قوام العيش - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1249 - عددالزوار : 135408 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5497 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8168 )           »          ميزة جديدة لمتصفح كروم بنظام أندرويد 15 تتيح إخفاء البيانات الحساسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن ميزة الصورة المستطيلة بإنستجرام.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتفى iPhone 14 Plus وGoogle Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          احمِ أطفالك من الإنترنت.. احذر ألعاب الفيديو لحماية أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أبل تعمل على جهاز بشاشة تشبه شاشة الآيباد مع ذراع آلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          طفلك يستخدم تطبيقات الموبايل سرا دون علمك.. كيف تكتشف ذلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أدوات مهمة هتساعدك للحد من استخدام طفلك للإنترنت.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 21-08-2019, 02:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,985
الدولة : Egypt
افتراضي قوام العيش

قوام العيش



د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم




الحمد لله ذي المنن والعطاء، جزيل الثناء، واسع الآلاء، قضى على الدنيا الفناء وتفرد بالبقاء، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العظمة والكبرياء والمجد والحياء، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خيرة الأنبياء، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الأوفياء.

أما بعد، فاتقوا الله - عباد الله -، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ....

أيها المسلمون!
الدنيا زهرة فاتنة، وبريق أخّاذ، وزينة ومتاع، جمّلها الله لأهلها؛ فتنة واختباراً، واستخلافاً وإعماراً. حذَّرهم من الركون إليها، والاطمئنان بها؛ فهي دار غرور وعبور وتزود ومسير. هذا، وإن من أعظم مصاب المرء فيها أن تكون أكبر همه ومبلغ علمه ومحط نظره؛ عندها يرتكس ميزان عمله، ويُخذل في أعظم شأنه؛ إذ يعمر ما لا يسكن، ويجمع لما لا يبقى، وينفق فيما لا يدوم، فيذهبُ عمره سدى، وتكونُ حياته هملاً، وفي ذلك خراب داره يوم التغابن. ﴿ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33]؛ لذا وجب أن تقّدر قدرَها وتنزل نزلَها بلزوم القناعة وقطع علائق الطمع؛ فأطيب العيش القناعة، وأنكد العيش الجشع. ومن أعظم سبل تحصيل هذه القناعة إدراكُ قوامِ عيشِ الدنيا الذي لا تصلح إلا به، ولا تقوم إلا عليه، فيكونُ ما زاد عنه فضلاً لا يضر عدمه، ولا تشقى النفوس بالتحسر على فواته، أو المشاحنة عليه.

هذا، وإن قوام عيش الدنيا وقطب رحى نعمتها ما أبانه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» رواه الترمذي وقال: حسن غريب وحسنه الألباني.

عباد الله!
هذه النعم الثلاث رأس نعم الدنيا للمؤمن بعد إيمانه، إن توفرت لعبد في يوم فكأنما حاز جميع الدنيا ذلك اليوم ولم يفته منها شيء. وتأملوا - رحمكم الله - قوله صلى الله عليه وسلم: " من أصبح "؛ لتدركوا قصرَ وقت تبصر هذه النعم الذي ما تجاوز مداه اليومَ الواحد؛ مما يجعل المؤمنَ في فأل دائم دون اكتراث بما يخبئه غيبُ المستقبل؛ فمَنْ كفاه يومَه سيكفيه غدَه.

أحسن الظن بمن قد عودك
كلَّ إحسان وسوّى أودك

إن رباً كان يكفيك الذي
كان بالأمس سيكفيك غدك


أما أُولى هذه النعم وأَولاها: فأمان السِّرْب؛ حين يأمن المرء على نفسه وأهله ومسكنه وطريقه؛ فتلك مسارب المرء. وفي أمن المسارب هناء نعم الدنيا الباقية؛ فلا لذةَ ولا طيبَ عيشٍ إن فُقد الأمن؛ ولأجل ذا قدّمه الخليل - عليه السلام - على الطعام حين سأل ربه فقال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ ﴾ [البقرة: 126]. وأساس استتباب الأمن الإيمان والعمل الصالح، كما قال الله - عز وجل -: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور: 55]. وحفظ نعمة الأمن بحفظ أسبابه، وذلك واجب الجميع كلاً حسب قدرته.

والنعمة الثانية - أيها المسلمون -: عافية البدن، وتلك العافية أجزل ما أعطي العبدُ بعد الإيمان واليقين، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اسْأَلُوا اللَّهَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ، فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ اليَقِينِ خَيْرًا مِنَ العَافِيَةِ» رواه الترمذي وصححه الحاكم، وكان ذلك السؤال مما يلهج به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل صباح ومساء، يَقُولُ ابن عمر - رضي الله عنهما -: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي» رواه أبو داود وصححه ابن حبان. وحفظ نعمة العافية بتجنب أسباب المرض والردى؛ فلا يؤكل ولا يشرب إلا النافع بقدره، ولا يُتعرض لما يضر البدن من هواء أو شعاع أو عين حاسد، ولا تترك الأذكار والأوراد اليومية، ولا تعطل الرياضة اللازمة لحفظ صحة الجسم.

وأما النعمة الثالثة - معشر الإخوة -: فتحصيل قوت اليوم والليلة: وذلك بأن يجد المرء طعاماً من وجه حلال يكفيه ويكفي من يمونه مدة أربعٍ وعشرين ساعة؛ فذاك قوت اليوم، الذي إن عُدم حلّ بلاء الجوع. وذاك ما كان يتعوذ منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ يقول أبو هُرَيْرَةَ، كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ» رواه أبو داود وصححه ابن حبان. وحفظ نعمة وفرة الطعام والشراب بشكرها وحمد الله عليها وعدم الإسراف فيها وحسن تصريف ما بقي منها.

أيها المؤمنون!
ما كان لهذه النعم أن تعتليَ سلّمَ رتب النعم بعد الإيمان إلا لعظيم مسيس الحاجة إليها، وفداحة خطر فقدها أو تحولها. سلوا الخائف عن أعظم أمانيه، سلوا أهل سوريا ماذا ينشدون، سلوا السقيم عن أعظم أمانيه، سلوا المرضى ماذا يتمنون، سلوا الجائع عن أعظم أمانيه، سلوا أهل المجاعة في اليمن والصومال ماذا يطلبون. إن جوابهم يكمن في تحصيل ما فقدوه من أمن وعافية وسدِّ جوعة ورمق. وذلك ينبينا عن جزيل ما أنعم الله به علينا وعظيمِ تقصيرنا في شكر هذه النعم؛ فلا ينسينَّا غمرُ النعم شكرَ مسديها والاعترافَ بالعجز عن شكرها؛ ولا تُبَلِّدُ كثرةُ إمساسنا لها واجبَ إحساسنا بها، ولا يحملنَّنا التحسرُ على مفقودها على نسيان موجودها. روى مسلم في صحيحه: أن رجلاً سأل عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - فقال: أَلَسْنَا مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ: «أَلَكَ امْرَأَةٌ تَأْوِي إِلَيْهَا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «أَلَكَ مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَنْتَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ»، قَالَ: فَإِنَّ لِي خَادِمًا، قَالَ: «فَأَنْتَ مِنَ الْمُلُوكِ».

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى.

أيها المؤمنون!
بتبصر قوام العيش حين تُدرك هذه النعم الثلاث تتحقق القناعة، ويطيب العيش، وتسكن النفس، وتشعر بالغنى، وتَطلبُ ما زاد عن ذلك بسخاوةٍ وعدم تطلع، ولا تتحسرُ على ما لم يُقدّرْ لها، ويُباركُ لها فيما أُعطيت، وتَجِدُّ لما خلقت لأجله. فإن فقد امرؤٌ شيئاً من ذلك القِوام فليجهد في النظر إلى من هو أسوأ منه حالاً؛ فلن يعدم واجداً؛ فتلك نظرة القناعة، كما أرشد إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ» رواه مسلم، وليصبر - إن لم يرضَ - بما قدّر الله له، وليحسن ظنه بربه في تبديل حاله؛ فالله عند ظن عبده به، وليجهد في حفظ أربع لا يضره معها ما فاته من الدنيا، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة " رواه أحمد والطبراني وحسنه المنذري والألباني.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.74 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.51%)]