الإسلام والحضارة العربية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-03-2019, 12:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي الإسلام والحضارة العربية

الإسلام والحضارة العربية












لمحمد كرد علي




ابن شهيد ميسلون الخطيب

إن لكل عصر روحاً خاصة تسير المجتمع على اختلاف طبقاته في وجهة واحدة، وإن عصرنا هذا عصر نهضة مجاهدة، فالسياسي يناضل بدهائه، والبطل يجاهد بيده، والأديب يجاهد بقلمه، والعالم يجاهد بعلمه، وهلم جراً فالروح واحدة، متوثبة مناضلة.
وإن أقوى جهاد وأشد نضال هو الذي ينتهي بزمام الأمة إلى يد تقبض عليه فتقوده أنى تشاء، وإن زمام الأمة نفسيتها كما يؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11] وإن نفسية الأمة ثقة وعزيمة تدفعها، أو يأس وخمول يقعد بها، وليس من شيء له في هذا الباب أثر بالغ كالحقائق التاريخية، فإذا كان ثمة ماض مجيد آمنت به الأمة في بدء يقظتها وأول نهضتها كان من ورائها روح تمدها أرواح، ومجد تبقيه أمجاد، وعزيمة تستحثها عزائم، حتى ليحس الفرد يومئذ أنه أمة، وأنه تاريخ يملي على الزمن سطوره، برغباته وعزماته.
إن ثورة التاريخ ثورة أجيال ماضية ومستقبلة يتحسس شعورها أبناء الجيل الحاضر، فيندفعون مهدمين يزيلون الأنقاض والأسس البالية ليبنوا في مكانها قصور أمانيهم الشامخة، ليستظل بأفيائها أبناؤهم وأحفادهم اللاحقون، لذلك فإن من يهمهم تقوية روح النهضة يعتنون بالتاريخ، فيثيرون مطوي دفائنه، ليلوحوا بها، إيقاظاً للهمم الوانية، وشداً للعزائم الضعيفة، وتمكيناً لذوي الهمة، وأما من يهمهم عكس ذلك كالمعتدين المسيطرين والأعداء المستعمرين، فإنهم يحاولون إخفاء حقائق التاريخ جهدهم، كأن لا وجود له، فإن أعجزهم الأمر أسكتوه لينطقوا كما تملي عليهم أهواؤهم وشهواتهم، فإن أعجزهم خلطوا حسنته بسيئتهم، وضللوا النفوس ما استطاعوا، فإذا الحوادث بغير أسبابها وإذا الأعمال بغير نتائجها، وإذا كل شيء مضطرب.
إن هذا الإفساد للحقيقة لا يراه المنصف حتى يمتلكه الغضب فيثور للحقيقة، وهذا ما نراه في عصرنا الحاضر وهو ما أطلق العنان للأستاذ الكبير السيد محمد كرد علي إجابة لرغبة بعض المستشرقين فأراد إنصاف الإسلام وأهله، والعرب ومدنيتهم، فألف كتابه "الإسلام والحضارة العربية" فهو كتاب تاريخي بموضوعه، مجاهد بنضاله ومناقشته، يطارد الأقوال الزائفة فيدحضها، ويخرجها من مظانها فيجهز عليها بحجج قوية تاريخية هادئة، تناسب علم الأستاذ وطبعه، وتقدر وجود بعض المنصفين من المستشرقين فلا تهاجم مهاجمة فيها عنف أبداً، تكظم غيظها ولا تخفي ألمها، وكم أخفت السطور نفثات مصدور وآهات متألم؟ بل كثيراً ما طغت على بعض الأفكار كلمة "الألم" فتسمع من المؤلف قوله: "ومن المؤلم.. ومن المؤلم.. " ومع ذلك فلا يفارق الهدوء بحثه، ما دام المنهاج كما رسمه في مقدمته "إطلاق حرية التفكير والتقرير" وما دامت مظان بحثه كثيرة عربية وتركية وإفرنجية (كما ذكرها في آخر الجزء الثاني).
ولذلك فإنه لم يخرج عن حدود الإنصاف حينما كان يتعرض للأمم الأعجمية، كما ترى مثال ذلك في آخر بحث من جزئه الأول، حين تعرض لأثر المدنية الغربية في البلاد العربية، وعلى الرغم من إفاضته فإنه تحرج فجعل خاتمة بحثه قوله "هذه جريدة بما لقفناه عن الغرب، ذكرنا فيها الحسنات، وأتبعناها بالسيئات، وربما كان فيها بعض النقص غفلنا عنه بخيانة الذاكرة أوردنا منها ما أوردناه على سبيل الذكرى لنصف غيرنا وننتصف منهم". فهو كمؤرخ غزير المادة مدقق محقق منصف، يتمشى مع الحوادث ويتغلغل أحياناً إلى عواملها النفسية أو قواعدها الاجتماعية كما في بحثه "سيئات الغرب في البلاد العربية" فيبسطها بجلاء ووضوح وسهولة وسلاسة عرف بها أسلوب الأستاذ السيد محمد كرد علي، وهو خير أسلوب يناسب التاريخ وكتبه، حتى لتجد فقرات هي من عيون الأدب كخاتمة بحثه في "العلوم والمذاهب في الإسلام" حيث يقيم الدليل على أن تبعة ما حدث في الإسلام إنما تقع على العلماء والرؤساء، فهو قول بابن المقفع صاحب "الأدبين" أشبه، ونظراً لهاتين المزيتين، "التحقيق في المادة والفكرة، والسهولة في الأسلوب"، فإنا نجد للأستاذ قيوداً احترازية قد لا ينتبه إليها إلا القارئ بدقة، كقوله في مقدمته بأن مدنية العرب "كانت على الجملة من أعظم ما قام في الأرض منذ عرف تاريخها" فكلمتا (على الجملة) انسلتا بهدوء، وهما خلاصة أفكار وأبحاث لا يحيط بها إلا الاطلاع على الكتاب الذي نحن بصدده.
لقد أحاط الأستاذ بموضوعه، وأشبع أبحاثه دقة تدل على هدفه الإصلاحي وعلى اطلاعه الواسع وأفكاره الناضجة وآرائه المستقيمة على اختلاف أنواعها، ولو شئنا ضرب الأمثال لفاتنا شيء كبير ولطال بنا المقال ومع ذلك فإنا نذكر من ذلك نظرته كمؤرخ إذ قال: إن المأمون "ارتأى أنهم - أي الشيعة - متى ظهروا من استتارهم للناس رأوهم مثل غيرهم، (لا كما يظنون أنهم من غير طينة الناس) وفيهم الفاجر والطاهر، فتنتهي المطالبة (بالخلافة) أو تجف وتحقن الدماء" وأنه لذلك جعل للعلويين حصة في الخلافة، واستعاض عن سواد بني العباس بخضرة آل علي، وليس كما يقول المؤرخون من أن ذلك منه تشيعاً (ص391ج2) وهو قول يدل على نظر من تفهم نفسية المأمون ومبادئه وسياسته وعصره وأحداثه.
وثمة نظرات منوعة أدبية، كتحقيقه في عزو "نهج البلاغة" باطلاً لسيدنا علي (هامش ص391ج2) واجتماعية ونفسية، كتعليله أسباب فتنة يوم الجمل وصفين والنهروان، ومنها حقوقية كتعليله لعدم تطبيق الأتراك القوانين الحديثة التي أخذوها عن الغرب ص 312ج2 ومنها الشيء الكثير في كل مقام حسب ما يناسبه، ومع أصالتها وإصابتها فإن ذلك لا يمنع الناقد أن يرى في بعضها رأياً مخالفاً فمن ذلك قوله في بحث "الحجاب"؛ "على أن تيار القائلين بكشف الحجاب قد فاض بفعل المدنية الحديثة، بل بفضل الطبيعة التي لا تبقى إلا على الأنسب". نعم إن قانون بقاء الأنسب صحيح لا اعتراض عليه، ولكن هل يضمن لنا الأستاذ بقاء ما نراه من السفور أم أنه حالة شاذة من فساد طغيان المدنية الغربية، وضعف الزاجر الديني، ما دمنا نرى السفور بشكل الحسور الذي يأباه المؤلف ويحذر منه، ويرى أن عقلاء الغرب آخذين بمكافحته؟
إن مثل هذه الملاحظة على قول من أقواله يدل على آرائه وأصالتها وضعف المآخذ عليها وهو ما عرف به الأستاذ فجعل له هذه المكانة التي لم تزدد مع الأيام إلا رسوخاً.
ومما يلفت النظر كثرة اقتباسه في جزئي كتابه، حتى لتجد صفحات ليس له فيها إلا كلمات، غير أن المتأمل فيها يرى قيمتها ويشعر بأن الأستاذ سائر إلى هدف لا يبالي أين مكان القول الذي يؤيد ما هو بسبيله، من إنصاف الإسلام والعرب، وإظهار مكانتهم التاريخية، ليجددوا العزيمة، فيتبوؤوا المكان اللائق بهم تحت الشمس، ولهذا تجد في كتابه روحاً لا تجدها في المصادر التي استمد منها وجدة في معاني الأخبار القديمة التي أتى بها، فهو بتاريخه يعود إلى الماضي ليعيش في الحاضر ويبني المستقبل، ولهذا لم يكتف ببحثه النظري، بل جعل لكتابه خاتمة فيها منهج واضح هو خلاصة نظراته وثقافته التاريخية.
لقد أضاف الأستاذ السيد محمد كرد علي بهذا الكتاب يداً إلى أياديه (كتبه) السالفة فجزاه الله عن الإسلام والعرب خيراً.
المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الثالثة، العدد الأول، 1356هـ - 1937م
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.90 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]