فتن المجلات وأخطارها على الأمة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1094 - عددالزوار : 127754 )           »          أدركتني دعوة أمي! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية .. روائع الأوقاف في الصحة العامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          حقيقة الإسلام ومحاسنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          المرأة .. والتنمية الاقتصادية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أسباب الثبات على الدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 4792 )           »          مفاسد الغفلة وصفات أصحابها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          من جهود علماء الكويت في ترسيخ عقيدة السلف الصالح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          سفراء الدين والوطن .. الابتعاث فرص تعليمية وتحديات ثقافية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-07-2019, 02:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,734
الدولة : Egypt
افتراضي فتن المجلات وأخطارها على الأمة

فتن المجلات وأخطارها على الأمة



د. ناصر بن محمد بن مشري الغامدي





إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}؛ [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}؛ [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}؛ [الأحزاب: 71 -72].

أما بعد فيا أيها الناس:
اتقوا الله - تبارك وتعالى - واشكروه، وأنيبوا إليه واستغفره.

أيها المسلمون:
إن مما ابتلي المسلمون به اليوم: ما قذفت به المدنية الغربية من سموم قاتلة، ووسائل مهدِّمة للمسلمين وأخلاقهم التي ما فتئوا يحافظون عليها رَدْحاً من الزمن.
ومن أهمها وأعظمها خطراً على الأسر والبيوتات، والأفراد والمجتمعات: المجلات والصحف، التي تحمل في طياتها السم الزعاف، والداء العضال على المسلمين والمسلمات، في أساليب براقة وكلمات معسولة، وشبه مضللة، وشهوات مهدمة، ما هي إلا نوع من أنواع الغزو الفكري المركَّز على بلاد المسلمين، ضد عقيدتهم، ومبادئهم، وقيمهم وأخلاقهم، بهدف القضاء على كل هذه القيم وتلك المفاهيم والمبادئ والأخلاق التي رباهم عليها إسلامهم ودينهم الحق المنزل من عند خالقهم الخبير بما يصلحهم ويدرأ عنهم الفساد والضلال.

أيها المسلمون:
وبدأت هذه الشبهات والشهوات تدب إلى قلوب السذج من الناس، وتستولي على مشاعرهم، وتأسر نفوسهم عندما انفتحت الطاقة الكبرى والبلية العظمى؛ تلك الصحف والمجلات الهابطة، المتحللة من كل أدب وفضيلة والمنسلخة من كل دين وحياء، والداعية إلى المجون والفسوق، والخلاعة، في عصر كثر فيه الفراغ الجسمي، والفكري والنفسي لدى المسلمين، وسيطرت الفطرة البهيمية على عقول كثير منهم بعد سنوات عديدة من الغزو المركّز على الأمة من أعدائها؛ الذين يعملون ليلاً ونهاراً لإردائها في الحافرة، وإنزالها من عليائها إلى دنيا الحضيض التي يعيشها الكفار.

نعم عباد الله، عكف المسلمون على هذه المجلات، وأضاعوا بذلك مصالح دينهم ودنياهم، فصاروا فريسة لذلك الداء العضال، نسأل الله لنا ولهم السلامة.
وهذه المجلات الهابطة إنما تُصَدّر عفن القوم وصديدهم؛ بهدف تخريب البيوت المسلمة، وتدمير الأخلاق النبيلة. وأعداء الأمة إنما دخلوا عليها من باب الشهوات والفتن، فهم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها، فالنار حفت بالشهوات، وليس عجباً أن يصدر كل هذا من أعداء الأمة؛ الحاقدين عليها، وقد قال الله - تعالى - عنهم: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}؛ [النساء: 89]. {وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ الله مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}؛ [البقرة: 120].
نعم ليس عجباً أن يصدر هذا من أعداء الأمة، ولكن العجب كله أن تجد من أبناء المسلمين من يسعى وراء هذه المجلات الهابطة، ويلهث في سبيل استيرادها وتصديرها، ونشرها في بلاد المسلمين، وإيصالها إلى بيوتهم، ومجتمعاتهم.

وإن تعجب من ذلك، فعجب أن ترى من المسلمين من ينفق ماله الذي أُمِر بحفظه في شراء هذه المجلات، ثم يدخلها بيته لتقع في أيدي أبنائه وبناته وزوجته، حينئذ قل على الفضيلة السلام، وقد خاب من استرعى الذئب الغنم.

ولك أن تعلم أخي المسلم أن ما يبذله هؤلاء من جهد ووقت في تتبع هذه المجلات، الوافدة إلينا من أعدائنا واللهث خلفها، والإعجاب بما فيها إنما هو خسارة من أعمارهم، وهدر في أوقاتهم، وإضاعة لأموالهم، وكل ذلك محاسبون عليه غداً عند أحكم الحاكمين، وأسرع الحاسبين - سبحانه وتعالى.
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس:عن عمره: فيم أفناه؟ وعن شبابه: فيم أبلاه؟ وماله: من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟))؛ رواه الترمذي.

كم هو مؤسف ومؤلم أن يدخل الإنسان بعض المراكز التجارية والمكتبات والبقالات وغيرها فيرى أول ما يرى تلك السلة القبيحة المنظر، وتلك الرفوف السوداء بما جمع فوقها من صحف سافلة، ومجلات فاضحة، تدعو - كتابة وتصويراً - إلى التحلل من الفضيلة والتردي في هوة الرذيلة!
مجلات سافلة تنشر الخلاعة، والبذاء والسفول مهدِّمة للأخلاق، مفسدة للأمة، لا يشك عاقل حصيف ماذا يريد مروجوها بمجتمع إسلامي محافظ على إسلامه.
وكم يروعك المنظر عندما ترى أغلفة هذه المجلات وقد غلفت بصور الفاتنات الزانيات العاهرات، المتحللات من كل حياء وعفة، بمختلف المقاسات، وبالألوان والأصباغ المختلفة الداعية إلى الزنى والفتنة، التي لو وضعت على حيوان قبيح لفتن به الناس في عصر كثر فساده، وقلت فيه العفة والحياء!
والغلاف وحده يكفي لهدم أمة بكاملها، وما بالداخل أعظم؛ حيث تحتوى تلك المجلات على أقوال ساقطة، وعبارات ماجنة نابية، يمجها كل ذي خُلُق فاضل، ودين مستقيم، وكلمات تدعو إلى العزف المحرم، والموسيقى السافلة، واللهو الفاضح، ونساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، في أزياء منحطة، تصور المرأة على أنها سلعة تجارية تعرض بأبخس الأثمان.

ناهيكم - عباد الله - عن المجلات الخاصة بالفيديو وبرامج القنوات الفضائحية، التي تحتوى على صورة الرجل والمرأة وهما يقترفان الفاحشة ويعانقان الرذيلة، في بعد عن الحياء والفضيلة ومن لم يستح صنع ما شاء. وهذه والله إنها لتحرك من لا شهوة له، فكيف بمن له شهوة يكابدها ليلاً ونهاراً! نسأل الله العافية.

قل لي بربك، كيف يكون حال الفتاة والفتى عندما تقع أنظارهم على هذه المجلات الهابطة التي قد مُلِئت بصور العاهرات الكاسيات، والزناة والزانيات؟! أجارنا الله.

هذه المجلات الساقطة التي تعرض بها صور حثالة المجتمع، ؛ الممثلين، والممثلات، كيوم ولدتهم أمهاتهم، فبالله عليكم أيها المسلمون، كيف يكون حال شبابنا وشاباتنا المراهقين إذ وقعت هذه المجلات في أيديهم؟!

الله اكبر، كم أفسدت من مجتمع! وكم هدمت من أسر! وكم جرعت من غصص! وكم زرعت من الشقاق والنفاق والفرقة التي لا تلاقي بعدها أبداً بين الزوجين، عندما يرى الزوج صور العاهرات المغيِّرات خلق الله فيها، وقد يكون بينهن من هي أجمل من امرأته، ولابد، فيبدأ الشيطان يوسوس له حتى يترك زوجته، ويلهث وراء البريق اللامع، والسراب الخادع! وهكذا حال المرأة عندما ترى رجلاً أجمل من زوجها.

كُلُّ الحَوادِثِ مَبْدَؤُها مِنَ النَّظَرِ وَمُعْظَمُ النّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِي قَلْبِ صاحِبِها فَتْكَ السِّهامِ بِلا قَوْسٍ وَلا وَتَرِ
وَالْمَرْءُ ما دامَ ذا عَيْنٍ يُقَلِّبُها فِي أَعْيُنِ الغِيدِ مَوْقُوفٌ عَلى الخَطَرِ
يَسُرُّ مُقْلَتَهُ ما ضَرَّ مُهْجَتَهُ لا مَرْحَباً بِسُرُورٍ جاءَ بِالضَّرَرِ


أيها المسلمون:
إن هذه المجلات ذات مفاسد عديدة، وأخطار جسيمة على الأسر والمجتمعات، ومن هذه المفاسد - على سبيل المثال لا الحصر - إضاعة المال الذي جعله الله - سبحانه وتعالى - قياماً للناس لمصالح دينهم ودنياهم، وصرفه فيما لا نفع فيه؛ بل فيه الضرر والهلاك ولفساد المحقق.
ومنها: إضاعة الوقت الذي هو حياة الإنسان في مطالعة وقراءة ما يضر ويفسد؛ بل إن من اللاهثين وراء هذه المجلات من يهجر القرآن الكريم وكتب السنة والسيرة، ويصرف وقته كله في قراءة هذه المفسدات.

ومنها: ما يحصل للقلب من هيام في الحب الكاذب، وإغراق في الخيال الذي لا حقيقة له، وإنما هو {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ الله عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَالله سَرِيعُ الحِسَابِ}؛ [النور: 39].
وهذا كله يدعو إلى القلق النفسي، والتشتت الفكري، والانشغال عن مصالح الدين والدنيا.
ومن أعظم مفاسد هذه المجلات: تأثيرها على الأخلاق والآداب بما يشاهد فيها من صور وأزياء، فينقلب المجتمع إلى مجتمع بهيمي مطابق لتلك المجتمعات الكافرة.

وحتى تتحققوا من مفاسد هذه المجلات الوافدة علينا من بلاد الكفر ولضلال، وخطرها على الأجيال المسلمة فإني أنقُل لكم بعض الأقوال الساقطة الهدامة التي ترد في تلك المجلات، وما لم يقع في يدي أعظم وأعظم إلى جانب ما تحتويه من صور فاضحة فاتنة.

فمن ذلك: ما ورد في صحيفة "الشرق الأوسط" على لسان أحد المحدَثين؛ حيث يقول: "أبو هريرة يروى أحاديث تنافي الذوق السليم مثل حديث الذبابة".
وحديث الذبابة الذي عناه هذا الغِر الساخر من كلام المعصوم - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى؛ إن هو إلا وحي يوحى، وهو حديث ثابت في الصحيح، ولكن ذلك المجرم إنما يريد بقوله ذلك الطعن في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم – ومن ثم الطعن في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتشكيك في الدين الذي جاء به، والتهجم على هذا الصحابي الجليل الذي هو من أفضل الصحابة علماً، وورعاً، ونقلاً للسنة النبوية الشريفة. وقد قال عن نفسه - رضي الله عنه - عندما اتهم بالوضع في الحديث؛ لإكثاره من الرواية: "يقول الناس أكثر أبو هريرة، والله الموعد، إني كنت امرأً مُلصَقاً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخذ عنه العلم والدين، وكان الناس يشغلهم الصفق في الأسواق.
يقول الإمام أبو زرعة الرازى - رحمه الله -: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب النبي فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك إلينا الصحابة، وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، فالطعن بهم أولى.

والحديث الذي عناه: هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله، ثم ليطرحه؛ فإن في أحد جناحيه شفاء، وفي الآخر داء))؛ رواه البخاري، وأهل السنن.
وهذا الحديث العظيم الذي كشف الطب الحديث عن فائدته ومعجزته في القرن الرابع عشر للهجرة - لم ينفرد به أبو هريرة وحده، وإنما ذكر الحفاظ أنه رواه أبو سعيد الخدري وغيره. وهؤلاء الجهلة لم يعلموا برواية غير أبي هريرة، فطعنوا فيه؛ لأنه لم يوافق عقولهم وأهواءهم، وهذا طعن في الدين؛ إذ من القواعد المقررة عند أهل الحديث: أن الحديث إذا صح كان حجة، ولو كان الراوي له واحداً.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية


الحمد الله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وقيوم يوم الدين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خاتم المرسلين، وإمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:
فمن الأقوال الضالة المضلة التي تطفح بها هذه المجلات: ما ورد في مجلة "سيدتهم" في العدد الحادي والخمسين: "من عيوب الزوج العربي: الغَيرة".
الله اكبر! أهذا من العيوب؟! وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: ((أتعجبون من غَيره سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مِنى))؛ متفقٌ عليه.
وذاك الجاهلي العربي يقول:

إِذا وَقَعَ الذُّبابُ عَلى طَعامٍ رَفَعْتُ يَدِي وَنَفْسِي تَشْتَهِيهِ
وَتَجْتَنِبُ الأُسُودُ وُرُودَ ماءٍ إِذا كانَ الكِلابُ وَلَغْنَ فِيهِ


فكيف بالرجل المسلم الذي أكرمه الله بالإسلام الذي حفظ عليه عرضه، وميزه بالغَيرة على محارمه، وصانه عن صفة الدِّياثة.
ومن ذلك: ما ورد في مجلة "كل الناس" في العدد الثامن والخمسين: "ماذا لو قالت المرأة: هذا الرجل صديقى؟!".

الله أكبر يا عباد الله! هل بعد ذلك من دياثة، وتطاول على شرع الله ودينه؟! أيسوغ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تتخذ أخداناً تعانق معم الرذيلة، وزوجها لا يحرك ساكناً، ثم لا يكون بعد ذلك في هذا شيء؟!!

نعم هذا عندهن ليس عيباً، إنما العيب في عرفهم - لما انتكست مفاهيمهم - أن يغار الرجل على أهله وزوجه، ويصونها عن أيدي العابثين.

أيها المسلمون:
وقد ورد في مجلة "فرج" في العدد الرابع والثلاثين ما نصه: "الزواج المبكر إرهاق للمرأة، وصداع للرجل".
وهؤلاء السَّفِلة يحاربون الفضيلة، ويدعون إلى الرذيلة، فالزواج المبكر عندهم مصيبة، لكن لا بأس أن تزني الفتاة والشاب، ويتعلما في الصغر أساليب الحياة الزوجية، فهذا لا يؤدي في نظرهم إلى الإرهاق والتعب!!
ولك أخي المسلم أن تتساءل: هل تتعب المرأة مع زوج يحفظ كرامتها، ويصون عرضها، ولا تتعب وهي في مستنقعات الفساد، وأديرة الخَنا والزنا، يتعاقبها الذكور بين الساعة والأخرى؟! ألا ساء ما يحكمون.

ومن ذلك - أيضاً -: ما ورد في مجلة "المصور" في العدد السابع وخمس مئة وثلاثة الآف: "عادل إمام مثل أبي ذر الغفاري، يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث يوم القيامة وحده".
ما أجمل المقاييس الشيطانية! عادل إمام الماجن، الفاسق، التافه مثل أبي ذر الغفاري، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المجاهد في سبيل الله، الذي بشره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، وأخبره أنه يموت وحده، ويبعث يوم القيامة وحده، شرفاً له وفضلاً عندما خالف المنافقين، وخرج مجاهداً في إثر جيش النبي - صلى الله عليه وسلم - لغزوة تبوك!

ولقد جاء في مجلة "سلوى" في العدد الثالث والعشرين ما نصه: "في حياتنا اهتمامات لا داعي لها، يمكن أن نلغيها، كمعامل الأبحاث الذرية مثلاً؛ لأننا لن نستفيد شيئاً، لكن سوف نستفيد كثيراً لو أنشأنا مدرسة للرقص الشرقي، تتخرج منه راقصة مثقفة متعلمة؛ لجذب السياح".

الله المستعان! أهكذا يجب أن تكون اهتمامات المسلمين، أعداء الأمة يتقدمون في مجال الذرة والأسلحة والابتكارات التي حاربوا بها بلاد المسلمين، واستعمروهم ماديا، ومعنويا، وفكرياُ، ونحن أقصى اهتماماتنا أن نخرِّج راقصة عاهرة زانية تجذب السياح إلى مجتمعاتنا لنشر الفساد والفجور؟!
أهكذا ننتصر على أعدائنا بالرقص، وقد قال الله - تعالى - في محكم التنزيل: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ الله يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ الله يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}؛ [الأنفال: 60].

بل لم يكتفوا بذلك؛ فقد تطاولوا على الله - سبحانه وتعالى - وأساؤوا الأدب في حقه؛ فقد ورد في مجلة "روز اليوسف" في العدد ثلاثة الآف وثلاث مئة وثمانية عشر: "لقد خلق الله الإنسان وسكن فيه". تعالى الله عما يقول الظالمون علوّاً كبيراً.
وهذا - عباد الله - فيض من غيض ما تطفح به تلك المجلات الوافدة إلى بلاد المسلمين من ضلال وكفر واستهزاء بالمسلمين والمسلمات، وتهجم على أخلاقهم وعقيدتهم، وعلى رسولهم وصحابته، وعلماء الأمة وفضلائها، واهتمام بالتافهين والساقطين. وتلك إحصاءات قديمة جداً، وإلا فإن الفساد اليوم فيها أكثر، والله المستعان؛ وإنما قصدنا التمثيل والتحذير عن طريق ضرب الأمثلة التي يتعظ بها من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
يحدث هذا والمسلمون مع الأسف لا يحركون ساكناً؛ بل يزيدون أعداء الأمة مساعدة وتقوية بشرائها وترويجها بين المسلمين.

أيها المسلمون:
هل يجوز بعد هذا أن تباع هذه المجلات، وتنشر وتوزع بين المسلمين وفي عقر دارهم؟! لا شك أن ذلك محرم؛ بل لقد أفتى علماء الأمة في هذه البلاد المباركة - وفقهم الله - بتحريم بيعها وشرائها، وتحريم ثمنها، وتحريم تأجير المحلات لمن يبيع تلك المجلات؛ لأن هذا كله تعاون على الإثم والعدوان، والله - عزَّ وجل - يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ العِقَابِ}؛ [المائدة: 2]. هذا إلى جانب مفاسدها التي لا يشك عاقل منصف في تحققها.
وإنني أحرِّج بعد هذا على كل صاحب بقاله، أو مكتبة، أو غيرها أن يتقي الله – تعالى - وأن يُخرِج هذه المفسدات من محله، وليعلم أنه مسؤول عن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟.

وهل يقول مسلم بعد ذلك: إن الكسب من وراء هذه المجلات حلال؟! أم هل يشك عاقل في حرمتها وخطرها على المسلمين؟!
وليعلم كل من يبيع هذه المجلات أو يروجها أن كل فساد حصل من ورائها فإن عليه إثمه إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من آثام من ضل بها شيئاً.
فلا تدنسوا ربحكم - أيها المسلمون - بالحرام، فإن كل جسم نبت من السحت فالنار أولى به. واتقوا الله أيها الأولياء وأرباب البيوت، احذروا من دخول هذه المجلات المفسدة إلى بيوتكم؛ فإنها رأس كل بلاء وفتنة.

وعلى كل شاب أن يتقي الله - تعالى - في نعمة البصر، والوقت التي أنعم الله بها عليه، فلا يضيعها في الحرام فـ {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}؛ [الإسراء: 36].
ثم اعلموا - رحمكم الله -: أن البديل عنها موجود - بحمد الله - لمن أراد معرفة الأخبار ونحوها، مما يصدر في هذه البلاد - حرسها الله من كيد الأعداء - وفي غيرها من بلاد المسلمين من مجلات وجرائد محافظة على الخير، وبعيدة عن المحرمات؛ كمجلة المجتمع، والإًصلاح، والدعوة، والتوحيد، والبنيان المرصوص، والحكمة، والبحوث الفقهية، والبحوث الإسلامية، والجرائد المحلية.

ألا فاتقوا الله - تبارك وتعالى - أيها المسلمون، وصلوا وسلموا على من أمركم الله - تعالى - بالصلاة والسلام عليه في قوله - عز من قائل -: {إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}؛ [الأحزاب: 56]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً))؛ رواه مسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.48 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]