عزة الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 131099 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-08-2019, 02:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي عزة الإسلام

عزة الإسلام

ألقاها بالأزهر فضيلة الإمام الأكبر محمد الأحمدي الظواهري

شيخ الجامع الأزهر


في يوم 12 ذو القعدة سنة 1356 هـ


الحمد لله العلي القادر، العزيز القاهر، الحكيم الذي لا يضل، الخبير الذي لا ينسى سبحانه الكبير المتعال. نحمده حمدًا به نستأهل غفرانه، ونستمنح عطفه ورضوانه؛ ونشهد أن لا إله إلا الله توحد بالربوبية المطلقة؛ وتفرد بالجلال والعزة؛ وبرأ الخلق بقدرته، وأمدهم بإحسانه ورعايته، ونصلي أفضل الصلوات وأتمها على أفضل الخلق وأكلمهم، من ختم الرسالة، وأدى الأمانة؛ وجاهد في الله حق جهاده؛ وكان أفضل قدوة لعباده، سيدنا ومولانا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه الذين حملوا من بعده علم الهداية فدانت لهم الأمم، وخضعت لسلطانهم الرقاب؛ وكان فضل الله عليهم عظيما.أما بعد:فيقول الله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ ويقول الله تعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [يس: 9].على هذا الأساس شب الإسلام عزيزًا لا يعرف الذل؛ كريمًا لا يقبل الضيم، وحمله كرام بررة رفعوا لواء عزه؛ وشيدوا صروح مجده، وطوفوا به في الآفاق، نافذ السلطان رفيع المكان، ثم خلف من بعدهم خلف فتنوا بعرض الحياة الأدنى، واتبعوا الشهوات وضلوا السبيل، حسبوا الأمر مغانم تقسم، وأسلابًا توزع، ودنيا مملوءة بالملذات فيها دعة وسكون، وترف ومجون، وطال عليهم الأمد في ذلك فقست قلوبهم؛ وصرفتهم الأهواء عن الهدي الإلهي فساءت حالهم، وصبروا على الذل واطمأنوا إليه.تحللوا من أصول الإسلام وفضائله، وسول لهم الشيطان أن التدين عار، وأن الصلاة والصوم والعقائد؛ وما شرع الله من أحكام تهذب النفوس وقوانين تنظم الحياة وتسعدها ليست إلا بقية من قرون خلت لا يليق أن يستمسك بها الرجل المتدين الذي عرف معنى الحياة وما فيها من لذة ومتعة. سول لهم الشطان أن التدين عار؛ وأن الخمر والميسر والاسترسال في الشهوات والانغماس في الإباحية نوع من الحرية؛ وخاصة من خواص المدنية.سول لهم أن التدين عار فتركوا دينهم، ونبذوا كتابهم، وانصرفوا عن العمل الصالح، والخلق الفاضل، فصاروا نهبًا للأمم ومثلا للذلة.توالت عليهم النذر فلم يتدبروا، وتتابعت أمامهم العبر فلم يعتبروا؛ فحقت عليهم الكلمة، وأُذيقوا لباس الجوع والخوف، وسلط عليهم من لا يخاف الله فيهم ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].بهذا أصبح الإسلام في ناحية والمسلمون في ناحية، وبينهما فجوة بعيدة المدى والأطراف: تركوا دينهم، واستباحوا الشهوات؛ ومهدوا لمن لا يعرفون الأديان إلا من حالة أهلها أن يقولوا أن الإسلام دين لا يعرف العزة والكرامة، ولا يميز بين الفضيلة والرذيلة، فهو دين يبيح الميسر والبغاء والخمر؛ ولأهله في ذلك قوانين تنظمها، وجرائد ومحلات تعلن عنها، دين يبيح الكذب والزور، والرشوة والفجور، والفوضى في النظام والجور في الأحكام، دين يتفنن في الكيد والنفاق، وأساليب التفريق والشقاق؛ والبغي والعناد، والإثم والإلحاد.بهذا ونحوه من الآثام والرذائل التي صارت بين المسلمين معروفة مألوفة، وهي عند العقلاء وفي دين الإسلام منكرة مبغوضة - يصور الإسلام أخذًا من حالة جمهور يدين بالإسلام، وحكومة دينها بنص دستورها الإسلام.أليس هذا أيها المسلمون جناية من المسلمين على الإسلام؟ أليس هذا تناقضًا لا يجمل بالعقلاء أن يصبروا عليه، ولا يحسن بأمة تريد الحياة مرفوعة الرأس أن تسكن إليه، إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16].أيها المسلمون: اسمعوا في دينكم قول الله الحق وقول رسوله الكريم. يقول الله تعالى ﴿ فلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]. ويقول ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النساء: 61] يقرر القرآن نفي الإيمان عمن لم يرض بأحكام الله رضا يزيل الحرج عن صدره ويملأ قلبه استسلاما وطمأنينة، ويصف بالنفاق من يصد عن الداعي إلى الله ورسول الله.ويقول في آية أخرى ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 32، 33].إن الدين أيها المسلمون مهما امتدت آفاقه، وتأول فيه المتأولون فهو لا يحتمل هذه البوائق؛ ولا هذا الإلحاد ولا هذه الإباحية الجامحة، ولا هذه الشهوات التي لا تقف عند حد، وإنما يحتمل مدنية فاضلة تقوم على علم كامل وعمل صالح؛ وخلق فاضل كريم: يحتمل التمتع بزينة الله وما هيأ لعباده من طيبات: يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث.هذا هو الإسلام أيها المؤمنون فسارعوا إلى مغفرة من ربكم، وأنقذوا الناس من أسباب الدمار والتهلكة؛ واعلموا أن الله أهلك الأمم الغابرة لأقل من هذه الشرور والآثام.خطوا للفضيلة طريقًا واضحًا، وضعوا لها نهجًا مستقيمًا؛ وقوموا على حراسته كما أمر الله بالعدل وقوة السلطان ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7] وكان حقا علينا نصر المؤمنين.أيها المسلمون: إن الله وضع قواعد الحكم الصالح في هذه الآيات البينة الواضحة ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾.والأمانة ما تجب المحافظة عليه: فالسر أمانة، والتكاليف الشرعية أمانة؛ وعلم العالم أمانة، وقول الحق في الشهادة وغيرها أمانة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمانة والعدل في الأحكام والأفعال والأقوال أمانة.كتاب الله قانون، وسنة رسوله قانون، وما اتفق عليه أهل الحل والعقد من المسلمين مما لا يخالف نصًا في الكتاب ولا في السنة قانون، والرد عند التنازع إلى قواعد الدين العامة وأحكامه الكلية قانون، وكل هذه القوانين أمانة استودعكم الله إياها واستحفظكم عليها، وأنزل عليكم في محكم كتابه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].أيها المسلمون:اسمعوا أدب نبيكم الكريم لأصحابه وأمته "شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع" الخالع الذي يخلع القلب من الخوف "لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار. ومن كتم شهادة دُعي إليها كان كمن شهد الزور"."الدين النصيحة" قلنا لمن يا رسول الله قال "لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.التقوى ههنا - يشير إلى صدره - كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه"."من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمّر عليهم أحدًا بمحاباة فعليه لعنة الله: لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلا حتى يدخله النار"، اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.اتقوا الشح فإن الشح أهلك من قبلكم: حملهم على أن يسفكوا دماءهم ويستحلوا محارمهم وإياكم والخيانة فإنها بئست البطانة"."من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس"."اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" وفقني الله وإياكم إلى التمسك بدينه والعمل على مرضاته والتخلق بأخلاق نبيه الكريم.وجماعة أنصار السنة المحمدية يخرون لله سجدًا على ما منح الإسلام ووهبه في هذا الجو المظلم، وأقام له ذلك الإمام المصلح الأكبر يعيد للإسلام جدته، ويرجع إلى دين الله الحق رونقه وبهجته، ويقيم بيده البرة، ولسانه الصادق من قواعد الملة الحنيفية؛ ما هدمه أعداء الإسلام؛ ويعلي من صوته ما أخفته المحدثات والبدع.وما كان مصيبة الإسلام ونكبته العظمى إلا من أدعيائه الذين زين لهم الغرور والجهل أنهم أعرف بالهدى والخير لأنفسهم وللناس من الله ورسوله، فسول لهم هذا الغرور والجهل أن يشرعوا من الدين والنظم ما لم يأذن به الله، وتمادى بهم الغي وعمى البصيرة حتى ردوا على الله حكمه، وهدموا قواعد الدين الذي أحكمه الله وأتم به النعمة، وارتضاه لعباده سبيل الهدى والرشاد.وكان أول ذلك - فيما نعتقد - ما موهوا به من أن الحجب قد ضربت دون الكتاب العزيز والسنة النبوية المحكمة، وأن الأبواب قد أُغلقت دونها، فلا يستطيع أحد مهما أوتي من علم وذكاء وفقه، ومهما حفظ من علوم اللغة العربية وفنونها، وأتقن من أساليبها وآدابها، فاتخذوا القرآن مهجورًا، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وقنعوا بحثالات الأفكار، وزبالات الآراء، فعصفت القلوب هذه الأهواء فأطفأت مصابيحها وتمكنت منها آراء الرجال، فأغلقت أبوابها وأضاعت مفاتيحها، وران عليها كسبها فلم تجد حقائق القرآن فيها منفذًا وتحكمت فيها أسقام الجهل فلم تنتفع معها بصالح العمل جعلت غذاءها من هذه الآراء التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولم تقبل الاغتذاء بكلام رب العالمين. ونصوص حديث سيد المرسلين. درست معالم القرآن في قلوبهم فليسوا يعرفونها ودثرت معاهده عندهم فليسوا يعمرونها، ووقعت ألويته وأعلامه من أيديهم فليسوا يعرفونها؛ وأفلت كواكبه النيرة من آفاق نفوسهم فلذلك لا يحيونها؛ وكسفت شمسه عند اجتماع ظلم آرائهم فليسوا يبصرونها، خلعوا نصوص الوحي عن سلطان الحقيقة وعزلوها عن ولاية اليقين، وشنوا عليها غارات التأويلات فلا يزال يخرج عليها من جيوشهم كمين بعد كمين. نزلت عليهم نزول الصيف على أقوام لئام فعاملوها بغير ما يليق بها من الإجلال والإكرام، المتمسك عندهم بالكتاب والسنة صاحب ظواهر مبخوص حقه من المعقول، والمقلد للآراء المتناقضة المتعارضة والأفكار المتهافتة لديهم هو الفاضل المقبول، وأهل الكتاب والسنة المقدمون لنصوصها على غيرها جهال لديهم منقوصون ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 13].وما زال الأمر يتمادى بأولئك المقلدة المفتونين، حتى أصبحوا شيعًا وأحزابًا كل حزب بما لديهم فرحون، اختلفوا وخالفوا المحجة الواضحة للمتقين، وافترقوا وفارقوا صراط الله المستقيم، وتمكن شيطان الهوى من نفوسهم حتى أصبحوا يتعبدون بألفاظ الشروح والحواشي، وتغلغل المرض العضال في قلوبهم حتى قالوا لما تصف ألسنتهم الكذب هذا حلال وهذا حرام ليفتروا على الله الكذب، وعادوا إلى سيرة الجاهلية الأولى في الخرافات والضلالات؛ وأحيوا من الشرك ما أماته الرسول صلى الله عليه وسلم بالدماء الزكية من أصحابه البررة الكرام، ورفعوا من قواعد الوثنية ما زلزل أركانه خاتم الأنبياء عليه السلام؛ وأقاموا بيوت الأوثان والأصنام يضاهئون بها في الطواف والتمسح والدعاء بيت الله الحرام، وأوحى شياطينهم من زخرف القول لما راجت به عند الدهماء والطغام باسم آل البيت والصالحين من عباد الله، وهم والله برآء منها؛ وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين؛ وكثرت تلك الطواغيت حتى عمّ شرها وطمّ بلاؤها كل بلد وقطر من أقطار الإسلام إلا ما شاء ربك، وباض الشيطان وفرخ في رؤوسهم وقلوبهم حتى امتزجت بكل قطرة من دمهم ولحمهم وعظمهم، ونفخ فيهم كبره وإباءه عن الخضوع للحق فأوقدوها حربا عوانًا كما أوقدها أبو جهل وأبو لهب وأحبار اليهود وإخوانهم على النبي عليه الصلاة والسلام.وكم نال المصلحون ودعاة الهدى من أولئك الطواغيت من إذايات وفتن وكم صبر القائمون لله بالجهاد والذب عن هذا الدين تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم وإخوانه الأنبياء من قبله، ولا تزال طائفة من هذه الأمة قائمة على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك.ألا وإن الشيخ الأكبر المراغي لهو إمام الهدي في هذا العصر بلا منازع ولا مدافع وهو الذي اختاره الله ليجدد لهذه الأمة أمر دينها، ويرد شوارد التائهين، وضوال الحائدين إلى السبيل الأقوم والطريق الأرشد؛ مستمدًّا القوة على ذلك والتأييد من الله سبحانه ثم من جلالة الملك الصالح والشاب الناشئ في طاعة الله الإمام العادل عز الإسلام وناصر الدين الملك فاروق أدام الله تأييده ونصره.ألا وإن تلك الصرخة الداوية بكلمة الحق يصك بها ذلك الإمام العظيم أسماع العالم كله: أن ارجعوا إلى الحكم بما أنزل الله، ففيه الصلاح لفساد الأمم الذي استعصى أمره على كل المصلحين، ارجعوا إلى إقامة حدود الله تنجو الإنسانية من كل ما تشكو منه أمراض في القلوب والعقول والأخلاق والأجسام، ارجعوا إلى الحكم بما أنزل الله تحفظ الأموال والدماء والأعراض، أقيموا حدود الله؛ ولو مرة واحدة وأشهدوا عذابهما طائفة من المؤمنين تستريح الأمة من تلك الفواجع التي تنغص حياتها بالليل والنهار؛ عودوا بقلوبكم وأنفسكم إلى الاستسلام لدواء الحكيم الخبير تروا من آيات الشفاء والعافية ما سعد به سلفكم الأولون.تلك والله أيها الشيخ الأجل صرخة دوت، ودوت، ودوت حتى ستستقر إن شاء الله في مصر، بعد أن يطرق الناس لها أياما وأياما يديرونها في رءوسهم ويفكرون فيها ويطيلون التفكير، ثم هي بعد ذلك ستأخذ بمجامع قلوبهم، وسيشرق نورها القوي على أرواحهم؛ ثم هم بعد سيستجيبون لها ما دام الصائح بها الإمام المصلح الحكيم المراغي الذي يقول حيث يعلم أن وقت القول قد حان، والذي يعرف أن عهد الملك الصالح الفاروق خير العهود صلاحية أن يرتفع فيه صوت الإسلام الحق، أن يد هذا الإمام العادل هي أقوى الأيدي على تنفيذ قانون الإسلام وشرائع الإسلام إن شاء الله ولقد آن أن نعتبر بسلفنا الصالح حين أقاموا حدود الله وحكموا بما أنزل الله فهدوا في الحياة الدنيا إلى سبل السلام، وبسط الله عليهم يد الأمن والأمان، وأن نعتبر بالحكومة العربية السعودية التي أعادت بادية الحجاز؛ بل وكل الجزيرة - بعد ما كان معروفا في كل مكان ما هي عليه من الوحشية والهمجية وسفك الدماء وسلب الأموال أعادتها الحكومة السعودية بإقامة حدود الله، والحكم بما أنزل الله مضرب الأمثال في الأمن والأمان بما لا يحلم به أهل أوربا ولا أمريكا أعظم البلاد - على ما يزعمون - تحضرًا وعلمًا ومدنية.أيها الإمام المراغي: سر على بركة الله، وقُد سفينة الدين في مصر إلى بر السلامة فأنت خير زعيم نطمئن كل الاطمئنان على سلامة ديننا بزعامتك وقيادتك. سددك الله وأيدك وقواك.وأنتم أيها المصريون: لقد والله قالها لكم خالصة لوجه الله من قلب صادق، ونفس طيبة ناصحة ترى ما لا ترون، وتعلم ما لا تعلمون. خير العمل بها وتحقيقها لكم قبل كل أحد، وشر التنكب والإعراض عنها واقع بكم قبل كل أحد، ألا فانجوا أنفسكم، وسارعوا استجابة من يدعوكم لما يحييكم. جعل الله آذانكم سامعة، وقلوبكم واعية، ونفوسكم طائعة، والهدى هدى الله، ومن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.49 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]