الأموالُ العربية المهاجرة.. عندما تُخاصِم أوطانَها - ملتقى الشفاء الإسلامي
اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 28 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859142 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393466 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215757 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام

الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-03-2019, 03:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي الأموالُ العربية المهاجرة.. عندما تُخاصِم أوطانَها

الأموالُ العربية المهاجرة.. عندما تُخاصِم أوطانَها


أحمد محمود أبو زيد






هجرة رؤوس الأموال مخططٌ مدروس وضعته دُولُ الغرب لتفريغ الدول العربية والإسلامية من ثرواتها.


نزيفُ الأموال يعطلُ خطط التنمية، ويزيد التخلف، ويزيد من الفجوة الاقتصادية بين دول الشمال ودول الجنوب.
الإحصائيات والأرقام تؤكد أن 37% من سكان العالم الإسلامي يعيشون تحت خط الفقر.
مقياسُ التنمية البشرية يؤكد أن معظم الدول العربية تأتي في المراتب المتأخرة بين دول العالم.
تحسين مناخ الاستثمار، والانفتاح، وبناء العلاقات التجارية المتوازنة، والاستقرار التشريعي.. عوامل تجذب رؤوس الأموال.

• • • • •


مسلسلُ استنزاف الأموال من الدول النامية والفقيرة -وخاصة الدول العربية والإسلامية- إلى الدول الغنية والمتقدمة تحت مسميات عدة كالهجرة والشركة والاستثمار، مسلسلٌ قديم حديث تعانيه الدول النامية وبالأخص الدول العربية، وما زالت تعانيه حتى اليوم نتيجةَ إخفاق السياسات المختلفة في وقف هذا النزيف الاقتصادي، وذلك يزيد من وطأة التخلف، ويقلل من فرص التنمية والنهوض الاقتصادي والاجتماعي.


فهذه الهجرة للأموال من أكبر التحديات التي تقف أمام دول العالم العربي في هذا العصر، ومنذ ما يزيد عن نصف قرن، خاصة إذا كان مِن وراء هذه الهجرة مخططٌ مدروس وضعته أمريكا ودول الغرب لتفريغ الدول العربية والإسلامية من ثرواتها لخدمة الحضارة الأمريكية والأوربية.


فرأسُ المال هو عصبُ الاستثمار والاقتصاد، وركيزةُ التنمية والتقدم والنهوض في كل بلدان العالم، ومخاصمتُه لأوطانه وهجرته الى الخارج يعطلُ خطط التنمية ويزيد التخلف، ويزيد من الفجوة الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية بين دول الشمال ودول الجنوب.


2.4 تريليون دولار:

والإحصائياتُ تشيرُ الى أن الدول العربية والإسلامية فقدت مئات المليارات نتيجة استنزاف الدول المتقدمة الصناعية لرؤوس الأموال العربية والإسلامية، فصندوق النقد العربي قدر منذ سنوات رؤوسَ الأموال العربية المهاجرة خارج الوطن العربي بنحو 2.4 تريليون دولار، وأن العالم العربي يحتاج إلى ربع هذه الأموال فقط للخروج من كل الأزمات الاقتصادية التي يعانيها.

وإذا نظرنا إلى تقارير التنمية البشرية والاقتصادية الخاصة بالعالم العربي والإسلامي، نجد أن الإحصائيات والأرقام تؤكد أن 37% من سكان العالم الإسلامي يعيشون تحت خط الفقر، وهذا يعادل 504 ملايين إنسان، وأكثر البلدان الإسلامية ارتفاعا في معدل التنمية -حسب تقديرات الأمم المتحدة- بروناي والبحرين والإمارات والكويت وقطر، وأكبر دولة إسلامية من حيث الناتج الإجمالي المحلي إندونيسيا ثم تركيا وإيران، وأعلى حصة للفرد من الناتج المحلي الإجمالي: في الكويت والإمارات وقطر، وأعلى مستويات الفقر: في سيراليون وغامبيا وأوغندا، وأعلى نسبة تضخم (انخفاض القيمة الشرائية للنقود المحلية) في سورينام والعراق وتركيا، والأقل تضخما أذربيجان والسعودية وعمان.


وفي عام 1999م كانت وارداتُ العالم الإسلامي 431 مليار دولار، وصادراته 358 مليار دولار، وأكثر الموارد الطبيعية وجودًا في العالم الإسلامي النفط والغاز، إذ يوجد في 35 دولة والغاز الطبيعي في 25 دولة[1].


والاستقراء الشامل الذي أجراه برنامجُ الأمم المتحدة الإنمائي لـ175 بلدًا لتقدير قيمة مؤشر التنمية البشرية، يمكن الاعتماد عليه في تقدير أوضاع المجتمعات في الدول العربية من حيث تمتعها بقدر ما من الرفاهية الاقتصادية، لكونه يتضمن متوسط نصيب الفرد من الناتج.. فهو يعبر -بصورة أو بأخرى- عن قدرة الأفراد على توفير حاجاتهم الأساسية، وهي إحدى مؤشرات الفقر الأساسية.


ويشير مقياسُ "التنمية البشرية" إلى أن معظم الدول العربية تأتي في المراتب المتأخرة بين ترتيب دول العالم، ووفقًا لهذا المؤشر يتراوح ترتيبُ دول مجلس التعاون الخليجي العربية بين 54 و88 في القائمة المذكورة، في حين تراجعت الدولُ المنخفضة الدخل في ترتيبها بين 148 و172، في حين تنحصر باقي الدول العربية بين الترتيب 64 و126، مما يعني أن معظم الدول العربية لا تتمتع بالقدر المناسب من وسائل الرفاهية الإنسانية بمقياس التنمية البشرية.


ويمكن الإفادة من العلاقة بين المؤشرين المذكورين لتقدير مدى إمكانية تحسين أوضاع أفراد المجتمع منخفضي الدخل؛ إذ إن الفرق بين مقياس التنمية البشرية وترتيب الدول العربية وفقًا لمتوسط الناتج المحلي الإجمالي يشير إلى ما يمكن تسميته بـ"الفقر الممكن تجنبه".


وقد أظهر التحليل أنه باستثناء لبنان.. فإن باقي الدول العربية يمكنُها تحسينُ أوضاع أفراد مجتمعاتها من حيث الأجواء الاقتصادية، والممكنات الاجتماعية، والحاجات الأساسية[2].


• ثلث العرب فقراء:

ولمعرفة طبيعة توزيع الفقر في الدول العربية.. فقد كان الاعتمادُ على تقديرات الأهمية النسبية للفقر في الدول العربية من قِبَل بعض المنظمات الدولية، ودراسات أكاديمية أخرى. وبالاستناد إلى البيانات الخاصة بالدخل، فقد قُدِّر الفقر في الوطن العربي بما يتراوح بين 34% و38% في مطلع التسعينيات، وبمعنى آخر.. فإن ما يزيد عن ثلث سكان الوطن العربي يعانون حالة الفقر، ويقبعون تحت "خط الفقر". وكانت النسبة أدنى من ذلك فيما بين منتصف السبعينيات ومنتصف الثمانينيات، وذلك بسبب التزايد الذي حصل في أسعار النفط وإيراداته. وأخذت نسبة الفقر تتزايد في الوطن العربي عقب مطلع التسعينيات، نتيجة الظروف التي انتابت المنطقةَ العربية في المدة المذكورة، وتراجع أسعار النفط إلى الحدود الحقيقية لأسعاره في مطلع السبعينيات[3].

ولا ينحصر الفقر في توزيعه الجغرافي في الدول العربية المنخفضةِ الدخلِ فقط، وإنما يمتد إلى دول عربية أخرى أيضًا من جرّاء المتغيِّرات الاقتصادية التي ذكرت آنفًا. وقد تباينت تقديراتُ الفقر في الدول العربية وفقًا لأسلوب الحصول على البيانات ودقتها، وكذلك نمط قاعدة البيانات التي كان احتساب الفقر في ضوئها، وبالاعتماد على "تقرير التنمية البشرية" تشير التقديرات التي أجريت عن الفقر في العراق بعد مطلع التسعينيات أنه أخذ في التزايد نتيجة الحصار على الاقتصاد العراقي، وما ترتَّب عليه من قيود فرضت على الإنفاق الاستثماري، وقد قدِّرت نسبة الفقر من خلال دراسة أجراها الباحث العراقي "قصي الكليدار" من كلية الإدارة والاقتصاد في الجامعة المستنصرية بما نسبته 25% عام 1988، وارتفع إلى ما نسبته 45% عام 1992م، وأكثر من ذلك في نهاية التسعينيات، نتيجة تراكم الآثار التي أفرزها الحصارُ الاقتصادي على العراق.


وترجع أسبابُ الفقر –على حد قول الخبير العراقي الدكتور سالم توفيق النجفي أستاذ الاقتصاد في جامعة الموصل- إلى التغيرات الهيكلية الرئيسة في القطاع الزراعي في الدول العربية، وسياسات الاقتصاد الجزئي، وتباين الاستخدام التكنولوجي بين الدول العربية، الأمر الذي يؤدي أيضا إلى ضعف الاستثمار في القطاع الزراعي، والسياسات السعرية النسبية للمحاصيل الزراعية، والتي تؤدِّي في حصيلتها النهائية إلى تغيُّر في توزيع الدخل الحقيقي لأفراد المجتمع.


ولا شك أن النزاعات والصراعات داخل الدول العربية والإسلامية، ومع جيرانها، مثل أفغانستان والجزائر والسودان، من المعوقات الأساسية للتنمية، فالأرقامُ تؤكد أن الدول الإسلامية أنفقت 72 مليار دولار على التسلح عام 1997م، ويُستخدم معظمُ السلاح في الحروب بين الدول الإسلامية[4].


• هجرة الأموال:

ومن هنا فإن الأرقام الخاصة بحجم الأموال العربية المهاجرة تعكس أوضاعًا اقتصادية وسياسية عربية تحتاج إلى إعادة نظر لتغيير هذا الواقع العربي وجذب رؤوس الأموال المهاجرة، خاصة مع سعي بعض الدول العربية لفتح أسواقها أمام الاستثمارات الأجنبية وتعديل سياساتها وقوانينها لكسب ثقة مستثمرها المحلي من جهة، وثقة المستثمر الأجنبي من جهة أخرى، وإن كان بعض خبراء الاقتصاد يصف الثروات العربية المستثمرة أو المودعة في الخارج‏ بأنها أموال ضخمة، ولا يستطيع الاقتصادُ العربي استيعابَها بالكامل‏، حتى لو قرَّر أصحابُها إعادتها فجأة للاستثمار المحلي.

• تهريب أم هرب؟

ويرى الاقتصاديون أن الأموال العربية الضخمة المستثمرة في الخارج تندرج تحت بندين هما التهريب والهرب، والهرب مرجعه إلى أسباب وعوامل اقتصادية منطقية‏، فرأسُ المال جبانٌ، وهو يحاول البحث عن الأمان أولا والربحية ثانيًا‏، والأمان ربما لا يوجد؛ لأن مناخ الاستثمار في معظم الأقطار العربية ليس على ما يرام‏، علاوة على ارتفاع عنصر المخاطرة‏. كما أن بيئة الأعمال والاستثمار العربية تعاني عدمَ الاستقرار الاقتصادي والسياسي‏، كما تعاني ضعفًا في البنية التشريعية والقانونية والإدارية، وذلك لا يشجع على تدفق الاستثمارات إليها.

ومن المعروف أن تقييم فرص الاستثمار يخضع لمقياسين هما المجازفة والعائد، والمستثمر العربي -كأي مستثمر- يضع الأمرين في اعتباره‏، ومن الملاحظ أن المجازفةَ في الدول العربية عاليةٌ موازنةً بمثيلاتها في العالم لاعتبارات عدة، يتقدمها صغرُ حجم الأسواق المحلية عامة، ومن هنا فإن المستثمر يبتعدُ عن الاستثمار في الدول العربية لارتفاع المجازفة وقلة العائد عكس ما هو قائم في دول العالم المتقدم[5]‏.


• حوافز الاستثمار:

كما يرجع اتجاهُ رجالِ الأعمال العربِ لاستثمار أموالهم في الخارج إلى (البيروقراطية) الموجودة في بعض دوائر الاستثمار في الدول العربية‏، وعدم وجود حوافز حقيقية مشجعة للمستثمر، فقوانينُ الاستثمار العربية لا تزال دون المستوى المطلوب لحفز وتشجيع الاستثمار بالحجم المناسب، خاصةً إذا ما ووزنت بالبيئة التشريعية والقانونية المثيلة في أوروبا وأمريكا والغرب عمومًا‏.

ويوجد سببان رئيسان وراء تفضيل أصحاب رؤوس الأموال العربية الاستثمارَ في الخارج:

أولهما: عدم اطمئنان رأس المال لاستمرار القوانين والتشريعات واللوائح التي تتغير كل يوم ربما بإرادة فرد، وليس بإرادة مؤسسات قائمة لها أثر معروف‏، وأن ما يُخيف ويطرد المال العربي للخارج هو تغير القوانين واللوائح ووجود عدة تفسيرات لمواد القوانين، في حين إن المستثمر يهتم بالاستقرار التشريعي.

والثاني: أن أسواق المال العربية قد خيبت الآمال فيها لتعثُّر بعضها بسبب سوء الإدارة والاستغلال والتلاعب وعدم معاقبة المخطئين والتساهل معهم تحت دعاوى مختلفة.



ويتفق الخبراءُ حول وجود أسباب سياسية واقتصادية وراء هرب رأس المال العربي للخارج، منها أنها تجعل المستثمر لا يشعر بالأمان والاستقرار الاجتماعي، ومنها ما يتعلق بضعف القوانين التجارية والاستثمارية، وعدم وجود مناخ مشجع للاستثمار، وغياب حرية التبادل التجاري بين الدول العربية وصغر حجم السوق‏.


كما أن خوف المستثمرين العرب على استثماراتهم، والخشية من حدوث تغيرات سياسية في الدول العربية، قد تقلب الأمور رأسًا على عقب، وتطيح بالاستقرار السياسي والاقتصادي معًا‏، فالمستثمر العربي يحصل في الخارج على حوافز ومغريات استثمارية واقتصادية لا تتوفر له في العالم العربي، وأيسرُها حق الإقامة في الدولة التي يستثمر فيها أمواله[6]‏.


• جذب الاستثمارات العربية:

ويرى خبراءُ الاقتصاد أن الطريقة الوحيدة لاستعادة الأموال العربية من الخارج، واستقطاب رؤوس الأموال، هي السعي الحثيث لتحسين مناخ الاستثمار في الدول العربية والإسلامية، وذلك لا يعني إصدارَ قوانين مشجعة للاستثمار فحسب، بل يجب السعي لمنافسة الدول الأجنبية الأخرى في جذب الاستثمارات أيضًا. هذا إلى جانب الانفتاح وبناء العلاقات التجارية المتوازنة والمستمرة، والتي تؤدي عملا أساسيًا في زيادة التجارة البينية، ومن ثم زيادة الاستثمار والمشروعات المشتركة‏.

ويشدد الخبراء على ضرورة مراجعة الحوافز والمزايا التي تمنحها الدول العربية لمواطنيها وللأجانب حتي يستثمروا فيها، ومطابقتها ومضاهاتها بما تمنحه الدول الأخري. ويتضمن ذلك عدة عناصر؛ منها: توفير المناخ الإيجابي الجاذب للاستثمار بحل المشكلات والعقبات التي تواجهه المستثمرين‏، وتوفير الاستقرار بتشريعات متوازية وآليات تنفيذية مرنة، وذلك كله في إطار متوازن يجذب رؤوس الأموال، ويرعى المصالح الوطنية في ذات الوقت‏.‏


• تنمية الفقراء للأغنياء:

وهناك وجه آخر لقضية استنزاف ثروات الدول الفقيرة والنامية من قبل الدول الغنية، الذي يتمثل في الديون وما يترتب عليها من فوائد تقدر بالمليارات، تتحملها ميزانياتُ الدول الفقيرة، فمنذ بداية أزمة الديون في عام 1982م وحتى عام 1990م -وفي كل شهر ولمدة 108 شهر- أحيل مبلغُ 6.5 بليون دولار من الجنوب إلى الشمال، أو تحديدًا من البلاد المدينة في الجنوب إلى البلاد الدائنة في الشمال، وهذا المبلغ يمثل الفوائد فقط، ولو أنه اشتمل على أقساط الدين نفسه لكان إجمالي المبلغ المدفوع 12.45 بليون دولار. وقد أحيلت هذه الأموال إلى البنوك الخاصة والدول الدائنة والمؤسسات العامة العالمية.

والأرقام تقول: إن الفوائد المدفوعة من دول العالم الثالث كافية لتقديم 1000 دولار لكل رجل وامرأة وطفل في الشمال وفي دول أوروبا خلال 9 سنوات. ولا يحصلُ الناسُ في الجنوب على هذه الميزة، مع الثروات التي لا حصر لها، التي تنتقل من الدول النامية إلى الدول الغنية، بل إن سكان الجنوب يدفعون الكثير من الغرامات بسبب السياسات البلهاء للقروض التابعة لحكوماتهم وبنوك دولهم. علاوة على تدخل الدول الكبرى في إدارة اقتصاديات الدول المدينة، وما يقوم به صندوقُ النقد الدولي والبنك الدولي اللذان يعملان باجتهادٍ لتحقيق مصالح الدول الدائنة، التي تمثل أكبر المساهمين بهما[7].


• الديون وزيادة التخلف:

إن هذه المساعدات التي لم يسبق لها مثيل من الفقراء إلى الأغنياء والتي تقدم كخدمة للديون المتراكمة على الدول الفقيرة ربما تكون مجحفة للغاية، فقد أكدت منظمةُ دول التعاون الاقتصادي والتنمية أنه ما بين عام 1982م وحتى عام 1990م كانت الثرواتُ التي أحيلت للدول النامية تقدر بنحو 927 بليون دولار، ومعظم هذه الموارد والثروات لم تكن في هيئة هبات، وإنما كانت ديونا جديدة يترتب عليها مدفوعات وفوائد جديدة واجبة الدفع في المستقبل. وخلال المدة نفسها دفعت الدولُ النامية للدول الدائنة فقط كخدمة للديون 1345 بليون دولار.

ولتقديم صورة صادقة عن تدفق الموارد يجب أن نضيف الكثير من التدفقات العينية والمالية الأخرى التي تخرج من الجنوب إلى الشمال، مثل "إتاوات" حقوق الملكية الفكرية، وإعادة تحويل أرباح المشروعات الأجنبية إلى الخارج، والمواد الخام مبخوسة السعر، وما شابه ذلك، وهكذا يكون الفرق بين الوارد لهذه الدول والخارج منها -وهو 418 بليون دولار لصالح الدول الغنية- أقل من الواقع بكثير.


فمع ضخامة حجم خدمة الدين الكلية -شاملة أقساط السداد التي تتجاوز 1.3 تريليون دولار في الفترة 1982م-1990م- إلا أن الدول المدينة في مجموعها دخلت عقد التسعينيات بزيادة 61% في ديونها عما كانت من قبل عام 1982م، فقد زادت ديونُ منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 133% خلال المدة نفسها، وبصورة عامة ارتفع عبءُ الدين للدول الأكثر فقرًا، والتي يطلق عليها الدول المنخفضة التنمية إلى 110%[8].


ومن هنا فإن السياسات الاقتصادية المفروضة على الديون لم تعالج أيَّ شيء على الإطلاق، بل على العكس سببت معاناةً أسوأَ للبشرية؛ إذ قامت بتدميرٍ شاملٍ للبيئة والأوضاع الاجتماعية، وأدت إلى نضوب موارد الدول النامية، واستنزاف ثرواتها لصالح الدول الغنية، وذلك يجعلها كل سنة أقلَّ قدرةً على سداد خدمة دينها السنوي.

ــــــــــــــــــــــــــ
[1] أرقام عن العالم الإسلامي – تقرير وكالة الأنباء الإسلامية - 21 يوليو 2001م.
[2] المرجع السابق.
[3] العالم العربي يزداد فقرًا – هاني عاشور- قدس برس – الإسلام على الإنترنت - يونيه 2000م.
[4] المتضمنات الاقتصادية للأمن الغذائي والفقر في الوطن العربي: إشكالية الوضع الراهن ومأزق المستقبل – الدكتور سالم توفيق النجفي - مكتبة بيت الحكمة - العراق.
[5] ‏800‏ مليار دولار عربية تخاصم أوطانها -الأهرام العربي –العدد 158– 1 إبريل 2000م.
[6] المرجع السابق.
[7] تنمية الفقراء للأغنياء.. تدفُّق الثروات من الجنوب إلى الشمال - سوزان جورج - الإسلام على الإنترنت - 2 يولية 2000م.
[8] المرجع السابق.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.13 كيلو بايت... تم توفير 1.81 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]