|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الإدمان وخطره
الإدمان وخطره الشيخ أحمد أبو عيد العناصر: 1- التعريف. 2- عناية الإسلام بحفظ الأبدان والأرواح. 3- أسباب تعاطيه. 4- الآثار المترتبة عليه. 5- أدلة تحريم المخدرات، والمفترات، والعقاقير النفسية وغيرها. 6- طرق الوقاية من المخدرات، وعوامل مكافحتها. الموضوع: أولًا: تعريف الخمر والمخدِّرات: الخمر في اللغة معناها: "الستر"، ومنها لفظة الخِمار، وهي كلُّ مسكرٍ، وسمِّيت خمرًا؛ لأنها تَستُر العقل، فتجد شاربَها يخرج عن وقاره، ويهذي كالمجنون، ويلعبُ به الصِّبية، بل وقد يفعل السوءَ بأمِّه أو بأخته - عياذًا بالله - ولا حول ولا قوة إلا بالله! المُخدرات من العقاقير جمع عَقَّار، والتعريف العلمي الأساسي للعقَّار أنه: مادة تُؤثِّر بحكم طبيعتها الكيميائيَّة في جسم الكائن الحي أو وظيفته. ولفظة المخدرات تحتاج إلى إيضاح مفاهيمها من الناحية اللغوية. فمادة هذه الكلمة في اللغة العربية تُنزَّل على: السترة، والظُّلمة، والفتور؛ فالخِدْر: سِتر يُمدُّ للجارية في ناحية البيت، ثم صار كلُّ ما واراك من بيتٍ ونحوه خِدرًا، والخَدَر: الكسل والفتور، والخادِر: الفاتر الكسلان، وخَدِر خَدَرًا: إذا استرخى؛ فلا يطيق الحركة، ومنه خَدِر جسمُه، وخَدِرت يداه أو رِجْله، والمخدِّر: مادة تسبِّب في الإنسان والحيوان فقدانَ الوعْيِ بدرجات متفاوتة؛ كالحشيش، والأفيون، والجمع: مخدِّرات. وفي ضوء هذا المعنى اللُّغوي للمخدرات يتبيَّن أن لفظ "الخدَر" - هو الضعف والفتور - يصيب البدنَ والأعضاء، كما يصيب الشاربَ قبل السُّكر. هذا اللفظ هو أصل اشتقاق المخدرات، وبِناء على هذا فالمخدر: هو ما يترتب على تناوله كسلٌ وفتورٌ، وضعفٌ واسترخاء في الأعضاء، وفيه معنى السَّتر والتغطية. والمخدِّرات في الاصطلاح اللُّغَوي: موادُّ نباتيَّة أو كيماوية، لها تأثيرها العقلي والبدني على مَن يتعاطاها؛ فتُصيب جسمَه بالفتور والخمول، وتشلُّ نشاطه، كما يغطيه المسكر، وإن كانت لا تُحدث الشدة المطربة التي هي من خصائص المسكر المائع. وفي الاصطلاح الطبِّي: المخدر: كلُّ مادة خام - أو مستحضر - تحتوي على عناصرَ مُسكِّنة، أو مُنبِّهة، من شأنها إذا استُخدمت في غير الأغراض الطبية المخصصة لها، وبقدر الحاجة إليها، دون مشورة طبية - أن تُؤدِّيَ إلى حالة من التعوُّد والإدمان عليها، مما يُضِر بالفَرْد والمجتمع. وتُعرَّفُ المُخدِّرات عِلميًّا بأنها: مادَّةٌ كيميائية تُسبِّب النعاس أو النوم، وغياب الوعي المصحوب بتسكين الألم، وكلمة مخدر ترجمة لكلمة: نار كوتك Narcotic، والمُشتَّقة من اللاتينية ناركوزيس Narcosis، التي تَعني: يُخدِّر، أو يجعل مخدِّرًا. وتُعرَّف المخدرات قانونيًّا بأنها: مجموعةٌ من المواد تُسبِّب الإدمان، وتُسمِّم الجهاز العصبي، ويَحظر تداولُها، أو زراعتُها، أو تصنيعُها إلا لأغراضٍ يُحدِّدها القانون، ولا تستعمل إلا بواسطة مَن يُرخَّص له بذلك. ثانيًا: عناية الإسلام بحفظ الأبدان والأرواح: إن الإسلام اعتنى بصيانة الكليات الخمسة من: دين، وعقل، وعِرض، ومال، ونفس. وشارب الخمر - مع الأسف - دمَّر بإدمانه هذه الأمورَ الخمسة: 1- خالَف الدين عندما عصى ربه. 2- ودمَّر العقل عندما ستره بالبلايا التي شَرِبها. 3- وضيَّع المال الذي وهبه الله إياه فيما لا ينفع بل فيما يَضر. 4- أما العِرض والنفس: فكم من عِرض ضاع! وكم من نفس أزهقت بسبب الخمر! أخي الشاب: إن العقل هو أعظمُ ما في الإنسان؛ فبه ميَّز الله الإنسانَ عن الحيوان، ولكن ماذا تقول في إنسان كرَّمه الله بنعمةِ العقل، فذهب يَطمس أغلى ما فيه بالخمر. أتعرف أخي الشاب، أن أهل النار يعترفون أنهم كانوا بلا عقول؟! ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10] إنَّ أعداءَ الأمة يريدون أن تتحوَّل هذه الأمة إلى أمة مدمِنة، لا تستطيع أن تزرع أو تصنع أو تنتج، يريدونها أمةً متسولة؛ تتسوَّل منهم خبزها ودواءها، وتدور في فَلك أعدائها، فحَذارِ حذارِ إخوتي في الله مِن أمِّ الخبائث، ورأس الشرور، حذارِ حذارِ من الخمر! ثالثًا: أسباب شرب المخدرات: أ- ضعف الإيمان: إن الإيمان هو: "العقبة الكؤود التي تتحطَّم عليها المعاصي، وهو الصخرة القوية التي تتهاوى عليها الشهوات، وهو الضمانة الأكيدة للوقاية من كل شر، وإن صاحب الإيمان يَعرف أن الخمر حرام، ولا يقع فيما حرَّمه الله، ولو زلَّت قدمه فإنه يسارع إلى ربِّه ويندم على ما قدَّم؛ فيتوب وينيب. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمرَ حين يشربُها وهو مؤمن))؛ رواه البخاريُّ ومسلم، وأبو داود والترمذي والنَّسائي. ب- القدوة السيئة: نعم، إن القدوةَ السيئة لها أبلغ الأثر في وقوع الشباب في شرب المخدرات؛ فالشاب الذي خرج للدنيا فوجد أباه يشرب الخمر، ووجد إخوته يشربون المخدرات، ووجد معظم الذين حوله من الكبار يقعون في هذا البلاء - لا شكَّ أن هذا أطوعُ للشيطان من غيره. إن هذا الشاب نظَرَ إلى أكابر الناس، فوجَدهم في أفراحهم - مثلًا - بين المخدرات والخمور، ونظر إلى الأفلام فوجد البطلَ يشرب الخمر، بل إن عندنا في مصر أمثال تُحرِّض على شرب المخدرات؛ كقول القائل: "رأس بلا كَيْف، تستاهل ضرب السيف". ج- أصدقاء السوء: يقول الله عز وجل: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67]. روى أبو داود، والترمذي، وصححه الألباني، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم مَن يخالل)). إن الصُّحبة لها أثر لا يُنكَر، ومن أهم أسباب وقوع الشباب في شرب المخدرات: أصدقاء السوء، الذين يُغرِّرون ببعضهم؛ بقولهم: 1- اشرب، وجرِّب؛ إن الحياة تجارب. 2- اشرب، إن كأسًا واحدة لا تضر. 3- اشرب؛ نحن في فرح، أو في عيد. 4- أو يوصون الشاب بأن يأخذ (برشامَ كذا)؛ ليعينَه على المذاكرة والسهر، ويُنشِّط الذاكرة... إنهم من شياطين الإنس؛ فاللهم احفظ شبابنا منهم. د- الفرار من الواقع: إن الشباب في عصر الأزمات الاقتصادية الطاحنة قد يشعر بالإحباط واليأس: 1- لأنه أراد عروسًا، وعجز عنها؛ لضيق ذات يده. 2- لأنه تعلَّم في سنين طويلة، حتى إذا حصل على الشهادة العالية، جلس في بيته عاطلًا. فربما حمله اليأس على شرب الخمر والمخدرات؛ لكي يهرب من الواقع البئيس، ويفر منه، والحقيقة أنه بذلك لا يحلُّ مشاكله، بل يعقدها ويَزيدها مشكلات. هـ- الفراغ الديني عند الكثير؛ بسبب البعد عن العلماء وبيوت الله: قال تعالى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123، 124]. و- الإعلام المدمرُ لكثير من القيم والأخلاق، والأفلامُ والمجلَّات والجرائد، والمناظر المحرَّمة. ز- المناهج التعليمية الحديثة. ح- التفكُّك الأسري: يشرب أمام أولاده، ولا يصلي، ولا يمنع أولاده عن الحرام، وكثرة المشاكل بين الآباء. ط- كثرة المروِّجين لها. ثالثًا - الآثار السلبية المترتبة على تعاطي المخدرات: أ- الآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات على الأفراد دينيًّا: جنح الإسلام في أصوله إلى التزام مبدأ العناية بتهذيب الفرد خاصة؛ حتى يكون مصدرَ خير للجماعة؛ لأنه إذا صلح الفرد صلحت الجماعة، يقول تعالى مخاطبًا رسوله وأنصاره: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]. وعنوان صلاح الفرد المسلم إنما يكون بامتثاله الأوامرَ، واجتنابه النواهي؛ ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]. وتناول المخدرات يُعطِّل عن القيام بهذا الأمر العظيم؛ إذ هي صادَّة عن ذكر الله، مانعة من أداء الواجبات الشرعية من: صلاة، وصيام، وغيرهما؛ ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]. فأيُّ ضرر أعظمُ من هذا الضرر الذي يصيب الإنسان في دينه، ويصده عن عبادة ربه؟! ويكفي مُتناوِلَ المخدرات عقوبةً وذنبًا أنه لا يحلُّ له قربان المسجد حتى يصحوَ، ولا تصح صلاتُه حتى يعلم ما يقول، ولا تقبل منه حتى يتوب؛ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن شرب الخمر لم تُقبل له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يَقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة لم يقبلِ الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخَبال))، قيل: يا أبا عبدالرحمن، وما نهرُ الخَبال؟ قال: نهرٌ من صديد أهل النار؛ أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن. إن الدين أعزُّ ما يملكه الإنسان؛ لأنه الثروةُ الحقيقيَّة التي ينال بها الإنسان سعادةَ الدنيا ونعيم الآخرة، والإنسان الذي يعتني بدينه، ويحافظ عليه سيكون في منأًى عن تأثير الشيطان وأعوانه، ولا يمكن أن يقع في شَرَك المخدرات إلا إنسانٌ ضعفت صلته بالله عز وجل، فإذا سقط في مستنقعها، أفسدت عليه دينه وعقله؛ لأنه وقع فريسة لإبليس الذي يحرص على إغوائه، فيصبح شخصًا لا خَلاق له ولا دين له؛ لأن عقله بات أسيرَ شهواته، فلا يردعه وازعٌ من دين أو ضمير؛ لأن إحساسه يتلاشى، وغيرته الدينية تموت بمخالفته أمرَ الله تعالى، وتنَكُّبِه الطريق السويَّ الذي كان يجبُ عليه أن يسلكه. ولا ريب أن الدين والعقل من أهم الضرورات التي يحافظ عليها الإسلام؛ فكلٌّ منهما مرتبط بالآخر، فباستقامة العقل يستقيم للإنسان دينُه، فإذا فسد العقل أدَّى ذلك بالضرورة إلى فساد الدين، وإذا فسد دين الإنسان لم يَعُد له منهج سليم يسلكه، ويختلُّ تفكيره، ولا يتورع أن يرتكب أيَّة جريمة، أو يمارس أيَّة معصية في سبيل إشباع نزواته؛ رُوِي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: "اجتنبوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث، إنه كان رجلٌ ممن كان قبلكم يتعبَّد، فعلقته امرأة أغوَتْه، فأرسلت إليه جاريتَها، فقالت له: إنها تدعوك للشهادة، فانطلقَ مع جاريتها، فطفق كلما دخل بابًا أغلقَتْه دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلامٌ، وباطية خمر، فقالت: والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع عليَّ، أو تشرب من هذه الخمر كأسًا، أو تقتل هذا الغلام. قال: فاسقيني من هذه الخمر كأسًا، فسَقَتْه كأسًا، فقال: زيدوني، فلم يَرُم حتى وقع عليها، وقتل الغلام؛ فاجتنبوا الخمر فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر، إلا أوشَك أن يُخرج أحدُهما صاحبَه"؛ أخرجه النَّسائي موقوفًا على عثمان بن عفان، وإسناده صحيح. وإذا كان هذا من تأثير الخمر، فإن المخدرات تأثيرُها على العقل أبشع من تأثير الخمر، وما في الخمر من مضارَّ دينية وفكرية يوجد في المخدرات ما هو أشدُّ وأنكى منه. ب- الآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات على الأفراد سلوكيًّا: "إنَّ تعاطيَ المخدرات يُؤدِّي إلى نتائجَ سيِّئة للفرد بالنسبة لسلوكه، وعمله وإنتاجه، ووضعه الاجتماعي وثقة الناس به. والأفراد الذين اعتادوا النشاطَ، وكانوا موضعَ الثقة عند غيرهم، تتأثَّر أخلاقُهم، وتَضعُف كفايتُهم الإنتاجية، ويتحوَّلون بفعل المخدر إلى أفراد يفتقرون إلى الكفاية الإنتاجية والمهنيَّة، وتقلُّ لديهم الإرادةُ، ويضعف الحماس، وينعدم النشاط اللازم لتحقيق واجباتهم العادية المألوفة؛ لأن تعاطيَ المخدرات يجعلُهم كُسالى، تفكيرهم سطحيٌّ، لا يوثق فيهم، يهملون أداء مسؤولياتهم، وانفعالاتهم سريعة لأتفه الأسباب، منحرفون في أمزجتهم، وفي تعاملهم مع الناس، وغالبًا ما يتمُّ طردُ المتعاطي من عمله، أو يُجازى ماديًّا، أو يقل دَخلُه وإيراده". ج- الآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات على الأفراد اجتماعيًّا: لتعاطي المخدرات والعقاقير المخدرة آثارٌ سلبية سيئة على السلوك الإنساني؛ نتج عنها كثير من الانحرافات، وارتكابُ كثير من الجرائم؛ منها: 1- نقص الشعور بالمسؤولية، أو انعدامه بالمرة، وإيجادُ ميلٍ قوي إلى الكذب والنفاق وفتور الهمة، وعدم الاكتراث بالواجبات، وقلة الرغبة في الحياة، وانهيار الحياة الزوجيَّة خاصَّة، وقد يدفع إدمان هذه السموم إلى الانتحار في كثير من الأحيان، أو الزجِّ بالمدمن في أحد السجون، أو أحد مستشفيات المجاذيب. 2- فسادُ الطِّباع والغرائز، وشراسة الخلق، ومعاشرة الأدنياء والسفهاء، وفَقْد الغيرة على العِرض، وسوء السلوك بين الفرد المتعاطي للمخدرات والمسكرات وبين رؤسائه في العمل؛ مما يؤثر على مستقبله الوظيفي. 3- لا يقتصر الضرر على الفرد المتعاطي وحدَه، وإنما يشمل بقيَّة أفراد المجتمع؛ ذلك أنه إذا تعاطى المخدرات واعتاد عليها، سَهُل عليه ارتكابُ أبشع الجرائم - كما أسلفتُ - وهنا يتزعزَعُ الأمن، ويضطرب الاستقرارُ في نفوس الأفراد، وتكثر الخصومات والمنازعات لأتفه الأسباب؛ مما يخلخل قاعدة المجتمع، ويُفكِّك بنيته، ويجعل أبناءه غيرَ مترابطين؛ وبذا تسود الفوضى وتعمُّ البلوى. 4- تعاطي المخدرات بين صفوف الطلبة يُؤدِّي إلى التدهور في التحصيل العلمي، ويبعث على القلق، وقد أثبتت الدراسات التي أُجرِيَت على الطلبة أن الذين يتعاطون المخدرات أكثرُ قلقًا وانفعالًا من الطلاب الذين لا يتعاطونها، واتَّضح - أيضًا - وجودُ ارتباط بين هؤلاء المتعاطين، والتردد على الأطباء النفسيِّين للعلاج. 5- ومن الآثار الضارة الناجمة عن تعاطي المخدرات كذلك: الاضطرابات العاطفية، والعقلية، والسلوكية؛ حيث إن المخدرات تخرِّب الشخصية، وتُشوِّش الإدراك، وتبدل الأُلفة، وتزعزع المَلَكات العقلية، حيث أثبت بعض العلماء أن العقار المُخدِّر يُحرِّر الإنسان من بعض الاعتبارات التي تحدد صفاته الشخصية؛ مما يؤدي إلى الاضطراب الفكري والعاطفي والسلوكي. 6- ازدياد العَلاقة بين تعاطي المخدرات وجريمة إزهاق الأرواح، وجرائم هَتْك الأعراض، والسرقة والغش، والتزوير والنصب والاحتيال، واقتراف أبشع الجرائم. ونَخلُصُ من هذا إلى: أن السلوكَ الاجتماعي لدى الأفراد عند تعاطيهم للمخدرات يتغيَّر تغيُّرًا جذريًّا، مقارنةً بحالات عدم التعاطي، ويُبرز النواحيَ الشريرة ومكامنَ حبِّ الجريمة في النفس، وممارسة الأفعال الشاذَّة والتصرفات الشائنة. ومن هنا كانت المخدرات تُمثِّل خطرًا داهمًا على الأمم والشخصيات والعلاقات الإنسانية، والاجتماعية بين الأفراد. د- الآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات على الأفراد صحيًّا: يُؤدِّي تعاطي المخدرات إلى عدة أمراض نفسيَّة وعقليَّة وبدَنيَّة للشخص المتعاطي أو المدمن، وتفاصيل هذه الأضرار وما تنطوي عليه من أخطارٍ تُهدِّد كيان البشرية أفرادًا ومجتمعات - قد تحدَّث عنها بإسهاب كثيرٌ من الباحثين المتخصصين في المجالات الصحية، ولكن نظرةً فاحصةً في أبحاثهم التي أعدُّوها وبيَّنوا فيها أخطارَ المخدرات وما تَحويه من نتائجَ راعبةٍ كفيلةٌ بمعرفة الخطر الداهم والمستقبل المظلم الذي ينتظر كلَّ من سقط في هُوَّة المخدرات، ووقع في شِراكها. وقد أجمعَت كلُّ الدراسات على أن المخدرات تُؤثِّر في أجهزة البدن؛ من حيث القوةُ والحيوية والنشاط، ومن حيث المستوى الوظيفيُّ لأعضاء الجسم وحواسِّه المختلفة، وأن التأثير يتفاوَتُ مداه وقوته تبعًا لاختلاف المخدَّرات، ودرجةِ وطريقةِ تعاطيها، مع اشتراكها في بعض خصائص التأثير. وفي إيضاح الآثار الصحية وغيرها للمخدرات يقول الدكتور علي البدري: هناك آثار بعيدةُ المدى للمخدرات في التدمير والتخريب لعقول مدمنيها، وصحتهم النفسيَّة والجسمية؛ إذ سقطوا عبيدًا للمسكرات والمخدرات، حيث يفقد المريض عقلَه، ولا يرى لنفسه قدرة على العمل والإنتاج؛ فيترك المدرسة - إن كان طالبًا أو مُدرِّسًا - ويترك تجارتَه - إن كان تاجرًا - ويترك عمله بصفة عامة - إن كان عاملًا - ثم ينتابه شعور بأنه مسحور، وأن الآخرين يحاربونه بالسحر، ويشكُّ في أقرب الناس إليه، ويصل به الأمر إلى الشك في أمِّه التي ولدَتْه، وفي أبيه الذي ربَّاه، وفي الواقع ما لديه إلا الجنون، وهلوسة المخدرات المدمرة الساحقة الماحقة. كما تؤثِّر المخدرات تأثيرًا ضارًّا بالغًا في الوظائف العقليَّة لمتعاطيها؛ من حيث الإدراكُ والتفكُّر، والتذكُّر والتخيُّل، والقدرة على الابتكار، كما تُؤثِّر على حواس الإنسان وعلى انفعاله الوجداني، وعَلاقته مع نفسه ومع الآخرين. ولكن ذاك التأثير يَتفاوَتُ مداه وقوته تبعًا لاختلاف المخدرات، ودرجة وطريقة تعاطيها كما بيَّنا سابقًا. إن إدمان المخدرات يؤدي إلى اضطراب الإدراك والحسِّ، وفقدان الشعور والتفكير والوِجدان، والإحساس بالتعب والجنون - والعياذ بالله - كما يؤثر تأثيرًا صحيًّا ملحوظًا على كافة أعضاء الجسم؛ فتتأثر العيونُ، وتتأثر الغُدَد والأسنان والشعر، والجهاز التنفسي، والجهاز الهضمي، وينتج عنه أمراض ضغط الدم وغيرها، وكذا الضعف الجنسي المزمن. كما تَحدث لمُدمني الخمور والمخدرات: نوباتُ إغماء متكررة، وقرحةُ المعدة، وسرطان المرِّيء، وسرطان المعدة، والتهاب البنكرياس الدموي الحادِّ، ومرض تشمُّع الكبد، وأمراض القلب، والدورة الدموية، والتهاب عصب الرئة المؤدي إلى العمى، وأمراض السُّلِّ الرئوي، وأمراض فقر الدم، وتشوهات الأجنَّة في بطون الحوامل المدمنات. كما يسبِّب إدمانُ المخدرات: الإنتان الدموي؛ وهو مرض خطير، والأخطر من هذا كلِّه أن المخدرات تعتبر سببًا رئيسًا في مرض "الإيدز"؛ فقدان المناعة المكتسَبة، هذا المرض الذي سبَّب من الرعب والقلق ما لم يسببه أيُّ مرض آخر منذ قرنٍ من الزمان. هـ- الآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات على الأفراد اقتصاديًّا: إن إدمان المخدرات يسبب اضطرابًا في النمو الاقتصادي بدءًا من الفرد ثم الأسرة ونهاية بالمجتمع كلِّه. فالفرد لَبِنة من لَبِنات تكوين المجتمع، وانخفاض إنتاجية الفرد يؤدي لانخفاض إنتاجية المجتمع: 1- فإذا استسلم الفرد للمخدرات وانغمس فيها، ضَعف أمامَ مواجهة واقع الحياة؛ الأمر الذي يؤدي إلى تناقص كفاءته الإنتاجية؛ مما يعوقُه عن تنمية مهاراته وقدراته. 2- شرب المخدَّرات أو تعاطيها بأي شكل كان، يُنهِكُ الجسم بوجه عام، ويُؤثِّر ذلك في قدرته على العمل أو الدراسة، فيعتريه حينئذٍ الكسلُ والخمول، فيصبح بالتالي عاجزًا عن القيام بكثير من الضروريَّات؛ مما يجعله سلبيًّا في معظم أحواله. 3- شرب المخدرات وإدمانُها يؤدي إلى هبوط إنتاجيَّته كمًّا وكيفًا، فلقد اتضح أن أهم الاضطرابات التي تحدث لدى المتعاطي أثناء التخدير وترتبط بهبوط الجانب الكمي من الإنتاج: هي اضطراب إدراك الزمن، ويليه في الأهمية اضطرابُ إدراك الأصوات، ثم اضطرابُ إدراك الألوان، ثم قلَّة وضوح الرؤية للأشخاص والأشياء، واضطراب إدراك المسافات، واختلال إدراك الحجوم، كما أن اضطراب الذاكرة وانخفاض كفاءة التفكُّر يرتبطان بانخفاض الجانب الكيفي من الإنتاج (جودة الإنتاج). 4- إن الأموال الباهظة التي ينفقها المتعاطي على شراء المخدر تمثِّل خسارة كبيرة على نفسه وعلى أسرته ومجتمعه؛ فهو مستعدٌّ للتضحية حتى بقُوتِه الضروري الذي يقيم صلبَه، وهو لا يحسن التصرف في ميزانية منزله، وهدفه الوحيد والمفضل هو شراء المخدرات بأي ثمن، مهما كانت حاجة الأسرة؛ فهو مستعد كذلك بأن يضحي بقُوت أولاده؛ إرضاء لغريزته. وتُمثِّل المخدرات خسارة على المجتمع أيضًا، وتسبب اضطرابًا في جميع أجهزته ومؤسساته، وكلما زادت ظاهرةُ استعمال المخدرات، ارتفعت معدلات الجرائم الخطيرة، مما يقتضي بالضرورة تدعيم أجهزة الرقابة في الدولة، وتشجيعهم بمكافآت مالية وغير مالية على القيام بهذا العمل، وهذا بالتالي يؤدِّي إلى مضاعفة الإنفاق المالي من الدولة على هؤلاء العاملين في مكافحة المخدرات، وهذا لا شكَّ يشكل عبئًا اقتصاديًّا على الدولة. مما سبق يَتَّضِحُ أن المخدَّرات تؤدي إلى فَقْد الكليَّات الخمس، التي يحرص الإسلام على الحفاظ عليها. والكليَّات الخمس التي اتفق الفقهاء عليها هي: (1) الدين. (2) النفس. (3) العقل. (4) العِرض. (5) المال. فسرعان ما يفقد متعاطي المخدرات الدِّين حين يُقدم على محرَّم شرعًا، ويترك الصلاة عمدًا، ثم تأتي بقية الأركان، وينهدم البناء من أساسه. وثاني هذه الكليات هو: الحفاظ على النفس: ولا شكَّ أن المخدرات تسبب أضرارًا جسيمة بالنفس صحيًّا، وقد أوضحنا آثارها على الصحة. واجتماعيًّا: حيث الحوادث المروِّعة التي تؤدي إلى إزهاق الأرواح بسبب هذا الداء الخبيث. وثالث هذه الكليات: العقل: ووظيفة المخدرات أساسًا هي إزالة العقل، أو المناطق العليا التي تتحكم في سلوك الإنسان، وتعطيه الانضباط. ورابع هذه الكليَّات هو: العِرض: ومدمن المخدرات وضيعُ المنزلة، فاقد السُّمْعة الطيبة بين قرنائه، ليس له من تقدير الناس واحترامهم وحبِّهم حظٌّ ولا نصيب. فضلًا عن أنه من الممكن أن يبيع زوجته وابنته وأختَه؛ من أجل الحصول على شمة، أو حقنة! بل إنه يفقد غيرتَه مع فقدان عقله منذ اللحظات الأولى. وأما الكلية الخامسة وهي: المال: فإن المخدرات تأتي عليها، وتأكلها أكلًا، وكم من أشخاص فقدوا ثرواتهم وأعمالهم بسبب إدمانهم للمخدرات! ثم تحولوا بعد ذلك إلى الإجرام والسرقة واللصوصيَّة؛ من أجل الحصول على المال اللازم لشرائها. وهكذا؛ تؤدِّي المخدرات وإدمانها إلى فقدان الكليَّات الخمس، التي يحرص الإسلام أشدَّ الحرص على الحفاظ عليها. يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: الإدمان وخطره
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: الإدمان وخطره
الإدمان وخطره الشيخ أحمد أبو عيد ب- التوعية الدينية: إن تقوية الإيمان في نفس المسلم هي السبيل الأمثل، والطريق الأقوم لتحصينه من الوقوع في شرَك المخدرات والمسكرات، وهي السدُّ المنيع لحمايته من الآفات الاجتماعية للمدَنيَّة الوافدة الزائفة، والتوعية الدينيَّة في المجتمعات الإسلامية تُستمَدُّ من هَدي النبوة وقيم الدين الإسلامي الحنيف، وتقوم على الإقناع بأن الإسلام هو طريق الحياة المستقرَّة الآمنة، والتي لا ضررَ فيها ولا ضرار، وتسعى إلى تعميق وإرساء المبادئ الأخلاقيَّة، والالتزام بالضوابط السلوكيَّة والنفسية والاجتماعية، وترسم خطى النموِّ الديني في مراحل العمر، وإعداد الفرد المسلم إعدادًا متكاملًا يتوافق سلوكُه مع عقيدة الإسلام، وتخضع جميع تصرفاته لقواعد الدين الحنيف. ويتولى التوعيةَ الدينية فريقٌ متكامل من علماء الشريعة، بالتعاون مع علماء النفس والاجتماع والأطباء، وغيرهم ممن لهم صلةٌ بهذه المشاكل الاجتماعية والصحية والاقتصادية والاجتماعية. والتوعية الدينية تحتاج إلى إعدادٍ مُحْكَم، وترتيب مخطَّط لأهداف مرجوَّة وعملية، كما التوعية الدينية بالمبالغة في التخويف، والتهديد والوعيد، بل بإثارة كوامن النفس السَّويَّة باتباع ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحفيز الهِمَم على تقوى الله وخشيته، واتِّباع أوامره، واجتناب نواهيه، والبُعد عن المحرَّمات، وتبصير الفرد بنفسه وربِّه ودينه، والقيم والمبادئ الإسلامية والأخلاقيَّة، وضبط النفس، واحترام الذات والغير، وكثرة التوبة والاستغفار، والاستقامة على الفضيلةِ والابتعاد عن مهاوي الرذيلة. كما يجبُ أن تكون التوعيةُ الدينية ذاتَ طابع عام، يتَّسم بالبساطة؛ حتى يدركها العامة والخاصة. كما يَلزم أن تتَّسم بالاستمرارية مع مراعاة الأحوال، ويجب في هذا المجال الارتفاع بمستوى الوعَّاظ وأئمة المساجد، وحسن اختيارهم؛ حتى يؤدوا واجبَهم في دُور العلم والعبادة، ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، كما تتطلَّب التوعية الدينية لهذا الصنف من الناس فَهْمَ الداعية كلَّ ما يتصل بمشكلة إدمان المخدرات، كما ينبغي أن يكون لهم دورٌ في تشجيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين أفراد المجتمع، والذي يعتبر من أبرز خصائص هذه الأمة ومَناط خيريَّتِها. إن تربية الشعور الإيماني لدى أفراد الأمة يُعدُّ عنصرًا على جانب كبير من الأهمية؛ لأننا إذا قمنا ببناء المسلم من الداخل، فإننا بذلك نقومُ بتحصينه تحصينًا قويًّا ضدَّ كلِّ الشرور، وبدون هذا البناء فإن جميع المحاولات الخارجية قد تؤثر، ولكنها غير مضمونة. ج- مسؤولية البيئة الاجتماعية: (1) الأسرة. (2) الأصدقاء. (3) وأخيرًا، المجتمع المحلي. (1) الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع: وفي بيئتها ينشأ الأبناء في أطوار حياتهم الأولى، ويتمثَّلون بآبائهم عن طريق المحاكاة والتقليد، بحيث تتَطبَّع نماذج سلوكهم بدرجة كبيرة بالدور الذي يمارسه كلٌّ من الأب والأم معهم، وإذا كانت التنشئة الاجتماعية متكاملة متوافقة مع مبادئ الإسلام وقيمه الأخلاقية وآدابه الرفيعة ومُثله العليا - فإن الأبناء يَسْتقون من الخصائص النفسية والعقلية والأخلاقية ما يمكِّنُهم من التوافق الاجتماعي السليم. وأهم مراحل العمر في التنشئة الاجتماعية هي: الطفولة، والمراهقة. ودور الأسرة في هذه المراحل: • الاهتمام بذات الطفل، وإمكاناته، واستعداداته، وقدراته. • إتاحة الفرص أمام الطفل لممارسة الأعمال الهادفة في جوٍّ يَتَّسم بالحرية دون الفوضى، والمؤازرة دون المخاذلة، والحماية دون الإهمال. ويلاحظ أن الإفراط والمغالاة في تنشئة الصِّغار يدفعان بالصغير إلى التقيُّد بالحدود أكثرَ من اللازم، بل قد يؤدي به الحال إلى الصلابة والجمود، كما أن التراخيَ في التنشئة يؤدي إلى تجاوز الصغيرِ الحدودَ والآداب المرعيَّة، وعدمِ مراعاة الحقوق والمشاعر. كما ينبغي على الأسرة أن تُراقِبَ أبناءها مراقبةً مستمرة، وأن تكون قدوة طيبةً لهم في السلوك والأخلاق، والقول والفعل، وأن تتكفَّل بحاجات أبنائها الأساسيَّة والضرورية ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا، وفي حدود إمكاناتها المتاحة. فعلى الأسرة أن تتساءل بدقة عن الدور الذي تقوم به نحو أبنائها قبل أن تلوم أحدًا، أو تعلق أخطاءها على غيرها. (2) تخيُّر الأصدقاء: فقد ثبَت من خلال الدراسات والتجارب أن المرء يتكيَّف سلوكُه حسب المجموعة التي تحيط به، وأن للصداقات الخاصة أثرًا عميقًا في توجيه النفس والعقل، ولها نتائج هامَّة فيما يصيب الإنسانَ - بل الجماعةَ كلَّها - من تقدم أو تأخر، ومن قلق أو اطمئنان. وقد عُنِي الإسلام بهذه الصلات التي تربطك بالمجتمع؛ حيث يُؤثِّرون فيك، ويتأثرون بك، ويقتربون من حياتك اقترابًا خطيرًا لأمد طويل. إن هذه الصِّلات إن بدأت ونمَت نبيلة باركَها الله، وإن كانت رخيصةً مَهينة ردَّها في وجوه أصحابها: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67]، ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ [الزخرف: 68]. إن أثر الصديق في صديقه عميق، ومن ثَمَّ كان لزامًا على المرء أن ينتقيَ إخوانه، وأن يبلوَ حقائقهم؛ حتى يطمئن إليها، ويثق في معدنها! فإن كانوا قُرناءَ خير يعينونه على أداء الواجب، وحفظ الحقوق، ويحجزونه عن السوء واقترافِ الحرام - فهم قدوة حسنة، يجب أن يستمسِكَ بهم، ويحرص على مودَّتهم، وإلا فليحذَرِ الانخداع بمن يزينون له طرق الغواية، أو يسترسلون معه في أسباب اللغو واللهو. إن الطبع يَسرِقُ من الطبع، وما أسرعَ أن يسير الإنسان في الاتجاه الذي يهواه بعيدًا عن الخير؛ فالعَدوى قانونُها يَسري في الأخلاق كما يسري في الأجسام. وقد شوهد أن عدوى السيئات أشدُّ سريانًا وأقوى فتكًا من عدوى الحسنات؛ ففي أحيان كثيرة تنتقل عدوى التدخين من المصاب بها إلى البريء منها، وتنتقل حُمَّى إدمان المخدرات من المبتلى بها إلى البعيد عنها، ويَنْدُر أن يقع العكس؛ لذا أمَر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بتخيُّر الجليس فقال: ((ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك؛ إن لم يُصبْك منه شيء أصابك من ريحه، ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير، إن لم يُصِبْك من سوادِه أصابك من دُخانِه))؛ فعلى المسلم أن يتخيَّر الأصحاب، وأن ينأى بنفسه عن مجالسة أصحاب المعاصي، وعلى الأسرة أن تختار وتُشجِّع أبناءها على الصحبة الخيِّرة التي تعود عليهم بالخير. (3) مسؤولية المجتمع في مكافحة هذه الآفات: المجتمع المحليُّ يشمل: الأسرة، والمدرسة، والأصدقاء، والمساجد، وهيئات وإدارات الدولة، والهيئات الأمنيَّة والصحية والاجتماعية، وكلها مؤسسات لها دورها وكيانها، ولها أولوياتها في التأثير على الأفراد. والمجتمع المسلم يَمتازُ بميزات لا يمكن أن تتوفَّر في أي مجتمع آخر؛ ذلك أنه يقيم أساس بُنيانه على طاعة الله وطاعة رسوله، والانقياد لأمر الله، وتحكيم شرعه في الحياة، ثم هو بعد ذلك يتواصى أفرادُه فيما بينهم بالحقِّ، ويأمرون بالمعروف، وينهَون عن المنكر، والآياتُ الدالة على هذا الأمر كثيرة، والأحاديث النبوية وفيرة في هذا المجال، ومن ذلك: قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3]. وقال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]. وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أولَ ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يَلقى الرجلَ فيقول له: يا هذا، اتَّقِ الله، ودع ما تصنع؛ فإنه لا يحلُّ لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعُه ذلك أن يكون أكيلَه وشَريبَه وقعيدَه، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوبَ بعضهم ببعض)) ثم قال - أي: قرأ من القرآن -: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 78 - 81]، ثم قال: - يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم -: ((كلَّا والله لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهَوُنَّ عن المنكر، ولتأخذُنَّ على يدِ الظالم، ولتَأطرُنَّه على الحقِّ أطرًا، ولتَقصُرُنَّه على الحق قصرًا، أو ليَضربَنَّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنُكم كما لعنهم))! فالمجتمع الإسلامي لا يكون مجتمعًا إسلاميًّا حقًّا حتى يقيمَ هذه الصفات الطيبة، وينفِّذ هذه الأوامر الإلهية الصريحة، ومجتمعٌ هذا شأنُه لا بد أن يقوم بدوره في مقاومة الفساد؛ فلا يقبل أن ينتشرَ في رُبوعه أيُّ نوع من أنواع الخبائث، ولا يرضى أن يدخل إلى بيئته مَن يُروِّجها بين أفراده، بل يزدري أصحاب المعاصي ويلفظهم ويحتقرهم، ويضيقُ عليهم الخِناق، ويسرع بالتبليغ عنهم إلى السلطات المسؤولة؛ ليأخذوا جزاءهم، ويكونوا عبرةً لغيرهم، والله من وراء القصد. د- دور المؤسَّسات التربوية في الوقاية من المخدرات ومكافحتها: تتعدَّد المؤسسات التربوية ذات الأثر على الأفراد في المجتمع، فبجانب الأسرة والمسجد ودور الإعلام وغيرها؛ فإن المدرسة والجامعة وجميع المؤسسات التعليمية تلعب دورًا هامًّا، ولها تأثيرها الفعَّال في مكافحة المخدرات والوقاية منها. إن المدرسة يمكنها أن تؤدِّيَ دورًا بارزًا بالتعاون مع الأسرة والمجتمع المحلي في معالجة مثل هذه المشاكل الاجتماعية، بل يمكن أن يساهم دَور التعليم في علاج ما تعجز الأسرة عن علاجه؛ مثل: مشاكل التدخين، أو تعاطي المخدرات، أو الانحرافات السلوكيَّة الأخرى. ولكي تقومَ بهذا الدَّور الوقائي يجبُ: 1- مراعاة غرس القيم الإسلامية في نفوس الناشئة؛ عن طريق حثِّهم على أداء الشعائر الدينيَّة. 2- إضافة المواد الدراسيَّة ذات الصِّبغة الدينيَّة إلى الجداول المعتمدة في كل عام دراسيٍّ، وهذا ما تهتمُّ به المملكة العربيَّة السعودية أكثر من غيرها من الدول. 3- إدماج المعلومات المطلوبة في الثقافة الإسلامية، أو المواد العلميَّة؛ كالكيمياء وغيرها، أو الأدب، أو الدراسات النفسيَّة عن العقاقير المخدرة، وكيفية انتشارها، بحيث يتَواءم مستوى المعلومات مع مستويات النموِّ والأعمار الزمنيَّة للطلاب. 4- تدريب المعلمين، وتلقينهم الجديدَ من المعلومات المتصلة بالعقاقير المخدرة وغيرها، مما يُقبل عليه الطلاب إبَّان فترات حَرِجة في حياتهم. 5- ألا يقتصرَ دور المدارس على مواجهة هذه المشاكل وعلاجها بين الطلاب فحسب، بل يمكن أن تؤدِّي المدارس دورها في علاج هذه المشاكل في المجتمعات المحلية التي توجد فيها. 6- مراقبة الطلاب مراقبةً دقيقة؛ حتى يتسنَّى من خلال ملاحظات المشرفين الاجتماعيين معالجةُ ما قد يبدر من أحدهم من ممارسات أخلاقيَّة شاذَّة، قد يكون من بينها تزويدُ زملائه ببعض أنواع المخدرات. 7- إجراء بحوث على أُسَر المدمنين لتعاطي المخدرات، ومحاولة انتشال الطلاب أو إبعادهم قدرَ الإمكان عن المشاكل الأُسرية. هـ- التوعية الإعلامية، ودور وسائل الإعلام في مكافحة المخدرات والوقاية منها: تقوم التوعية الإعلامية الهادفةُ بدور هامٍّ في نشر المعلومات ذات الأهمية في الحيوية الاجتماعية. وقد استُخدمت وسائل الإعلام المتعددة من: صحافة، وكتب، ومجلَّات، وإذاعة، وبث تليفزيوني منذ أمدٍ بعيد في تقديم المعارف والمعلومات ذات الصلة بالمُسكرات، والمخدرات، والعقاقير المخدرة؛ بقصد إبراز نفور المجتمع من وجود هذه المشاكل الاجتماعيَّة - وإبراز أضرارِها وأعراضها، وتثقيف العامة والخاصة - من تعاطيها وإدمانها. لهذا؛ لا بد أن يكون لوسائل الإعلام مكانة رئيسة في حملات مكافحة المخدرات، والوقاية منها، فمن الممكن: 1- القيام بحملة دعائيَّة بطريقة جذَّابة؛ لنشر الوعي حول مخاطر المخدرات وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع. 2- تناول هذه المشكلة بشيء من المناقشة والتحليل الدقيق الذي يُبيِّن أضرارها، وإبراز الطرق التي تساعد الأفراد على التخلُّص منها، ويمكن أن يكون هذا عن طريق ندوات مرئيَّة، أو مسلسل هادف، أو محاضرات دينيَّة إذاعيَّة وتليفزيونية، أو مقالات علميَّة عبر الصِّحافة؛ على أن تكون المعلوماتُ الموجَّهة جديرةً بالتصديق والثقة من قِبَل الأفراد الذين تُوجَّه إليهم. 3- كذلك يجبُ فرضُ رقابة صارمة على الأفلام والمسلسلات الرديئة: عربية أو أجنبية، والتي يمكن أن يُستشفَّ منها أن تَعرِض لأمور الفجور والدَّعارة، وممارسة الحبِّ المكشوف، أو تَعاطي المخدرات والخمور بصورة شائقة ومغرية، ومُضلِّلة للكثيرين من متابعيها. 4- يجب تحديد الأهداف والوسائل، ونوعية البرامج؛ بحيث تُعرض بصورة علمية ومخططة ومستنيرة، على أن يلاحظ التوقيت الملائم، وتوفير الجو والمناخ الملائم، واختيار نوعيَّة التخاطُب، وطريقة جاذبيتها. 5- التصدي لهذه الآفة صراعٌ بين الحق والباطل، وهو مهمة شاقة يجب أن يشارك فيها المجتمعُ بأكمله، وما لم تتضافر جهود الأفراد والأسر والمؤسسات، والدول - فإن الأمر سيكون بالغ الخطورة. 6- ليس لهذه الظاهرة سببٌ واحد، بل هي أسباب متعددة متبادلة التأثير، فلا بد من العناية بها ودراستها، والمحاولة الجادة للقضاء عليها، أو التقليل منها. 7- ضرورة الحزم في تنفيذ العقوبات الشرعية بحق تجار المخدرات ومُهرِّبيها، والمصرِّين على تَعاطيها. إن الغاية من هذه العقوبات هي إصلاح وتهذيب المجرم، وقمعُ نوازع الشر في نفسه من جهة، والحفاظ على أمن المجتمع من جهة أخرى، وقد قال الأولون: إن اللهَ يَزَع بالسلطان، ما لا يزَعُ بالقرآن. 8- الأسرة هي المحضن الأول الذي يتربَّى فيه الناشئة، وعليها المعوَّل في صلاحهم ووقايتهم من الانحراف، ومن أهم الواجبات على أرباب الأسر: تحقيقُ التماسك الأسري، والرعاية الكاملة للناشئة، مع الاهتمام بالتربية السليمة التي تقوم على مبادئ ديننا الحنيف، ونبذ المبادئ المستوردة الجوفاء، التي لا تبني جيلًا، ولا تشفي عليلًا. 9- وسائل الإعلام المختلفة عليها عبء كبير، ومسؤولية عظيمة في الوقاية من هذه الظاهرة؛ بالتوعية المنضبطة بالضوابط الشرعية، ويجب إجراء المراقبة الصارمة على البرامج والأفلام التي تُعرض في وسائل الإعلام. 10- على المجتمع بجميع فئاته - انطلاقًا من الأسرة، وانتهاءً بالدولة - الاهتمامُ باستيعاب طاقات الشباب، واستثمارها في البناء والتطوير، والقضاء على البطالة؛ بتوفير الفرص الوظيفية المناسبة. كما ينبغي العناية بالبرامج الهادفة التي تشغل أوقات الشباب بالأمور النافعة، لا سيما في أوقات الإجازات الصيفية. 11- التركيز على مصادر الموادِّ المخدرة، وسد الثغرات التي يمكن أن تستغلَّها عصابات تهريب المخدرات، وإحكام الرقابة والسيطرة على المنافذ الحدودية. 12- دعم البرامج الإصلاحية في السجون، ومراعاة الفصل بين مهرِّبي المخدرات وبين متعاطيها، ووضع إجراءاتٍ وضوابطَ تَحُدُّ من تأثر صغار المجرمين بكبارهم، واحترافهم الإجرام. 13- الاهتمام بأُسر المدمنين أو الموقوفين بالسجون، وسدُّ حاجتهم، وقضاء شؤونهم. وهذا الأمر له أهميته البالغة في الإرشاد من الانحراف والضياع، وهو من التكافل الاجتماعي الذي حثَّ عليه ديننا الحنيف؛ فهُم في الواقع لا يَعْدون أن يكونوا أقاربَ أو جيرانًا أو إخوة في الدين على أقل تقدير. وفي بلادنا المباركة عدة قنوات يمكن من خلالها تفعيل هذه الرعاية؛ كأقسام الخدمة الاجتماعيَّة في السجون، ومستشفيات الأمل، والجمعيات والمبرَّات الخيرية المنتشرة في كافة مناطق المملكة، وفي الرعاية وقايةٌ وقطعٌ لسبل الغواية. 14- نهوض المسجد برسالته في التوجيه والإرشاد؛ باعتباره أقوى الوسائل تأثيرًا في المجتمع المسلم؛ وذلك عن طريق منبر الجمعة، والمحاضرات، والندوات، وغيرها من النشاطات. ومن المستحسن عقد دورات للأطباء ولأئمة المساجد؛ لتعريفهم بالمخدرات، وأساليب التوجيه المناسبة؛ لتحذير الناس منها، وكيفية التعامل مع المدمنين وإرشادهم. 15- على المربِّي أو المعلم أو القائم على برامج التوعية - أن يُراعيَ في عرض المعلومات التوعوية الضوابطَ التالية: أ) تحرِّي الدقة والموضوعية في المعلومات، والأضرار المتعلقة بالمواد المخدرة، وعدم المبالغة أو التهويل بلا مبرِّر. ب) تبسيط المعلومة وعرضها بأسلوب سهل واضح؛ يؤدي الهدفَ المرادَ تحقيقُه. ج) حسن اختيار المادة المطروحة، وعدم الخوض في تفاصيلَ غيرِ مناسبة؛ كطرق تعاطي المادة المخدرة، أو ما يحدث للمتعاطي بعد تعاطيه المادة، وتجنُّب كل ما يثير حب الاستطلاع والتجربة. والقاعدة: أن لكل شريحة من شرائح المجتمع، ولكل فئة من الطلاب ما يناسبها من الموضوعات. 16- تنشيط السياحة الداخلية المنضبطة بالضوابط الشرعية والاجتماعية التي يقوم عليها هذا البلد الأمين، وتشجيع الاستثمارات الخاصة في هذا المجال، ومحاولة الحدِّ من السياحة الخارجية غير المنضبطة، التي تعرِّض كثيرًا من شبابنا للفتن والانحراف. 17- إصلاح المدمنين، وإعادة تأهيلهم عملٌ يحتاج إلى نَفَس طويل، مع التسلح بالإخلاص لله، والرحمة بالمدمن والشفقة عليه. 18- في التعامل مع المدمنين لا بد من مدِّ الجسور، وتأليف القلوب، وكسر الحواجز بين المدمن وبين القائم على عملية الإصلاح والتوجيه. 19- المدمن إنسان له مشاعره ومشاكله وبيئته، ولا يمكن أن نتعامل مع الإدمان بمعزل عن مشاكله النفسية والاجتماعية، ومعرفة الظروف التي دفعَتْه إلى تعاطي المخدرات. 20- ضرورة الاستمرار في عملية الإصلاح والرعاية بعد التعافي من الإدمان؛ لئلاَّ تحدُثَ الانتكاسة، ويعود المدمن إلى حاله الأولى. نسأل المولى جلَّ وعلا أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل مكروه، وأن يديم علينا الأمن والاستقرار، وأن يردَّ عنا شر الحاسدين، وكيد الكائدين، إنه جوَادٌ كريم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |