|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التحذير من التمادي في المعاصي الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمد لله نحمده، ونستعينُه ونستهدِيه، ونستغفره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، يُثيب الطائعين والشاكرين، ويُعاقِب العاصين والكافرين لنعمه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، حذَّر أمَّته من عُقوبات الذنوب والمعاصي، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته، الممتَثِلين لأوامره، والمجتنبين لنواهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عبادَ الله: اتقوا الله - تعالى - واحذروا عواقب الإصرار على الذنوب، والتمادِي في الباطل، فإنَّ الله - جلَّ وعلا - يُمهِل ولا يُهمِل، وإذا أخَذ فإنَّ أخْذه أليمٌ شديد، وقد غفل كثيرٌ ممَّن ابتُلِي بالوقوع في المحرَّمات، ومات قلبُه فلا يحس بالمواعظ، ولا يتأثَّر بالزواجر، وهذه من المصائب العظيمة، فإنَّ العبد إذا وقَع في الذنب وندم على ما وقع فيه من معصية، وأقلع عنها، وتركها وعزم عزمًا جازمًا بألاَّ يعود إليها - فإنَّ الله يغفر الذنب لمن تابَ وأنابَ إليه. أمَّا مَن وقع في المعصية وتمادَى في غيِّه ولم يرجع إلى رُشدِه، فإنَّه يُعاقَب عقوبة الإصرار على الذنب، حيث أَمِنَ مكرَ الله، والله - سبحانه وتعالى - يقول: ﴿ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99]. وفي الحديث: ((إذا رأيتم الله يُعطِي العبد ما يحبُّ وهو مقيمٌ على معصيته، فإنما ذلك منه استدراجٌ))[1]، مكر بهم ورب الكعبة! ونحن يا عبادَ الله في نِعَمٍ عظيمة، أعظمها نعمة الإسلام، الذي بالتزامه وتطبيق أحكامه تسعَدُ الأمَّة في حَياتها العاجلة والآجلة، والانحِراف عن الطريق السويِّ، والخروج عن الطريق المستقيم يقع التعثُّر والتعب والنكد، وآخِر الأمر الهلاك والندم على ما فات، فمَن أراد أنْ ينتقل من بلدٍ إلى بلدٍ آخر، فإنه لا بُدَّ أنْ يعرف الطريق الآمِن الواضح والسهل، المؤدِّي لتلك البلد، وإنْ كان فيه طول وزيادة تحمُّل زادٍ ونفقة، فإنَّه طريق مأمون العواقب سهل، أوَّله في البلد التي ينتقل منها، وآخِره في البلد التي ينتقل إليها، ليس فيه ما يُعَرقِل سيره، ولا ما يعترضه، بل هو طريق مستقيم، يُؤدِّي إلى الدار المطلوبة، فبِسُلوكه هذا الطريق ينال الفوز بالوصول إلى الدار الباقية، في أمنٍ وطمأنينة. أمَّا مَن سار على غير هدًى، أو سار على طرق متشعِّبة في الصحاري الواسعة، أو استدلَّ بمَن لا يُوثَق به، ممَّن ضيع نفسه وأطاعَ هواه وشيطانه، أو سوَّف في السير على الطريق المستقيم بعد أنْ يَهِيمَ على وجهه، ويظنَّ أنَّه سيأخُذ الطريق مع أقرب مسافةٍ في الصحراء تُؤدِّي إلى مدخله في البلد التي يقصد الذهابَ إليها، فإنَّ مآل هذا إلى الخطر، فمَن يُؤمنه إلى الوصول إلى منتهى الطريق بعد أنْ سلك الطرق المتشعِّبة والصحاري المخوِّفة، وتجاذبته شياطين الإنس والجن، وهو بمفرده أو يُرافِقه مَن أغواه وزيَّن له سُلوكَ سبل الضلال؟! فيا عبادَ الله: إنَّ طريق الخير والحق واضح، وما بعد الحق إلا الضلال، والمرء في هذه الدار يَسِيرُ إلى دار مقرٍّ، إمَّا إلى جنَّة وإمَّا إلى نار، ولا بُدَّ من الزاد لهذا السفر، فمَن كان زاده التقوى وعمل الصالحات، وسلك الطريق المستقيم الآمن - وصل إلى دار الأمن، وفاز بجنات النعيم، التي فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ومَن كان زاده العصيان لربه، وارتكاب المعاصي وعمل المحرمات، والإصرار على ذلك وسلوك سبيل الشيطان - فإنَّ ذلك زاده إلى النار، فليتَّقِ العبد ربه، وليحاسب نفسه قبل أنْ يُحال بينه وبين العمل الصالح، وقبل أنْ يندم حين لا ينفع الندم. فما أحوجنا إلى التفكُّر والتأمُّل في المصير، فإنَّ هذه الدار دار عمل ومفر، والدار الحقيقية هي دار المقر، والعاقل والناصح لنفسه لا يرضي بالفاني على الباقي، ولا بالطالح على الصالح، ومهما تزخرفت الدنيا وبلغت ما بلغت من القوة والنضارة، فمآلها إلى الهلاك والدمار، وما بين العبد وذلك إلاَّ أنْ يُقال: فلان مات. فاتَّقوا الله يا عبادَ الله واشكروه على نعمة الإسلام بالعمل بأوامره واجتناب نواهيه؛ لتسعدوا في هذه الدار، وتنالوا الفوز بدار القرار، وفَّقنا الله جميعًا لما يرضيه، وجنَّبنا مَساخِطه ومَعاصِيه، إنه سميع مجيب. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 20]. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول هذا وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه إنَّه هو الغفور الرحيم. [1] أخرجه أحمد في المسند (4/145) بنحوه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |