أنقذ نجما على اليابسة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-04-2019, 08:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي أنقذ نجما على اليابسة

أنقذ نجما على اليابسة
هنادي الشيخ نجيب





أمامَ المحيط الكبير، وعند شاطئِه الفسيح، وقف فتًى ينظرُ إلى نجم البحر الذي قذفَتْه الأمواج الهائجة.

وبعد دقائقَ من التأمُّل قرَّر الفتى أن يجريَ نحو النَّجم؛ ليُعيدَه إلى البحر قبل أن يموتَ، وكان كلَّما أعاد نجمًا إلى الحياة ألقَتِ الأمواجُ العشرات منهم على الرمال، لم يَكْتَرثِ الفتى بذلك، بل راح بكلِّ إيجابيَّة ونشاط يلمُّ ما يستطيع من الأرواح الملقاةِ على ضِفافِ الموت، ويقذفُها في الماء، ممارسًا دورَه الإنساني الراقي حتى مع تلك المخلوقات الضعيفة!

فجأةً، ناداه رجلٌ كان يُتابِعُ حركتَه الدؤوب، وقال له:
(يا بُنيَّ، ألا ترى آلافَ النجوم تناثرَتْ صرعَى على الشاطئ؟! إنَّ عملك هذا لا يُغيِّر من مصيرها شيئًا!).

ابتسم الفتى، وانحنى؛ ليلتقطَ نجمًا آخرَ، ثم ردَّه إلى قيد الحياة بين العباب، ثم التفت يُخاطِبُ الرجلَ ممسكًا أحدَ تلك الحيوانات المسكينة:

(لقد تغيَّر مصيرُ نجم البحر هذا على الأقل! لقد شغلْتَني بحوارك هذا عن عملية الإنقاذ، دَعْني أعمل، واجلسْ أنت وراقب، سجِّل ملاحظاتِك حولَ موت ملايين نجوم البحر، وألقِ علينا آراءَك، وأَتحِفْنا بوجهات نظرك وتحليلاتك، ولا تحرِّك ساكنًا، أما أنا: فسعادتي أن أَبذُلَ ما بوُسعي لإنقاذ ما يمكنني إنقاذُه).

قرَّاءنا الأكارم، تلك قصةٌ تُشبِهُ من عدَّة وجوه ما نعاينه على "يابسة واقعنا"! وهي مدخلٌ مناسب لنَعْبُرَ من خلالها إلى شاطئ المتوسط عندنا؛ لنرصدَ التحرُّكات المحليَّة والعربيَّة والدولية التي تُبذَل؛ لانتشال آلافٍ وربما ملايين ممن تتقاذفهم أمواج الفتن العاتية، ثم تتناقل أخبارهم بأنهم صَرْعى الحرية والكرامة، ولقمة العيش!

وآلاف مؤلَّفة أخرى بل ملايين تُتابع، وتُشاهد، وتُجري الدراسات، وتدوِّن الملاحظات، وتسردُ التحليلات، وتركِّز في كثير من المرَّات على التقليل من شأن المساعدات؛ فيُحبِطون أفواجَ المُسْعفين بأمواج التخذيل الشائن!

والغريبُ في هذا الأمر المريبِ أنَّ المثبِّطين أصواتُهم مرفوعة، بمرجعيَّاتهم مدفوعة، حتى بلغوا القوةَ العظمى في التدليس والتيئيس، ولو أنهم استغلُّوها بالحدِّ الأدنى في التشجيع، لعادت بالخيرِ عليهم وعلى مَن حولهم.

إنَّنا إن لم نتحرَّكِ الآن، وبالمتوفر من القدرات - وهي في الحقيقة قدرات كبيرة لو استُخرجت - فمتى إذًا يُسدُّ الخَلَل، ويُعالَج الزلل؟!

وبرأيكم لماذا نشتكي اليوم من أنَّ الخَرْق اتَّسع على الراقع؟!
أليس لأننا قتلنا الأملَ اليافعَ، واستقللنا العمل النافع؟!

سهلٌ جدًّا أن نجلسَ ونُراقِبَ الأحداث، خاصةً مع وجود جهازِ التحكُّم عن بُعْد!

سهلٌ جدًّا أن نعرف أخبارَ القَتْلى والجوعى والخائفين والمحاصرين، بل سهلٌ أن نسمعَ تبريرَ القتلة والمجرمين والمفسدين الذين يتصدَّرون الشاشات نفسَها التي تنقُلُ لنا أجواءَ الخراب والدمار والإفساد الذي تولُّوا كِبرَه ونشره!

لكن الصعب حقًّا أن نهبَّ من كراسيِّنا ونفعل شيئًا بناء على ما راقبناه وشاهدناه، حتى وإن كان إنقاذَ روحٍ واحدة، أو إطعامَ فمِ طفلٍ جائعٍ، أو كفالة فتًى ضائعٍ، أو إعادةَ بناءِ سقفٍ مُهدَّمٍ، أو تدفئةَ شيخٍ أنهَكَه البردُ، أو إيواءَ فتاةٍ شرَّدَها البُؤْسُ، أو حتى تأمينَ قبرْ لمن تخلَّى عنهم الأحياء فسبقوهم إلى المقابر!

إنه القليلُ الدائم المناسب، القليلُ الذي يُصبِحُ بنا جميعًا كثيرًا ونافعًا ومعينًا.

ليست البطولة في أن نسمعَ صيحاتِ اليائسين، ولكنَّ البطولةَ أن تخترقَ أصواتُهم جهازَ النخوة داخلَنا، وأن تكسرَ جدارَ الصوت إلى حيِّز العمل، ووقتها لن يكون مهمًّا من قال، بل المهمُّ هو كيف نساعد "من قيل عنهم"، ثم الإعراض عمَّن يثيرون الغبارَ حولهم، ويشوِّشون الرؤيا على العاملين، ويتلذَّذون بالمهاترة، ويخافون من المغامرة، بل قد يَسخرون من ضحايا المؤامرة!

ومن الأسلمِ لنا أن نتعامل مع أولئك وَفْق القاعدة الآتية:
إنِّي لأُعرِضُ عن أشياءَ أسمعُها
حتى يقولَ رجال: إنَّ بي حمقَا

أخشى جوابَ سفيهٍ لا حياءَ له
فَسْلٍ وظَنَّ أناس أنه صدقَا


قرَّاءنا الأعزاء، إنَّ خطوة البداية في مِحْنتنا هذه يجبُ أن تكون في المُضيِّ قُدمًا في مسيرة الإصلاح، وترك أولئك الذين يعيشون على هامش الحياة، ولم ينفعْهم علمُهم الواسع في خدمة الواقع.

كما علينا أن نتحلَّى بالإرادةِ الصلبة، والعَزْم الثابت، واليقين الراسخ، وكل أولئك كالسيف؛ يَصْدَأُ بالإهمال، ويشحذُ بالضرب والنِّزال.

ويبقى في أعناقنا واجبُ التمييز بين من كان همُّه إخلاءَ مسؤوليته، وتبرئةَ ذمَّتِه، وإراحةَ ضميره بالقائم "بأي عمل" (كحبة تخدير)، وبينَ من يبذلُ جهدَه لإنقاذ من يشعر بالمسؤولية تجاههم.

ذلك أنَّ الناجح هو الذي يعملُ العملَ الصحيح، وليس الذي يقوم "بأي عمل" وإن كان على الوجه الصحيح.

إننا إن بدأنا من هنا فإن الفرقَ الذي سنُحْدِثُه في تغيير مجرى الأحداث سيكون كبيرًا، خاصة إن فعَّلنا في حياتنا مقولةَ الفاروق رضي الله عنه: (اللهم إني أعوذُ بك من جَلَدِ الكافر، وعَجْزِ الثَّقة).

وأختم بإشراقات ثلاثٍ؛ لتكون إشاراتٍ على الطريق الصحيح:
ليس هناك موهبةٌ عظيمة، دون إرادة عظيمة.
المثابرة ليست سباقًا طويلًا، بل هي مجموعة سباقات.
ربما علينا أن نستخرجَ من داخلنا حرارةَ الصيف ونحن في عزِّ الشتاء.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.23 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.36%)]