى أماكن قضاء الحاجة التي تكشف فيها العورات - وهي مجال لنظر الجن إلى الإنس -، قال عليه الصلاة والسلام: ((سَتْر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدكم ثوبه أن يقول: بسم الله)) [أورده ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 152)]، فهذا في أماكن قضاء الحاجة، أو في أماكن الجماع، وتغيير الملابس، وغير ذلك؛ فاجعل لسانك دائمًا يلهج بهذا الكلمة حتى يقيك الله شر أعين الجن. ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أجساد بني جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه نحيفة هزيلة، قال عليه الصلاة والسلام لأمهم أسماء بنت عميس: "((ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة؟)) قالت: لا يا رسول الله، ولكن العين تسرع إليهم، فقال: ((ارقيهم))" [أخرجه مسلم برقم (2198)]، وهذا فيه ملمح إلى أن العين أكثر ما تقع على الأطفال؛ والسبب في ذلك أن الأطفال لا يتحصنون بالأوراد الشرعية، ولهذا فنحن ينبغي ألا نغفل عن تحصين أولادنا، وأن نحرص على قراءة الآيات والأذكار الشرعية التي يُحفظ بها الإنسان، كقراءة سورة الفاتحة، وهي من أعظم ما يحفظ به العبد، وقراءة آية الكرسي والمعوذتين، وقول: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، أو "أعوذ بكلمات الله التامَّة من كل شيطان وهامَّة، وكل عين لامَّة"، قلها لنفسك وانفث بها على أولادك، واحرص على تعويدهم أن يقولوها ويحفظوها، ويرددوها في شأنهم كله. وأيضا مما يعالج به حسد الحاسدين لو وقع إنسان أو أصابته عين حاسد أن يُؤخذ له ماء قد اغتسل به ذلك الحاسد إذا عرف؛ لا أن يكون كحال كثير من الناس اليوم يشكك في الناس، أو أن يذهب إلى الرقاة، وبعض الرقاة - مع الأسف - الورع عندهم ضعيف، همهم فقط أن يتكثروا بالناس، أول ما يأتيه إنسان - حتى ولو يكون عنده شيء يسير - مباشرة أنت مصاب بالعين، وقد يقول: إن الذي أصابه فلان أو فلانه! هكذا بدون بينة أو أثارة من علم! ثم لا تسل بعد ذلك عن ما يكون من الشقاق والمشاكل بين الناس! ألا فليتق الله أولئك الرقاة؛ فإن الله سيسألهم عما تلفظوا به: ï´؟ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ï´¾ [الإسراء: 36]، فإذا تيقنت يقينًا أن فلانًا هو الذي حسدك، وهذا يحصل كما لو كان رجل في مجلس وحصل منه ما يدعو للإعجاب ثم تكلم إنسان بكلمة فسقط صاحبه مباشرة، فهذا دليل شبه قطعي على أن فلانًا هو الذي أصابه، فليفعل حينها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض الصحابة، حيث إن سهل بن حنيف -رضي الله عنه- أصابه أحد الصحابة بعينه، وذلك لما رآه قد نزع شيئًا من ثيابه، فقال: "ولا جلد مخبأة" وذلك لبياضه وحمرةٍ في جسده؛ فسقط سهلُ مباشرة، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فغضب، وأمر إذا رأى أحد من أخيه ما يعجبه أن يبرِّك – أي: يدعو بالبركة -،ثم أمر ذلك العائن بأن يتوضأ، وأن يُؤخذ داخلة إزاره، ثم صبت على سهل بن حنيف رضي الله عنه، فقام كأن لم يكن به داء! [الحديث بكامله أورده التبريزي في المشكاة وصححه فيها الألباني برقم (4562)]، فهذا من الوسائل التي يعالج بها المرض، أو تعالج بها عين الحاسد. وأخيرا - عباد الله - ينبغي التحذير في باب علاج الحسد، والوقاية عن الحساد من أمرين: الأول: لا يجوز شرعًا تعليق التمائم والأحجية كما يفعل بعض الناس وقايةً من الحسد، وقد اعتاد كثيرون بأن يعلقوا خرزة زرقاء، أو حذوة حصان، أو فردة حذاء، أو أجراسًا أو قرونًا أو عظامًا للحيوانات، وكل هذه الأمور لا تُغني شيئًا، ولا يجوز فعلها، وقد كان أهل الجاهلية يفعلونها؛ فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها. والأمر الثاني: أنه لا يجوز التبخر بالشبِّ والأعشاب والأوراق للوقاية أو العلاج من الحسد، وقد ورد سؤال للجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: هل يجوز التبخر بالشب أو الأعشاب أو الأوراق؛ وذلك لمن أصيب العين؟ فكان الجواب: "لا يجوز علاج الإصابة بالعين بما ذكر؛ لأنها ليست من الأسباب العادية لعلاجها، وقد يكون المقصود بهذا التبخر استرضاءَ شياطين الجن، والاستعانة بهم على الشفاء، وإنما يعالج ذلك بالرقى الشرعية، ونحو ذلك مما ثبت في الأحاديث الصحيحة" [فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (1/275)]. عافاني الله وإياكم من الحسد والحاسدين وأتم علينا نعمه ظاهرة وباطنة. صلوا وسلموا على رسول الله؛ فقد أمركم الله جل وعلا بذلك في محكم التنزيل، فقال جل وعلا: ï´؟ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ï´¾ [الأحزاب: 56]، وقال رسولكم ونبيكم محمد صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا)) [أخرجه مسلم برقم (384)]. اللهم صل على محمد وآله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الأئمة الحنفاء المهديين أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك الكريم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم كن للمجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم كن للمجاهدين في سبيلك في بلاد الشام، اللهم انصرهم نصرًا مؤزرًا، اللهم عليك بمن عاداهم، اللهم عليك بطاغية الشام، اللهم زلزل ملكه، وأسقط عرشه، وأرنا فيه عجائب قدرتك، ومن عاونه وشايعه يا رب العالمين. اللهم احفظنا وذرياتنا من العين والحسد يا رب العالمين، اللهم احفظنا وذرياتنا والمسلمين من عين العائنين، وحسد الحاسدين، وسحر الساحرين، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. وأقم الصلاة؛ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |