فقد خسر خسرانا مبينا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حكم المسلم الذي ينشر الفساد بين المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          نصائح للفتاة المسلمة المقبلة على الزواج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الجنَّـــــــة .. من كتاب اليوم الآخر،سلسلة العقيدة لعمر بن سليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          مناسك الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          العيد في عيون الشعراء,اقوال الشعراء فى العيد,شعر عن العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 9 )           »          الغيرة المحمودة والغيرةالمذمومة بين الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          تقليد الأخرس والضحك منه من السخرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          هل يجب على الرجل أن يأخذ زوجته إلى أهلها كل أسبوع؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الى الزوجين: لاتبوحا بأخطائكما قبل الزواج لبعضكما ..وعليكما بالدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          استحباب صيام الثمانية من ذي الحجة للحاج وغيره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-03-2019, 10:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,255
الدولة : Egypt
افتراضي فقد خسر خسرانا مبينا

فقد خسر خسرانا مبينا
إبراهيم بن محمد الحقيل



الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لله الْعَزِيْزِ الْرَّحِيْمِ: (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيْهِ الَذِيْنَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُوْنَ) [الْأَنْعَامِ: 12] نَحْمَدُهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى جَزِيْلِ عَطَايَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ؛ مَنْ يَهْدِهِ فَهُوَ المُهْتَدِي: (وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُوْنَ) [الْأَعْرَافِ: 178] وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ؛ هَدَاهُ رَبُّهُ وَاجْتَبَاهُ، وَبَعَثَهُ ابْتِلَاءً لِلْعِبَادِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَاً لَا يَمْحُوهُ المَاءُ؛ فَهُوَ هِدَايَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَخَسَارَةٌ لِمَنْ ضَلَّ عَنْهُ: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِيْنَ وَلَا يَزِيْدُ الْظَّالِمِيْنَ إِلَّا خَسَارَاً) [الْإِسْرَاءِ: 82] صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - تعالى - وَأَطِيْعُوْهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ - سبحانه - خَلَقَكُمْ بِقُدْرَتِهِ، وَأَمَرَكُمْ بِعِبَادَتِهِ، وَاسْتَخْلَفَكُمْ فِي الْأَرْضِ لِإِقَامَةِ دِيْنِهِ، وَالْعَمَلِ بِشَرِيْعَتِهِ، فَتِلْكَ يَا عِبَادَ الله غَايَةُ خَلْقِنَا، وَعَلَيْهَا يَكُوْنُ جَزَاؤُنَا: (هُوَ الَّذِيْ جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِيْ الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيْدُ الْكَافِرِيْنَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتَاً وَلَا يَزِيْدُ الْكَافِرِيْنَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارَاً) [فَاطِرِ: 39].
أَيُّهَا الْنَّاسُ: تَعْظُمُ قِيمَةُ الْشَّيْءِ بِبَقَائِهِ وَانْتِفَاعِ الْنَّاسِ بِهِ..فَإِذَا خَسِرَ الْإِنْسَانُ شَيْئَاً ذَا قِيْمَةٍ كَانَتْ خَسَارَتُهُ عَظِيْمَةً.وَخَسَارَةُ المَرْءِ لِشَيْءٍ قَلِيْلٍ مِنْ مَالِهِ لَيْسَتْ كَخَسَارَتِهِ لِجُلِّ مَالِهِ أَوْ كُلِّهِ، وَخَسَارَتُهُ لِمَالِهِ لَيْسَتْ كَخَسَارَتِهِ لِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ؛ إِذْ يُنْفِقُ الرَّجُلُ كُلَّ مَالِهِ لِسَلَامَتِهِمْ، وَخَسَارَةُ الزُّعَمَاءِ لِسُلْطَانِهِمْ وِجَاهِهِمْ أَشَدُّ عَلَى نُفُوْسِهِمْ مِنْ خَسَارَةِ أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ..
وَالْخَسَارَةُ مُرٌّ مَذَاقُهَا، وَشَدِيْدٌ عَلَى الْخَاسِرِ وَطْؤُهَا، فَهِيَ مَجْلَبَةُ الْهَمِّ وَالْغَمِّ، وَهِيَ بَوَّابَةُ الْيَأْسِ وَالْتَعَاسَةِ، وَهِيَ سَبَبُ الْتَّشَفِّي وَالْشَّمَاتَةِ؛ فَلَا يَشْمَتُ الْإِنْسَانُ بِعَدُوِّهِ إِلَّا حَالَ خَسَارَتِهِ..

لَقَدْ ذَاقَ كَثِيْرٌ مِنَ الْنَّاسِ مُرَّ الْخَسَارَةِ، وَعَاشُوا هَمَّهَا وَغَمَّهَا.. فِي مَالٍ خَسِرُوهُ، أَوْ حَبِيبٍ فَقَدُوهُ، أَوْ جَاهٍ نُزِعُوا مِنْهُ..
وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ قَدْ عَالَجَ قَضِيَّةَ الْخُسْرَانِ، وَفَصَّلَ لَنَا رَبُّنَا - سبحانه - فِيْهِ أَنْوَاعَ الْخَسَارَةِ لِمَعْرِفَتِهَا، وَبَيَّنَ لَنَا أَسْبَابَهَا لِاجْتِنَابِهَا.
وَأَعْظَمُ الْخَسَارَةِ خَسَارَةُ الْدِّينِ؛ لِتَعَلُّقِ الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ بِهِ سَعَادَةً وَشَقَاءً، فَمَنْ رَبِحَ الْدِّيْنَ سَعِدَ، وَمَنْ خَسِرَهُ شَقِيَ: (الَّذِيْنَ خَسِرُوَا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُوْنَ) [الْأَنْعَامِ: 20] فَجَعَلَ خَسَارَةَ الْنَّفْسِ فِيْ فَقْدِ الْإِيْمَانِ..
تَأَمَّلُوْا -عِبَادَ الله- الْتَّعْبِيْرَ الْقُرْآنِيَّ الْبَلِيغَ حِيْنَ جَعَلَ خَسَارَتْهُمُ الْحَقِيقِيَّةَ هِيَ خَسَارَتَهُم لِأَنْفُسِهِمْ.. وَيَتَبَادَرُ إِلَى ذِهْنِ الْقَارِئِ وَالْسَّامِعِ: كَيْفَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ مَعَ أَنَّهَا مَوْجُوْدَةٌ؟
إِنَّ مُجَرَّدَ الَوُجُوْدِ لَا يُحَقِّقُ الْسَّعَادَةَ، بَلِ الْعَدَمُ وَالْفَنَاءُ أَهْوَنُ مِنْ الْوُجُوْدِ مَعَ الْشَّقَاءِ؛ وَلِذَلِكَ يَتَمَنَّى الْخَاسِرُوْنَ الْفَنَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (وَيَقُوْلُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابَاً) [الْنَّبَأِ: 40] وَيَطْلُبُونَهُ وَهُمْ فِي الْنَّارِ: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) [الزُّخْرُفِ: 77].
وَفِيْ آَيَاتٍ أُخْرَى ضُمَّ إِلَى خَسَارِتِهِم لِأَنْفُسِهِمْ خَسَارَتُهُم لِأَهْلِهِمْ: (إِنَّ الْخَاسِرِيْنَ الَّذِيْنَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الْظَّالِمِيْنَ فِيْ عَذَابٍ مُقِيْمٍ) [الْشُّوْرَىْ: 45] فَكُلُّ إِنْسَانٍ يَسْعَى فِيْ نَفْعِ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَيَأْنَسُ بِهِمْ مَا لَا يَأْنَسُ بِسِوَاهُمُ، وَيُحِبُّهُمْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَلَمَّا قَصَّرَ الْخَاسِرُوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيْ إِيْصَالِ أَعْظَمِ نَفْعٍ لِأَهْلِيْهِمْ وَأَوْلادِهِمْ فِي الْدُّنْيَا وَهُوَ الْإِيْمَانُ وَالْعَمَلُ الْصَّالِحُ؛ كَانَتْ رُؤْيَتُهُمْ لَهُمْ وَهُمْ يُعَذَّبُوْنَ فِيْ الْنَّارِ مَعَهُمْ مِنْ أَشَدِّ الْخُسْرَانِ الَّذِيْ أَصَابَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوْا سَبَبَاً فِيْ أَلَمِهِمْ وَعَذَابِهِمْ.
فَإِذَا هَدَى اللهُ - تعالى - الْأَهْلَ وَالْوَلَدَ فِيْ الْدُّنْيَا فَلَمْ يَتَّبِعُوْا آَبَاءَهُمْ، وَنُجُّوا مِنَ الْعَذَابِ بِصَلَاحِ أَعْمَالِهِمْ؛ كَانَ ذَلِكَ عَذَابَاً وَخُسْرَانَاً عَلَى أَوْلِيَائِهِمُ المُعَذَّبِيْنَ لِفَقْدِهِمْ فِيْ الْآَخِرَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا عَمَلَهُمْ فِيْ الْدُّنْيَا، فَيُلْحَقُوا بِهِمْ فِي الْنَّعِيمِ؛ وَلِذَا كَانَ مِنْ تَمَامِ نَعِيْمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ تُلْحَقَ بِهِمْ ذُرِّيَّاتُهُمْ المُؤْمِنَةُ، فَيُرْفَعُوا إِلَى مَنَازِلِ آبَائِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوْهَا بِأَعْمَالِهِمْ: (وَالَّذِينَ آمَنُوْا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيْمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) [الْطُّورِ: 21] وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْنَّارِ.
وَفِيْ مَقَامٍ آخَرَ بَيَّنَ اللهُ - تعالى -أَنَّ هَذَا الْنَّوْعَ مِنَ الْخُسْرَانِ هُوَ أَعْظَمُ الْخُسْرَانِ وَأَبْيَنُهُ وَأَشَدُّهُ عَلَى الْإِنْسَانِ: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِيْنَ الَّذِيْنَ خَسِرُوَا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ المُبِيْنُ)[الْزُّمَرْ: 15].
وَأَسْبَابُ الْخُسْرَانِ فِي الْآَخِرَةِ كَثِيْرَةٌ، وَهُوَ خُسْرَانٌ مُتَفَاوِتٌ بِحَسَبِ أَعْمَالِ الْنَّاسِ فِيْ الْدُّنْيَا.. وَطَاعَةُ الْشَّيْطَانِ هِيَ أَصْلُ الْخُسْرَانِ، وَأَسَاسُ الْإِفْلَاسِ: (وَمَنْ يَتَّخِذِ الْشَّيْطَانَ وَلِيَّاً مِنْ دُوْنِ الله فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانَاً مُّبِيْنَاً) [الْنِّسَاءِ: 119] لِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْتَّكْذِيبِ بِلِقَاءِ الله - تعالى -، وَالمُكَذِّبُوْنَ خَاسِرُوْنَ: (قَدْ خَسِرَ الَّذِيْنَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ الله) [الْأَنْعَامِ: 31] وَيَدْعُو لِلْكُفْرِ بِالْقُرْآنِ وَمَا فِيْهِ مِنَ الْهُدَى وَالرَّشَادِ: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُوْنَ) [الْبَقَرَةِ: 121] وَفِي آَيَةٍ أُخْرَى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ الله أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُوْنَ)[الْزُّمَرْ: 63].
وَلَا يَكْتَفِي مِنْهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى يَجْعَلَهُمْ مِنْ دُعَاةِ الْبَاطِلِ وَأَنْصَارِهِ المُحَارِبِيْنَ لِلْحَقِّ وَأَتْبَاعِهِ: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوْا بِالله أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [الْعَنْكَبُوْتِ: 52].
وَمِنَ الْبَاطِلِ الَّذِيْ يَدْعُو إِلَيهِ أَنْ يُزَيِّنَ لِكَثِيْرٍ مِنَ الْنَّاسِ أَنَّ الْأَدْيَانَ وَاحِدَةٌ، وَأَنَّ الْطُّرُقَ كُلَّهَا تُؤَدِّي إِلَى مَرْضَاةِ الله - تعالى -، وَهِيَ المَوْجَةُ الَّتِي رَكِبَهَا دُعَاةُ وَحْدَةِ الْأَدْيَانِ، وَمُذِيبُو الْوَلَاءِ وَالْبَرَاءِ فِيْ مُصْطَلَحَاتِ الْآخِرِ وَالتَّعَايُشِ السِّلْمِيِّ وَنَحْوِهَا، رَغْمَ أَنَّ كُلَّ دِينٍ وَمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ طَرِيقُ الْخُسْرَانِ: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيْنَاً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِيْ الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ) [آَلِ عِمْرَانَ: 85] وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيْمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِيْ الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ) [الْمَائِدَةِ: 5].
وَكَمْ مِنْ مُجْتَهِدٍ فِيْ بَاطِلٍ لَا يَنْفَعُهُ اجْتِهَادُهُ؟! وَكَمْ مِنْ مُنْقَطِعٍ فِيْ مَعْبَدٍ أَوْ كَنِيْسَةٍ يَتَعَبَّدُ فِيْهَا لَا تُغْنِي عَنْهُ عِبَادَتُهُ شَيْئَاً!! وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ رَابِحٌ فَإِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ خَاسِرٌ: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالَاً * الَّذِيْنَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُوْنَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُوْنَ صُنْعَاً) [الْكَهْفِ: 103-104].
وَالْشَّيْطَانُ يُزَيِّنُ لِلْإِنْسَانِ تَرَكَ الطَّاعَاتِ، وَإِتْيَانَ المُحَرَّمَاتِ، حَتَّى تَخِفَّ مَوَازِينُهُ فَيَخْسَرَ: (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِيْ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ) [الْمُؤْمِنُوْنَ: 103].
وَهُوَ الَّذِيْ يُزَيِّنُ لِلْنَّاسِ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا، وَإِهْمَالَ الْآَخِرَةِ وَأَعْمَالِهَا؛ حَتَّى يَخْسَرُوا: (فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِيْ الْدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُوْنَ) [الْتَّوْبَةَ: 69].
فَمَنِ اتَّبَعَ الْشَّيْطَانَ فَقَدْ حَقَّ عَلَيْهِ الْخُسْرَانُ لَا مَحَالَةَ: (أُوْلَئِكَ حِزْبُ الْشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الْشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُوْنَ) [الْمُجَادَلَةِ: 19].
وَمِنْ أَسْبَابِ الْخُسْرَانِ: اتِّبَاعُ قُرَنَاءِ الْسُّوْءِ، وَطَاعَةُ شَيَاطِيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ: (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيَهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِيْ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوْا خَاسِرِيْنَ) [فُصِّلَتْ: 25].
وَطَاعَةُ الْخَاسِرِيْنَ سَبَبٌ لَلْخَسَارَةِ، فَمَنْ رَأَى خَاسِرَاً فِيْ تِجَارَتِهِ بِسَبَبِ تَخْبُطِهِ هَلْ يُطِيْعُهُ أَوْ يُسَلِّمُهُ مَالَهُ فَيَخْسَرُ مِثْلَهُ؟ كَلَّا؛ فَالْعُقَلَاءُ لَا يَفْعَلُوْنَ ذَلِكَ، فَمَا بَالُ كَثِيْرٍ مِنَ الْنَّاسِ يُطِيْعُوْنَ الْكُفَّارَ وَالمُنَافِقِيْنَ مَعَ يَقِيْنِهِمْ بِخُسْرَانِهِمْ، وَقَدْ حَذَّرَنَا اللهُ - تعالى -مِنْ ذَلِكَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوَا إِنْ تُطِيْعُوْا الَّذِيْنَ كَفَرُوا يَرُدُّوْكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِيْنَ) [آَلِ عِمْرَانَ: 149].
وَمِنْ أَسْبَابِ الْخُسْرَانِ: الِاشْتِغَالُ بِالمَالِ وَالْوَلَدِ عَنِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ، وَإِهْمَالُ الْبَاقِيَاتِ الْصَّالِحَاتِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُوْنَ) [الْمُنَافِقُوْنَ: 9].
وَمِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ الْخُسْرَانِ الَّتِيْ نَبَّهَ عَلَيْهَا الْنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - تَضْيِيْعُ الْصَّلَوَاتِ المَفْرُوْضَةِ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ)) رَوَاهُ الْنَّسَائِيُّ وَالْتِّرْمِذِيُّ.
وَمِنَ الْخُسْرَانِ أَنْ يَتَعَامَلَ الْإِنْسَانُ مَعَ دِينِ الله - تعالى - تَعَامُلَاً مَصْلَحِيَّاً؛ فَيُسَخِّرُ دِيْنَهُ لِخِدْمَةِ دُنْيَاهُ، وَيَتَمَسَّكُ بِهِ فِي الْنَّعْمَاءِ، وَيَنْحَرِفُ عَنْهُ فِي الْضَّرَّاءِ، وَقَدْ رَأَيْنَا ذَلِكَ فِي المُنْتَكِسِينَ عَنْ دِينِهِمْ، النَّاكِصِينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، فَمُعَامَلَةُ الله - تعالى - بِهَذِهِ الْطَّرِيْقَةِ سَبَبٌ لِلْخُسْرَانِ المُبِيْنِ: (وَمِنَ الْنَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الْدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ المُبِيْنُ) [الْحَجِّ: 11].
فَهُوَ خُسْرَانٌ فِيهِ مَا يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ أَنَّهُ خُسْرَانٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ خُسْرَانٌ شَدِيدٌ لَا يَخْفَى. قال ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - في سبب نزولها: "كان الرَّجُلُ يَقْدَمُ المَدِينَةَ فَإِنْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ غُلَامًا وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ قال هذا دِينٌ صَالِحٌ، وَإِنْ لم تَلِدْ امْرَأَتُهُ ولم تُنْتَجْ خَيْلُهُ قال هذا دِينُ سُوءٍ" رواه البخاري.
نَعُوْذُ بِالله - تعالى - مِنَ الْخُذْلَانِ وَالْخُسْرَانِ، وَنَسْأَلُهُ - سبحانه - الْإِخْلَاصَ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَالثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ إِلَى المَمَاتِ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ.
أَقُوْلَ مَا تَسْمَعُوْنَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ..
الخُطْبَةُ الْثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لله حَمْدَاً طَيِّبَاً كَثِيْرَاً مُبَارَكَاً فِيْهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الْدِّينِ..
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - تعالى – وَأَطِيْعُوْهُ: (وَاتَّقُوا الْنَّارَ الَّتِيْ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِيْنَ * وَأَطِيْعُوْا اللهَ وَالْرَّسُوْلَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْنَ) [آَلِ عِمْرَانَ: 131-132].
أَيُّهَا المُسْلِمُوْنَ: كَانَ الْأَنْبِيَاءُ - عليهم السلام - يَخَافُوْنَ الْخُسْرَانَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى أَقْوَامِهِمْ، وَكَانُوا يُحَذِّرُوْنَ الْنَّاسَ مِنْ أَسْبَابِ الْخَسَارَةِ، وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى الرِّبْحِ وَالْفَلَاحِ.
كَانُوا يَعْلَمُوْنَ أَنَّ خَسَارَةَ بَنِي آَدَمَ هِيَ فِيْ غَضَبِ الله - تعالى -عَلَيْهِمْ، وَمَقْتِهِ لَهُمْ بِسَبَبِ ذُنُوْبِهِمْ؛ وَلِذَا فَإِنَّ الْأَبَوَيْنِ الْكَرِيْمَيْنِ - عليهما السلام - لمَّا أَكَلَا مِنَ الْشَّجَرَةِ بَادَرَا بِالِاسْتِغْفَارِ خَوْفَاً مِنَ الْخُسْرَانِ، وَرَجَاءَ الْغُفْرَانِ: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ) [الْأَعْرَافِ: 23].
وَلمَّا أَرَادَ نُوحٌ - عليه السلام - نَجَاةَ ابْنِهِ دَعَا لَهُ بِهَا، فَوَعَظَهُ رَّبُّهُ - سبحانه - مُخْبِرَاً إِيَّاهُ أَنْ ابْنَهُ مُشْرِكٌ فَلَيْسَ مِنْهُ، فَبَادَرَ نُوْحٌ بِالِاسْتِغْفَارِ خَوْفَ الْخُسْرَانِ: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ) [هُوْدٍ: 47] وَأَخْبَرَ - عليه السلام - عَنْ قَوْمِهِ بِمَا يُفِيْدُ خُسْرَانَهُمْ: (قَالَ نُوْحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارَاً) [نُوْحٍ: 21].
وَهُودٌ - عليه السلام - لمَّا دَعَا قَوْمَهُ لِلْإِيْمَانِ فَعَصَوْهُ وَدَعُوْهُ لِلْمَعْصِيَةِ بِيَّنَ لَهُمْ أَنْ الْخُسْرَانَ إِنَّمَا يَكُوْنُ بِمَعْصِيَةِ الله - تعالى -، وَأَنَّهُ إِنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ خَسِرَ: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ الله إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيْدُوْنَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) [هُوْدٍ: 63].
وَمِنَ الْخُسْرَانِ مَا يَكُوْنُ فِيْ الدُّنْيَا حِيْنَ يَأْمَنُ الْنَّاسُ مَكْرَ الله - تعالى -، وَلَا يَتَّقُوْنَ غَضَبَهُ - سبحانه -، وَلَا يَخَافُوْنَ عَذَابَهُ - عز وجل -؛ فَيَنْزِلُ بِهِمْ وَهُمْ آمِنُونَ، فَيَخْسَرُونَ أَمْنَهُمْ وَرِزْقَهُمْ، وَلَرُبَّمَا أَتَى الْخُسْرَانُ عَلَى أَهْلِيْهِمْ وَأَوْلادِهِمْ: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُوْنَ) [الْأَعْرَافِ: 99].
وَتِلْكَ خَسَارَةُ الْدُّنْيَا الَّتِي قَدْ تَتْبَعُهَا خَسَارَةُ الْآَخِرَةِ إِنْ هَلَكُوْا قَبْلَ أَنْ يَتُوْبُوْا مِنْ ذُنُوْبِهِمْ كَمَا حَكَى اللهُ - تعالى - عَنِ المُعَذَّبِيْنَ الْسَّابِقِيْنَ الَّذِيْنَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ خَسَارَةُ الْدُّنْيَا بِالْهَلاكِ فِيْهَا مَعَ عَذَابِ الْآَخِرَةِ: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابَاً شَدِيْدَاً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابَاً نُكْرَاً * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرَاً * أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذَابَاً شَدِيْدَاً فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُوْلِيْ الْأَلْبَابِ الَّذِيْنَ آَمَنُوْا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرَاً) [الْطَّلَاقِ: 8-10].
إِنَّهَا مَوْعِظَةٌ رَبَّانِيَّةٌ لَنَا لِنَحْذَرَ طُرُقَ الْخَاسِرِيْنَ، وَنُجَانِبَ أَفْعَالَ الْهَالِكِيْنَ؛ وَلِنَتَّبِعَ نَصَائِحَ المُرْسَلِيْنَ: (فَاتَّقُوا الله يَا أُوْلِيْ الْأَلْبَابِ الَّذِيْنَ آمَنُوْا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرَاً * رَّسُوْلَاً يَتْلُوْ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ الله مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا الْصَّالِحَاتِ مِنَ الْظُّلُمَاتِ إِلَى الْنُّوْرِ) [الْطَّلَاقِ: 11].
وَقَدْ رَأَيْنَا فِي الْدُّنْيَا مَنْ خَسِرُوا أَمْوَالَهُمْ فَصَارُوْا بَعْدَ الْجِدَةِ فُقَرَاءَ يَتَكَفَّفُوْنَ الْنَّاسَ، وَرَأَيْنَا مَنْ نُزِعُوا مِنْ عُرُوْشِهِمْ بَعْدَ أَنْ تَقَلَّبُوا فِي نَعِيْمِ المُلْكِ عِشْرِيْنَ سَنَةً وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِيْنَ، فَهَوَوْا مِنْ ذُرَى الْعِزِّ وَالْقُوَّةِ إِلَى مَطَامِنِ الذُّلِّ وَالْضَّعْفِ.. حَتَّى تَمَنَّوا أَنَّهُمْ مَا خُلِقُوْا أَبَدَاً.. فَيَا لَهَا مِنْ عِبَرٍ لِلْمُعْتَبِرِيْنَ..
هَذَا؛ وَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ الْخَسَارَةُ؛ لِأَنَّهُ خُلِقَ: (ظَلُوْمَاً جَهُوْلَاً) [الْأَحْزَابُ: 72] إِلَّا أَنْ يَمُنَّ اللهُ - تعالى - عَلَيْهِ بِالإِيْمَانِ وَالرَّشَادِ.
وَعَلَى حَقِيْقَةِ خُسْرَانِ الْإِنْسَانِ أَقْسَمَ اللهُ - تعالى - فِيْ كِتَابِهِ الْعَزِيْزِ، فَقَالَ - سبحانه -: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِيْ خُسْرٍ) [الْعَصْرِ: 1-2] وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ ذَلِكَ: (إِلَّا الَّذِيْنَ آَمَنُوْا وَعَمِلُوْا الْصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالْصَّبْرِ) [الْعَصْرِ: 3].
جَعَلَنَا اللهُ - تعالى - وَوَالِدَيْنَا وَأَهْلَنَا وَذُرِّيَّاتِنَا مِنْهُمْ، وَثَبَّتَنَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ نَلْقَاهُ، آَمِيْنَ يَا رَبَّ الْعَالَمِيْنَ.
وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.36 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.65%)]