الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.. - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4929 - عددالزوار : 2009045 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4503 - عددالزوار : 1290395 )           »          ابن عمي يتحرش بي (اخر مشاركة : محمدمفسرالاحلام - عددالردود : 1 - عددالزوار : 789 )           »          تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 709 - عددالزوار : 141524 )           »          حياة القلوب - قلوب الصائمين انموذجا**** يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 49 )           »          حقوق العمالة وواجباتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          طهر قلبك من الحسد! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          البرنامج التأصيلي العلمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 10200 )           »          من يحمي المجتمع من عدوى الإعلانات؟!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الفتاوى والرقى الشرعية وتفسير الأحلام > ملتقى الرقية الشرعية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الرقية الشرعية قسم يختص بالرقية الشرعية والعلاج بكتاب الله والسنة النبوية والأدعية المأثورة فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-05-2013, 01:22 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

الحمدلله نستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله. أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا. أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا،وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، وفرق به بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والرشاد والغي، والمؤمنين والكفار، والسعداء أهل الجنة، والأشقياء أهل النار، وبين أولياء الله وأعداء الله. فمن شهد له محمد صلى الله عليه وسلم بأنه من أولياء الله فهو من أولياء الرحمن، ومن شهد له بأنه من أعداء الله فهو من أعداء الله وأولياء الشياطين.
لله أولياء وللشيطان أولياء

وقد بين سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس، وللشيطان أولياء، ففرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان. فقال تعالى:" ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم " وقال تعالى: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين * ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين * يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم * إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ". وقال تعالى: " هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا ".
وذكر أولياء الشيطان فقال تعالى: " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون " وقال تعالى: " الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا ". وقال تعالى: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ". وقال تعالى: " ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ". وقال تعالى: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم * إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين " وقال تعالى : " إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون * وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا " إلى قوله " إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون " وقال تعالى :" وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم " ، وقال الخليل عليه السلام : " يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا " ، وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة " الآيات إلى قوله " إنك أنت العزيز الحكيم "


فصل في صفات أولياء الله

وإذا عرف أن الناس فيهم أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء، كما فرق الله ورسوله بينهما، فأولياء الله هم المؤمنون المتقون، كما قال تعالى: " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون ".
الإيمان والتقوى

وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة - أو فقد آذنته بالحرب - وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ". - وفي رواية فبي يسمع وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي - " ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته. ولابد له منه " وهذا أصح حديث يروى في الأولياء، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من عادى وليا لله فقد بارز الله في المحاربة.
الحب في الله والبغض في الله

وفي حديث آخر: " و إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب " أي: آخذ ثأرهم ممن عاداهم كما يأخذ الليث الحرب ثأره، وهذا لأن أولياء الله هم الذين آمنوا به ووالوه، فأحبوا ما يحب، وأبغضوا ما يبغض، ورضوا بما يرضى، وسخطوا بما يسخط، وأمروا بما يأمر، ونهوا عما نهى، وأعطوا لمن يحب أن يعطى، ومنعوا من يحب أن يمنع، كما في الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله " وفي حديث آخر رواه أبو داود وقال: " من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان ".
موالاة الطاعات

والولاية: ضد العداوة، وأصل الولاية: المحبة والقرب، وأصل العداوة: البغض والبعد. وقد قيل أن الولي سمي وليا من موالاته للطاعات، أي متابعته لها، والأول أصح. والولي: القريب، يقال: هذا يلي هذا، أي يقرب منه. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر " أي لأقرب رجل إلى الميت. ووكده بلفظ الذكر ليبين أنه حكم يختص بالذكور، ولا يشترك فيه الذكور والإناث، كما قال في الزكاة: " فابن لبون ذكر ".
فإذا كان ولي الله هو الموافق المتابع له فيما يحبه ويرضاه، ويبغضه ويسخطه، ويأمر به وينهى عنه، كان المعادي لوليه معاديا له، كما قال تعالى: " لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة " فمن عادى أولياء الله فقد عاداه، ومن عاداه فقد حاربه، فلهذا قال: " ومن عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ".
أفضل أولياء الله

وأفضل أولياء الله هم أنبياؤه، وأفضل أنبيائه هم المرسلون منهم، وأفضل المرسلين أولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " وقال تعالى: " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما ".
أفضل أولي العزم

وأفضل أولي العزم: محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المتقين، وسيد ولد آدم، وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا، وخطيبهم إذا وفدوا، صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، وصاحب لواء الحمد، وصاحب الحوض المورود، وشفيع الخلائق يوم القيامة، وصاحب الوسيلة والفضيلة، الذي بعثه الله بأفضل كتبه، وشرع له أفضل شرائع دينه، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، وجمع له ولأمته من الفضائل والمحاسن ما فرقه فيمن قبلهم، وهم آخر الأمم خلقا، وأول الأمم بعثا، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه - يعني يوم الجمعة - فهدانا الله له: الناس لنا تبع فيه، غدا لليهود، وبعد للنصارى ".
وقال صلى الله عليه وسلم: " أنا أول من تنشق عنه الأرض ". وقال صلىالله عليه وسلم: " آتي باب الجنة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: أنا محمد. فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك ".
وفضائله صلى الله عليه وسلم وفضائل أمته كثيرة، ومن حين بعثه الله جعله الفارق بين أوليائه وبين أعدائه: فلا يكون وليا لله إلا من آمن به وبما جاء به، واتبعه باطنا وظاهرا، ومن ادعى محبة الله وولايته وهو لم يتبعه، فليس من أولياء الله، بل من خالفه كان من أعداء الله وأولياء الشيطان. قال تعالى: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " قال الحسن البصري رحمه الله : ادعى قوم أنهم يحبون الله، فأنزل الله هذه الآية محنة لهم وقد بين الله فيها، أن من اتبع الرسول فإن الله يحبه، ومن ادعى محبة الله ولم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، فليس من أولياء الله: وأن كان كثير من الناس يظنون في أنفسهم، أو في غيرهم، أنهم من أولياء الله، ولا يكونون من أولياء الله، فاليهود والنصارى يدعون أنهم أولياء لله(وأنه لا يدخل الجنة إلا من كان منهم، بل يدعون أنهم أبناؤه ) وأحباؤه. قال تعالى: " قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق " الآية، وقال تعالى: " وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم "، إلى قوله: " ولا هم يحزنون "
ادعاء مشركي العرب أنهم أهل الله

وكان مشركو العرب يدعون أنهم أهل الله، لسكناهم مكة، ومجاورتهم البيت، وكانوا يستكبرون به على غيرهم، كما قال تعالى: " قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون * مستكبرين به سامرا تهجرون " وقال تعالى: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك " إلى قوله: " وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون " فبين سبحانه أن المشركين ليسوا أولياءه ولا أولياء بيته، إنما أولياؤه المتقون.
حديث: وليي الله وصالح المؤمنين

وثبت في الصحيحين عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جهارا من غير سر: " إن آل فلان ليسوا لي بأولياء - يعني طائفة من أقاربه - إنما وليي الله وصالح المؤمنين " وهذا موافق لقوله تعالى: " فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين " الآية. وصالح المؤمنين: هو من كان صالحا من المؤمنين. وهم المؤمنون المتقون أولياء الله. ودخل في ذلك أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسائر أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة،وكانوا ألفا وأربعمائة، وكلهم في الجنة، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة " ومثل هذا الحديث الآخر: إن أوليائي المتقون أيا كانوا وحيث كانوا.
لا طريق غير طريق الإسلام

كما أن من الكفار من يدعي أنه ولي الله، وليس وليا لله، بل عدو له. فكذلك من المنافقين الذين يظهرون الاسلام، يقرون في الظاهر بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنه مرسل إلى جميع الأنس، بل إلى الثقلين: الأنس والجن، ويعتقدون في الباطن ما يناقض ذلك، مثل أن لا يقروا في الباطن بأنه رسول الله، وإنما كان ملكا مطاعا، ساس الناس برأيه، من جنس غيره من الملوك، أو يقولون: إنه رسول الله إلى الأميين دون أهل الكتاب، كما يقوله كثير من اليهود والنصارى، أو أنه مرسل إلى عامة الخلق، وأن لله أولياء خاصة، لم يرسل إليهم، ولا يحتاجون إليه، بل لهم طريق إلى الله من غير جهته، كما كان الخضر مع موسى، أو أنهم يأخذون عن الله كل مايحتاجون إليه وينتفعون به من غير واسطة، أو أنه مرسل بالشرائع الظاهرة وهم موافقون له فيها. وأما الحقائق الباطنة فلم يرسل بها، أولم يكن يعرفها، أو هم أعرف بها منه، أو يعرفونها مثل ما يعرفها من غير طريقته.
حال أهل الصفة

وقد يقول بعض هؤلاء: إن أهل الصفة كانوا مستغنين عنه، ولم يرسل إليهم، ومنهم من يقول: إن الله أوحى إلى أهل الصفة في الباطن ما أوحى إليه ليلة المعراج، فصار أهل الصفة بمنزلته، وهؤلاء من فرط جهلهم، لا يعلمون أن الإسراء كان بمكة، كما قال تعالى: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله " وأن الصفة لم تكن إلا بالمدينة، وكانت صفة في شمالي مسجده صلى الله عليه وسلم ينزل بها الغرباء الذين ليس لهم أهل وأصحاب ينزلون عندهم، فإن المؤمنين كانوا يهاجرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فمن أمكنه أن ينزل في مكان نزل به، ومن تعذر ذلك عليه نزل في المسجد، إلى أن يتيسر له مكان ينتقل إليه.
ولم يكن أهل الصفة ناسا بأعيانهم يلازمون الصفة، بل كانوا يقلون تارة ويكثرون أخرى، ويقيم الرجل بها زمانا، ثم ينتقل منها، والذين ينزلون بها من جنس سائر المسلمين، ليس لهم مزية في علم ولا دين، بل فيهم من ارتد عن الاسلام وقتله النبي صلى الله عليه وسلم، كالعرنيين الذين اجتووا المدينة، أي: استوخموها، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح - أي إبل لها لبن - وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها، فلما صحوا، قتلوا الراعي، واستاقوا الذود، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فأتى بهم، فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم، وتركهم في الحرة يستسقون فلا يسقون.
وحديثهم في الصحيحين من حديث أنس ، وفيه أنهم نزلوا الصفة، فكان ينزلها مثل هؤلاء، ونزلها من خيار المسلمين سعد بن أبي وقاص، وهو أفضل من نزل بالصفة، ثم انتقل عنها، ونزلها أبو هريرة وغيره، وقد جمع أبو عبد الرحمن السلمي تاريخ من نزل الصفة.
وأما الأنصار فلم يكونوا من أهل الصفة، وكذلك أكابر المهاجرين- كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن ابن عوف، وأبي عبيدة (بن الجراح) وغيرهم - لم يكونوا من أهل الصفة.
كذب كل حديث يروى عن النبي في عدة الأولياء
وقد روي أنه كان بها غلام للمغيرة بن شعبة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هذا واحد من السبعة وهذا الحديث كذب باتفاق أهل العلم وإن كان قد رواه أبو نعيم في الحلية وكذا كل حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة الأولياء، والأبدال، والنقباء، والنجباء، والأوتاد، والأقطاب، مثل أربعة، أو سبعة، أو اثني عشر، أو أربعين، أو سبعين، أو ثلاثمائة، أو ثلاثمائة وثلاثة عشر، أو القطب الواحد، فليس في ذلك شيء صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينطق السلف بشيء من هذه الألفاظ إلا بلفظ الأبدال.
وروي فيهم حديث أنهم أربعون رجلا، وأنهم بالشام، وهو في المسند من حديث علي كرم الله وجهه، وهو حديث منقطع ليس بثابت، ومعلوم أن عليا ومن معه من الصحابة، كانوا أفضل من معاوية ومن معه بالشام، فلا يكون أفضل الناس في عسكر معاوية دون عسكر علي.
وقد أخرجا في الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تمرق مارقة من الدين على حين فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق " وهؤلاء المارقون هم الخوارج الحرورية الذين مرقوا لما حصلت الفرقة بين المسلمين في خلافة علي،فقتلهم علي ابن أبي طالب وأصحابه، فدل هذا الحديث الصحيح على أن علي ابن أبي طالب أولى بالحق من معاوية وأصحابه، وكيف يكون الأبدال في أدنى العسكرين دون أعلاهما.
وكذلك ما يرويه بعضهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنشد منشد:
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌ قد لسعت حية الهوى كبدي فلا طبيب لها ولا راقي
إلا الحبيب الذي شغفت به فعنده رقيتي وترياقي
وأن النبي صلى الله عليه وسلم تواجد حتى سقطت البردة عن منكبه، فإنه كذب باتفاق أهل العلم بالحديث، وأكذب منه‌ مايرويه بعضهم أنه مزق ثوبه، وأن جبريل أخذ قطعة منه، فعلقها على العرش، فهذا وأمثاله مما يعرف أهل العلم والمعرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أظهر الأحاديث كذبا عليه.
وكذلك ما يروونه عن عمر رضي الله عنه أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يتحدثان، وكنت بينهما كالزنجي، وهو كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث.
هل يكون لله ولي من النصارى واليهود
والمقصود هنا، أن فيمن يقر برسالته العامة في الظاهر ومن يعتقد في الباطن ما يناقض ذلك، فيكون منافقا، وهو يدعي في نفسه وأمثاله أنهم أولياء الله مع كفرهم في الباطن بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، إما عنادا، أو جهلا، كما أن كثيرا من النصارى واليهود يعتقدون أنهم أولياء الله. وأن محمدا رسول الله. لكن يقولون: إنما أرسل إلى غير أهل الكتاب، وإنه لا يجب علينا اتباعه، لأنه أرسل إلينا رسلا قبله، فهؤلاء كلهم كفار مع أنهم يعتقدون في طائفتهم أنهم أولياء الله، وإنما أولياء الله الذين وصفهم الله تعالى بولايته بقوله: " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون ".
ما لابد منه في الإيمان

ولابد في الايمان من أن يؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر.ويؤمن بكل رسول أرسله الله، وكل كتاب أنزله الله، كما قال تعالى: " قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون * فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ".
الأركان الخمسة

وقال تعالى:" آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير * لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ".
محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين

وقال في أول السورة: " الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون * أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون " فلا بد في الايمان من أن تؤمن أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، لا نبي بعده، وأن الله أرسله إلى جميع الثقلين: الجن والانس.
الإيمان بجملة ما جاء

فكل من لم يؤمن بما جاء به فليس بمؤمن، فضلا عن أن يكون من أولياء الله المتقين. ومن آمن ببعض ماجاء به وكفر ببعض، فهو كافر ليس بمؤمن، كما قال الله تعالى: " إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا * والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ".
الإيمان بوساطته في التبليغ

ومن الايمان به: الايمان بأنه هو الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه، ووعده ووعيده، وحلاله وحرامه، فالحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. فمن اعتقد أن لأحد من الأولياء طريقا إلى الله من غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر من أولياء الشيطان.
وأما خلق الله تعالى للخلق، ورزقه إياهم، وإجابتهم لدعائهم، وهدايته لقلوبهم، ونصرهم على أعدائهم، وغير ذلك من جلب المنافع ودفع المضار، فهذا لله وحده، يفعله بما يشاء من الأسباب، لا يدخل في مثل هذا وساطة الرسل.
أولياء من جنس الكهان والسحرة

ثم لو بلغ الرجل في الزهد والعبادة والعلم ما بلغ، ولم يؤمن بجميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فليس بمؤمن، ولا ولي لله تعالى، كالأحبار والرهبان من علماء اليهود والنصارى وعبادهم. وكذلك المنتسبين إلى العلم والعبادة من المشركين، مشركي العرب والترك والهند، وغيرهم ممن كان من حكماء الهند والترك، وله علم أو زهد وعبادة في دينه، وليس مؤمنا بجميع ما جاء به محمد، فهو كافر عدو لله، وإن ظن طائفة أنه ولي لله، كما كان حكماء الفرس من المجوس كفارا مجوسا، وكذلك حكماء اليونان، مثل أرسطو وأمثاله، كانوا مشركين يعبدون الأصنام والكواكب وكان أرسطو قبل المسيح عليه السلام بثلاثمائة سنة، وكان وزيرا للاسكندر بن فيلبس المقدوني، وهو الذي تؤرخ له تواريخ الروم واليونان، وتؤرخ به اليهود والنصارى. وليس هذا هو ذا القرنين الذي ذكره الله في كتابه، كما يظن بعض الناس أن أرسطوا كان وزيرا لذي القرنين لما رأوا أن ذاك اسمه الاسكندر، وهذا قد يسمى بالاسكندر، ظنوا أن هذا ذاك، كما يظنه ابن سينا وطائفة معه.
وليس الأمر كذلك، بل هذا الاسكندر المشرك - الذي قد كان أرسطو وزيره -متأخر عن ذاك، ولم يبن هذا السد، ولا وصل إلى بلاد يأجوج ومأجوج، وهذا الاسكندر الذي كان أرسطو من وزرائه، يؤرخ له تاريخ الروم المعروف.
وفي أصناف المشركين، من مشركي العرب، ومشركي العرب، ومشركي الهند، واليونان، وغيرهم، من له اجتهاد في العلم والزهد والعبادة، ولكن ليس بمتبع للرسل، ولا مؤمن بما جاؤوا به، ولا يصدقهم فيما أخبروا به، ولا يطيعهم فيما أمروا، فهؤلاء ليسوا بمؤمنين، ولا أولياء الله، وهؤلاء تقترن بهم الشياطين وتنزل عليهم، فيكاشفون الناس ببعض الأمور، ولهم تصرفات خارقة من جنس السحر، وهم من جنس الكهان والسحرة الذي تنزل عليهم الشيطان، قال تعالى: " هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم * يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ".وهؤلاء جميعهم الذين ينتسبون إلى المكاشفات وخوارق العادات إذا لم يكونوا متبعين للرسل، فلا بد أن يكذبوا وتكذيبهم شياطينهم، ولا بد أن يكون في أعمالهم ماهو إثم وفجور، مثل نوع من الشرك أو الظلم أو الفواحش أو الغلو أو البدع في العبادة.
ولهذا تنزلت عليهم الشياطين واقترنت بهم، فصاروا من أولياء الشيطان لا من أولياء الرحمن، قال تعالى: " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين " وذكر الرحمن هو الذكر الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل القرآن، فمن لم يؤمن بالقرآن، ويصدق خبره، ويعتقد وجوب أمره، فقد أعرض عنه، فيقيض له الشيطان فيقترن به.
قال تعالى: " وهذا ذكر مبارك أنزلناه " وقال تعالى: " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى "، فدل ذلك على أن ذكره هو آياته التي أنزلها، ولهذا لو ذكر الرجل الله سبحانه وتعالى دائما ليلا ونهارا مع غاية الزهد، وعبده مجتهدا في عبادته، ولم يكن متبعا لذكره الذي أنزله - وهو القرآن - كان من أولياء الشيطان، ولو طار في الهواء أو مشى على الماء، فإن الشيطان يحمله في الهواء، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.
خصال المنافقين أربع من أمر الجاهلية

ومن الناس من يكون فيه إيمان، وفيه شعبة من نفاق، كما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وإذا عاهد غدر ".
وفي الصحيحين أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الايمان بضع وستون، أو بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الايمان " فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن من كان فيه خصلة من هذه الخصال ففيه خصلة من النفاق حتى يدعها.
و"قد ثبت في الصحيحين أنه قال لأبي ذر وهو من خيار المؤمنين: إنك امرؤ فيك جاهلية ،فقال: يا رسول الله! أعلى كبر سني؟ قال..نعم) ".
وثبت في الصحيح عنه أنه قال: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة على الميت، والاستسقاء بالنجوم ".
وفي الصحيحين "عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم،أنه قال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ".
وفي صحيح مسلم : " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ".
خوف أصحاب النبي ‌‍‌‌‌‌‌صلى الله عليه وسلم من النفاق

وذكر البخاري عن ابن أبي مليكة أنه قال: أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. وقد قال الله تعالى: " وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين * وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان "، فقد جعل هؤلاء إلى الكفر، أقرب منهم للإيمان، فعلم أنهم مخلطون، وكفرهم أقوى، وغيرهم يكون مخلطا وإيمانه أقوى.
وإذا كان أولياء الله هم المؤمنون المتقون، فبحسب إيمان العبد وتقواه ‌‌‌تكون ولايته لله تعالى، فمن كن أكمل إيمانا وتقوى ، كان أكمل ولاية لله، فالناس متفاضلون في ولاية الله عز وجل، بحسب تفاضلهم في الايمان والتقوى، وكذلك يتفاضلون في عداوة الله، بحسب تفاضلهم في الكفر والنفاق، قال الله تعالى: " وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون " وقال تعالى: " إنما النسيء زيادة في الكفر " وقال تعالى: " والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم " ، وقال تعالى في المنافقين " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا " ، فبين سبحانه وتعالى : أن الشخص الواحد ، قد يكون فيه قسط من ولاية الله ، بحسب إيمانه ، وقد يكون فيه قسط من عداوة الله ، بحسب كفره ونفاقه .
وقال تعالى : " ويزداد الذين آمنوا إيمانا " ، وقال تعالى : " ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم " .
أولياء الله طبقتان:سابقون مقربون، وأصحاب يمين

فصل وأولياء الله على طبقتين: سابقون مقربون، وأصحاب يمين مقتصدون وذكرهم الله في عدة مواضع من كتابه العزيز، في أول سورة( الواقعة) وآخرها، وفي سورة(الانسان) و ( المطففين)، وفي سورة( فاطر)، فإنه سبحانه وتعالى ذكر في (الواقعة) القيامة الكبرى في أولها، وذكر القيامة الصغرى في آخرها، فقال في أولها: ‌" إذا وقعت الواقعة * ليس لوقعتها كاذبة * خافضة رافعة * إذا رجت الأرض رجا * وبست الجبال بسا * فكانت هباء منبثا * وكنتم أزواجا ثلاثة * فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة * والسابقون السابقون * أولئك المقربون * في جنات النعيم * ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين ".
فهذا تقسيم الناس إذا قامت القيامة الكبرى التي يجمع الله فيها الأولين والآخرين، كما وصف الله سبحانه ذلك في كتابه في غير موضع، ثم قال تعالى في آخر السورة: " فلولا " أي فهلا " إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون * ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون * فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين * فأما إن كان من المقربين * فروح وريحان وجنة نعيم * وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين * وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم * وتصلية جحيم * إن هذا لهو حق اليقين * فسبح باسم ربك العظيم ".
وقال تعالى في سورة الإنسان: " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا * إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا * إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا " الآيات.
وكذلك ذكر في سورة المطففين فقال: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين * وما أدراك ما سجين * كتاب مرقوم * ويل يومئذ للمكذبين * الذين يكذبون بيوم الدين * وما يكذب به إلا كل معتد أثيم * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين * كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون * ثم إنهم لصالوا الجحيم * ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون * كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم * يشهده المقربون * إن الأبرار لفي نعيم * على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون * ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون ".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من السلف، قالوا: يمزج لأصحاب اليمين مزجا، ويشرب بها المقربون صرفا، وهو كما قالوا: فإنه تعالى قال: " يشرب بها "، ولم يقل يشرب منها، لأنه ضمن قوله: يشرب معنى يروى، فإن الشارب قد يشرب ولا يروى، فإذا قيل: يشربون منها، لم يدل على الري، فإذا قيل: يشربون بها، كان المعنى يروون بها، فالمقربون، يروون بها فلا يحتاجون معها إلى ما دونها، فلهذا يشربون منها صرفا، بخلاف أصحاب اليمين فإنها مزجت لهم مزجا، وهو كما قال تعالى في سورة الانسان: " كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ".
الجزاء من جنس العمل

فعباد الله هم المقربون المذكورون في تلك السورة، وهذا لأن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والأخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في، عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ". رواه مسلم في صحيحه ‍. وقال صلى الله عليه وسلم: " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " قال الترمذي: حديث صحيح.
وفي الحديث الآخر الصحيح الذي في السنن يقول الله تعالى: " أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها اسما من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته "، وقال: " ومن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله "، ومثل هذا كثير.
وأولياء الله تعالى على نوعين: مقربون، وأصحاب يمين، كما تقدم، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عمل القسمين في حديث الأولياء فقال: يقول الله تعالى:" من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به،وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ".
فالأبرار أصحاب اليمين هم المتقربون إليه بالفرائض، يفعلون ما أوجب الله عليهم، ويتركون ما حرم الله عليهم، ولا يكلفون أنفسهم بالمندوبات، ولا الكف عن فضول المباحات.
وأما السابقون المقربون فتقربوا إليه بالنوافل بعد الفرائض، ففعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات، والمكروهات، فلما تقربوا إليه بجميع مايقدرون عليه من محبوباتهم أحبهم الرب حبا تاما، كما قال تعالى: " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه "، يعني الحب المطلق كقوله تعالى: " اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " أي أنعم عليهم الانعام المطلق التام المذكور في قوله تعالى: " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ".
فهؤلاء المقربون صارت المباحات في حقهم طاعات يتقربون بها إلى الله عز وجل، فكانت أعمالهم كلها عبادات لله، فشربوا صرفا، كما عملوا له صرفا. والمقتصدون كان في أعمالهم ما فعلوه لنفوسهم، فلا يعاقبون عليه، ولا يثابون عليه، فلم يشربوا صرفا، بل مزج لهم من شراب المقربين بحسب ما مزجوه في الدنيا.

هل للولي طريق لا يحتاج فيه إلى محمد صلى الله عليه وسلم

ومن ادعى أن من الأولياء بالذين بلغتهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، من له طريق إلى الله لا يحتاج فيه إلى محمد، فهذا كافر ملحد، وإذا قال:أنا محتاج إلى محمد في علم الظاهر، دون علم الباطن، أو في علم الشريعة، دون علم الحقيقة، فهو شر من اليهود والنصارى الذين قالوا: إن محمدا رسول إلى الأميين دون أهل الكتاب، فإن أولئك آمنوا ببعض، وكفروا ببعض، فكانوا كفار بذلك.
يتبع...
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو الشيماء ; 25-05-2013 الساعة 12:08 AM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-05-2013, 01:26 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

إيمان الأولياء بين الباطن والظاهر

وكذلك هذا الذي يقول: إن محمدا بعث بعلم الظاهر، دون علم الباطن آمن ببعض ما جاء به، وكفر ببعض، فهو كافر، وهو أكفر من أولئك، لأن علم الباطن، الذي هو علم إيمان القلوب ومعارفها وأحوالها، هو علم بحقائق الايمان الباطنة، وهذا أشرف من العلم بمجرد أعمال الاسلام الظاهرة.
كفر من يدعي ان محمدا صلى الله عليه وسلم علم من الأمور ظاهرها وان الأولياء علموا باطنها

فإذا ادعى المدعي، أن محمدا صلى الله عليه وسلم، إنما علم هذه الأمور الظاهرة، دون حقائق الايمان، وأنه لا يأخذ هذه الحقائق عن الكتاب والسنة، فقد ادعى أن بعض الذي آمن به مما جاء به الرسول، دون البعض الآخر، وهذا شر ممن يقول: أومن ببعض، وأكفر ببعض، ولا يدعي أن هذا البعض الذي آمن به، أدنى القسمين.
لا مثيل لولاية محمد صلى الله عليه وسلم على الاطلاق
وهؤلاء الملاحدة يدعون أن الولاية أفضل من النبوة، ويلبسون على الناس، فيقولون: ولايته أفضل من نبوته، وينشدون:
مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي
ويقولون: نحن شاركناه في ولايته التي هي أعظم من رسالته، وهذا من أعظم ضلالهم، فإن ولاية محمد لم يماثله فيها أحد، لا إبراهيم ولا موسى، فضلا عن أن يماثله فيها هؤلاء الملحدون.
وكل رسول نبي ولي، فالرسول نبي ولي، ورسالته متضمنة لنبوته، ونبوته متضمنة لولايته، وإذا قدروا مجرد إنباء الله إياه بدون ولايته لله، فهذا تقدير ممتنع، فإنه حال إنبائه إياه، ممتنع أن يكون إلا وليا لله، ولا تكون مجردة عن ولايته، ولو قدرت مجردة، لم يكن أحد مماثلا للرسول في ولايته.
ادعاؤهم بوحدة معدن الأنبياء والأولياء

وهؤلاء قد يقولون كما يقول صاحب الفصوص ابن عربي : إنهم يأخذون من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى الرسول، وذلك أنهم اعتقدوا عقيدة المتفلسفة، ثم أخرجوها في قالب المكاشفة، وذلك أن المتفلسفة الذين قالوا: إن الأفلاك قديمة أزلية، لها علة تتشبه بها، كما يقوله أرسطو وأتباعه: أولها موجب بذاته، كما يقوله متأخروهم، كابن سينا ، وأمثاله، ولايقولون: إنها لرب خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ولا خلق الأشياء بمشيئته وقدرته، ولا يعلم الجزيئات، بل إما أن ينكروا علمه مطلقا، كقول أرسطو ، أو يقولوا: إنما يعلم في الأمور المتغيرة كلياتها، كما يقول ابن سينا ، وحقيقة هذا القول، إنكار علمه بها، فان كل موجود في الخارج فهو معين جزئي الافلاك، كل معين منها جزئي، وكذلك جميع الأعيان وصفاتها وأفعالها، فمن لم يعلم إلا الكليات، لم يعلم شيئا من الموجودات والكليات إنما توجد كليات في الأذهان، لا في الأعيان.
والكلام على هؤلاء مبسوط في موضع آخر، في رد تعارض العقل والنقل وغيره، فإن كفر هؤلاء أعظم من كفر اليهود والنصارى، بل ومشركي العرب، فإن جميع هؤلاء يقولون: إن الله خلق السماوات والأرض وإنه خلق المخلوقات بمشيئته وقدرته.
و أرسطو ونحو من المتفلسفة واليونان، كانوا يعبدون الكواكب والأصنام، وهم لا يعرفون الملائكة والانبياء، وليس في كتب أرسطو ذكر شيء من ذلك، وإنما غالب علوم القوم الأمور الطبيعية.

كيف تتلبسهم الشياطين فيظنونها ملائكة

قال تعالى: " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون * حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين * ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون " وقال تعالى: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا " إلى قوله: " يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا " وقال تعالى: " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم " وقال تعالى: " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب ".
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: أنه رأى جبريل يزع الملائكة، والشياطين إذا رأت ملائكة الله التي يؤيد بها عباده هربت منهم، والله يؤيد عباده المؤمنين بملائكته.
قال تعالى: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا " وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها " وقال تعالى: " إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها " وقال تعالى: " إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين * بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ".
كذاب ثقيف ومبيرها

وهؤلاء تأتيهم أرواح تخاطبهم وتتمثل لهم، وهي جن وشياطين، فيظنونها ملائكة، كالأرواح التي تخاطب من يعبد الكواكب والأصنام.
وكان من أول ما ظهر من هؤلاء في الاسلام: المختار ابن أبي عبيدالذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سيكون في ثقيف كذاب ومبير " وكان الكذاب: المختار ابن أبي عبيد، والمبير: الحجاج بن يوسف فقيل لابن عمر وابن عباس إن المختار يزعم أنه ينزل إليه، فقالا: صدق قال تعالى: " هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم ".
وقال الآخر: وقيل له: إن المختار يزعم أنه يوحي إليه، فقال: قال الله تعالى: " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ".
تفنيد مزاعم ابن عربي

وهذه الأرواح الشيطانية، هي الروح الذي يزعم صاحب الفتوحات أنه ألقى إليه ذلك الكتاب، ولهذا يذكر أنواعا من الخلوات بطعام معين، وشيء معين، وهذه مما تتفتح لصاحبها اتصالا بالجن والشياطين، فيظنون ذلك من كرامات الأولياء.
احواله الشيطانية

وإنما هو من الأحوال الشيطانية، وأعرف من هؤلاء عددا، ومنهم من كان يحمل في الهواء إلى مكان بعيد ويعود، ومنهم من كان يؤتى بمال مسروق، تسرقه الشياطين وتأتيه به، ومنهم من كاتت تدله على السرقات بجعل يحصل له من الناس أو لعطاء يعطونه إذا دلهم على سرقاتهم ونحوذلك.
ولما كانت أحوال هؤلاء شيطانية، كانوا مناقضين للرسل صلوات الله تعالى وسلامه عليهم، كما يوجد في كلام صاحب الفتوحات المكية و ‌ الفصوص .


يتبع


__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو الشيماء ; 25-05-2013 الساعة 12:09 AM.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-05-2013, 01:27 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

كيف تحصل كرامات أولياء الله

وكرامات أولياء الله إنما حصلت ببركة اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم. فهي في الحقيقة تدخل في معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم.
كرامات النبي صلى الله عليه وسلم

مثل انشقاق القمر وتسبيح الحصا في كفه، وإتيان الشجر إليه، وحنين الجذع إليه، وإخباره ليلة المعراج بصفة بيت المقدس، وإخباره بما كان وما يكون، وإتيانه بالكتاب العزيز، وتكثير الطعام والشراب مرات كثيرة، كما أشبع في الخندق العسكر من قدر طعام وهو لم ينقص، في حديث أم سليم المشهور، وروى العسكر في غزوة خيبر من مزادة ماء ولم تنقص، وملأ أوعية العسكر عام تبوك من طعام قليل ولم ينقص، وهم نحو ثلاثين ألفا ونبع الماء من بين أصابعه مرات متعددة حتىكفى الناس الذين كانوا معه، كما كانوا في غزوة الحديبية نحو ألف وأربعمائة أو خمسمائة، ورده لعين أبي قتادة حين سالت على خده فرجعت أحسن عينيه، ولما أرسل محمد بن مسلمة لقتل كعب بن الأشرف فوقع وانكسرت رجله فمسحها فبرأت، وأطعم من شواء مائة وثلاثين رجلا كلا منهم حز له قطعة، وجعل منها قصعتين فأكلوا منهما جميعهم، ثم فضل فضله. وقضى ( دين) عبدالله أبي جابر لليهودي وهو ثلاثون وسقا.
قال جابر: فأمر صاحب الدين أن يأخذ التمر جميعه بالذي كان له فلم يقبل، فمشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال لجابر: جد له، فوفاه الثلاثين وسقا، وفضل سبعة عشر وسقا ومثل هذا كثير، قد جمعت نحو ألف معجزة.
كرامات الصحابة والتابعين

وكرامات الصحابة والتابعين بعدهم وسائر الصالحين كثيرة جدا، مثل ما كان أسيد بن حضير يقرأ سورة الكهف فنزل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج، وهي الملائكة نزلت لقرائته وكانت الملائكة تسلم على عمران بن حصين، وكان سلمان و أبو الدرداء يأكلان في صحفة، فسبحت الصحفة أو سبح ما فيها. و"عباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، فأضاء لهما نور مثل طرف السوط، فلما افترقا، افترق الضوء معهما" رواه البخاري وغيره.
وقصة الصديق في الصحيحين " لما ذهب بثلاثة أضياف معه إلى بيته، وجعل لا يأكل لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها، فشبعوا وصارت أكثر مما هي قبل ذلك. فنظر إليها أبو بكر وامرأته، فإذا هي أكثر مماكانت، فرفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء إليه أقوام كثيرون فأكلوا منها وشبعوا ".
وخبيب بن عدي كان أسيرا عند المشركين بمكة شرفها الله تعالى، وكان يؤتى بعنب يأكله وليس بمكة عنبة .
وعامر بن فهيرة قتل شهيدا، فالتمسوا جسده فلم يقدروا عليه، وكان لما كان قتل رفع، فرآه عامر بن الطفيل وقد رفع. وقال عروة: فيرون الملائكة رفعته .
وخرجت أم أيمن مهاجرة وليس معها زاد ولا ماء، فكادت تموت من العطش، فلما كان وقت الفطر وكانت صائمة، سمعت حسا على رأسها، فرفعته فإذا دلو معلق، فشربت منه حتى رويت، وما عطشت بقية عمرها .
" وسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الأسد بأنه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشى معه الأسد حتى أوصله مقصده ".
والبراء بن مالك كان إذا أقسم على الله تعالى أبر قسمه، وكان الحرب إذا اشتدت على المسلمين في الجهاد يقولون: يا براء! أقسم على ربك، فيقول: يا رب! أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم، فيهزم العدو، فلما كان يوم القادسية قال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وجعلتني أول شهيد، فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا .وخالد بن الوليد حاصر حصنا منيعا، فقالوا: لا نسلم حتى تشرب السم، فشربه فلم يضره.
وسعد بن أبي وقاص كان مستجاب الدعوة، ما دعا قط إلا استجيب له، وهو الذي هزم جنود كسرى وفتح العراق .
وعمر بن الخطاب لما أرسل جيشا أمر عليهم رجلا يسمى سارية، فبينما عمر يخطب فجعل يصيح على المنبر: يا سارية! الجبل، يا سارية الجبل الجبل، فقدم رسول الجيش فسأله، فقال يا أمير المؤمنين! لقيننا عدونا فهزمونا فإذا بصائح: يا سارية الجبل، يا سارية الجبل، فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله .
ولما عذبت الزنيرة على الاسلام في الله، فأبت إلا الإسلام وذهب بصرها،قال المشركون: أصاب بصرها اللات والعزى، قالت: كلا والله، فرد الله عليها بصرها .
ودعا سعيد بن زيد على أروى بنت الحكم فأعمى بصرها لما كذبت عليه، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلها في أرضها فعميت ووقعت في حفرة من أرضها فماتت .
والعلاء بن الحضرمي كان عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على البحرين وكان يقول في دعائه: يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم، فيستجاب له، ودعا الله بأن يسقوا ويتوضؤوا،لما عدموا الماء، والإسقاء لما بعدهم، فأجيب. ودعا الله لما اعترضهم البحر ولم يقدروا على المرور بخيولهم، فمروا كلهم على الماء ما ابتلت سروج خيولهم، ودعا الله أن لا يروا جسده إذا مات، فلم يجدوه في اللحد، وجرى مثل ذلك لأبي مسلم الخولاني الذي ألقي في النار، فإنه مشى هو ومن معه من المعسكر على دجلة، وهي ترمي بالخشب من مدها، ثم التفت إلى أصحابه فقال: تفقدون من متاعكم شيئا حتى أدعو الله عز وجل فيه؟ فقال بعضهم: فقدت مخلاة، فقال: اتبعني، فتبعته فوجدها قد تعلقت بشيء فأخذها، وطلبه الأسود العنسي لما ادعى النبوة، فقال له: أتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع، قال: أتشهد أن محمد رسول الله؟ قال: نعم، فأمر بنار فألقي فيها، فوجدوه قائما يصلي فيها، وقد صارت عليه بردا وسلاما.
وقدم المدينة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فأجلسه عمر بينه وبين أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أرى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الله، ووضعت له جاريته السم في طعامه فلم يضره، وخببت امرأة عليه زوجته، فدعا عليها فعميت وجاءت وتابت، فدعا لها فرد الله عليها بصرها.
وكان عمر بن عبد قيس يأخذ عطاءه ألفي درهم في كمه، ومايلقاه سائل في طريقه ألا أعطاه بغير عدد، ثم يجيء إلى بيته فلا يتغير عددها ولا وزنها. ومر بقافلة قد حبسهم الأسد، فجاء حتى مس بثيابه الأسد، ثم وضع رجله على عنقه وقال: إنما أنت كلب من كلاب الرحمن،وإني أستحيي من الله أن أخاف شيئا غيره، ومرت القافلة، ودعا الله تعالى أن يهون عليه الطهور في الشتاء، فكان يؤتى بالماء له بخار، ودعا ربه أن يمنع قلبه من الشيطان وهو في الصلاة، فلم يقدر عليه.
وتغيب الحسن البصري عن الحجاج، فدخلوا عليه ست مرات فدعا الله عز وجل فلم يروه، ودعا على بعض الخوارج - كان يؤذيهم - فخر ميتا.
وصلة بن أشيم مات فرسه وهو في الغزو، فقال: اللهم لا تجعل لمخلوق علي منة. ودعا الله عز وجل فأحيا له فرسه، فلما وصل إلى بيته قال: يا بني خذ سرج الفرس فانه عارية، وأخذ سرجه فمات الفرس. وجاع مرة بالأهواز، فدعا الله عز وجل استطعمه، فوقعت خلفه دوخلة رطب في ثوب حرير، فأكل التمر، وبقي الثوب عند زوجته زمانا. وجاءه الأسد وهو يصلي في غيضه بالليل، فلما سلم قال له: اطلب الرزق من غير هذا الموضع، فولى الأسد وله زئير.
وكانسعيد ين المسيب في أيام الحرة يسمع الأذان من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوقات الصلوات، وكان المسجد قد خلا، فلم يبقى غيره.
ورجل من النخع كان له حمار فمات في الطريق، فقال له أصحابه: هلم نتوزع متاعك على رحالنا، فقال لهم: أمهلوني هنيهة، ثم توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتين، ودعا الله تعالى فأحيا له حماره، فحمل عليه متاعه.
ولما مات أويس القرني وجدوا في ثيابه أكفانا لم تكن معه قبل، ووجدوا له قبرا محفورا فيه لحد في صخرة، فدفنوه فيه وكفنوه، في تلك الأثواب.
وكان عمرو بن عقبة بن فرقد يصلي يوما في شدة الحر فأظلته غمامة وكان السبع يحميه وهو يرعى ركاب أصحابه، لأنه كان يشترط على أصحابه في الغزو أنه يخدمهم.
وكان مطرف بن الشخير إذا دخل بيته سبحت معه آنيته، وكان هو وصاحب له يسيران في ظلمة، فأضاء لهما طرف السوط.
ولما مات الأحنف بن قيس، وقعت قلنسوة رجل في قبره، فأهوى ليأخذها فوجد القبر قد فسح فيه مد البصر.
وكان إبراهيم التميمي يقيم الشهر والشهرين لا يأكل شيئا، وخرج يمتار لأهله طعاما فلم يقدر عليه، فمر بسهلة حمراء فأخذ منها، ثم رجع إلى أهله ففتحها فإذا هي حنطة حمراء، فكان إذا زرع منها تخرج السنبلة من أصلها إلى فرعها حبا متراكبا.
وكان عتبة الغلام سأل ربه ثلاث خصال: صوتا حسنا، ودمعا غزيرا، وطعاما من غير تكلف. فكان إذا قرأ بكى وأبكى، ودموعه جارية دهره، وكان يأوي إلى منزله فيصيب فيه قوته ولا يدري من أين يأتيه.
وكان عبد الواحد بن زيد أصابه الفالج، فسأل ربه أن يطلق له أعضاءه وقت الوضوء، فكانت وقت الوضوء تطلق له أعضاءه ثم تعود بعدها.
وهذا باب واسع. ( و) قد بسط الكلام على كرامات الأولياء في غير هذا الموضع.
وأما ما نعرفه نحن عيانا ونعرفه في هذا الزمان فكثير، ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف الايمان أو المحتاج، أتاه منها ما يقوي إيمانه ويسد حاجته، ويكون من هو أكمل ولاية لله منه مستغنيا عن ذلك، فلا يأتيه مثل ذلك، لعلو درجته وغناه عنها، لنقص ولايته. ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة، بخلاف من يجري على يديه الخوارق لهدي الخلق ولحاجتهم، فهؤلاء أعظم درجة.

__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو الشيماء ; 25-05-2013 الساعة 12:09 AM.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-05-2013, 01:28 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

بعض الأحوال الشيطانية


وهذا بخلاف الأحوال الشيطانية، مثل حال عبد الله بن صياد الذي ظهر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدجال، وتوقف النبي صلى الله عليه وسلم في أمره حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال، لكنه كان من جنس الكهان. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " قد خبأت لك خبأ، قال: الدخ الدخ. وقد كان خبأ له سورة الدخان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إخسأ فلن تعدو قدرك " يعني إنما أنت من إخوان الكهان، والكهان كان يكون لأحدهم القرين من الشياطين يخبره بكثير من المغيبات بما يسترقه من السمع، وكانوا يخلطون الصدق بالكذب كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الملائكة تنزل في العنان - وهو السحاب - فتذكر الأمر قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع فتوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم ".

وفي الحديث الذي رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " بينما النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من الأنصار إذ رمي بنجم فاستنار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ماكنتم تقولون لمثل هذا في الجاهلية إذا رأيتموه؟ قالوا: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمرا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء، ثم يسأل أهل السماء السابعة حملة العرش: ماذا قال ربنا؟ فيخبرونهم، ثم يستخير أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا. وتخطف الشياطين السمع فيرمون فيقذفونه إلى أوليائهم، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون ".

وفي رواية، قال معمر: قلت للزهري: أكان يرمى بها في الجاهلية؟ قال: نعم، ولكنها غلظت حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم.

والأسود العنسي الذي ادعى النبوة كان له من الشياطين من يخبره ببعض الأمور المغيبة، فلما قاتله المسلمون كانوا يخافون من الشياطين أن يخبروه بما يقولون فيه، حتى أعانتهم عليه امرأته لما تبين لها كفره فقتلوه.

وكذلك مسيلمة الكذاب كان معه من الشياطين من يخبره بالمغيبات ويعينه على بعض الأمور.

وأمثال هؤلاء كثيرون، مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان وادعى النبوة، وكانت الشياطين تخرج رجليه من القيد، وتمنع السلاح أن ينفذ فيه، وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده، وكان يرى الناس رجالا وركبانا على خيل في الهواء ويقول: هي الملائكة، وإنما كانوا جنا، ولما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه الطاعن بالرمح فلم ينفذ فيه. فقال له عبد الملك: إنك لم تسم الله فسمى الله فطعنه فقتله.


آية الكرسي تطرد الشياطين


وهكذا أهل الأحوال الشيطانية تنصرف عنهم شياطينهم إذا ذكر عندهم ما يطردها، مثل آية الكرسي، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه " لما وكله النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة الفطر، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة؟ فيقول: زعم أنه لا يعود، فيقول: كذبك وأنه سيعود فلما كان في المرة الثالثة، قال: دعني حتى أعلمك ما ينفعك: إذا أويت إلى فراشك فأقرأ آية الكرسي: " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " إلى آخرها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: صدقك وهو كذوب وأخبره أنه شيطان ".

ولهذا إذا قرأها الإنسان عند الأحوال الشيطانية بصدق أبطلتها، مثل من يدخل النار بحال شيطاني، أو يحضر سماع المكاء والتصدية فتنزل عليه الشياطين وتتكلم على لسانه كلاما لا يعلم، وربما لا يفقه.

وربما كاشف بعض الحاضرين بما في قلبه، وربما تكلم بألسنة مختلفة، كما يتكلم الجني على لسان المصروع. والانسان الذي حصل له الحال لا يدري بذلك بمنزلة المصروع الذي يتخبطه الشيطان من المس ولبسه وتكلم على لسانه، فإذا أفاق لم يشعر بشيء مما قال.

ولهذا قد يضرب المصروع ( ضربا كثيرا حتى قد يقتل مثله الإنسي أو يمرضه لو كان هو المضروب) وذلك الضرب لا يؤثر في الإنسي، ويخبر إذا أفاق أنه لم يشعر بشيء، لأن الضرب كان على الجني الذي لبسه.

ومن هؤلاء من يأتيه الشيطان بأطعمة وفواكه وحلوى وغير ذلك مما لا يكون في ذلك الموضع، ومنهم من يطير به الجني إلى مكة، أو بيت المقدس أو غيرهما، ومنهم من يحملهم عشية عرفة، ثم يعيده من ليلته، فلا يحج حجا شرعيا، بل يذهب بثيابه، ولا يحرم إذا حاذى الميقات، ولا يلبي، ولا يقف بمزدلفة، ولا يطوف بالبيت، ولا يسعى بين الصفا والمروة، ولا يرمي الجمار، بل يقف بعرفة بثيابه، ثم يرجع من ليلته، وهذا ليس بحج ( مشروع باتفاق المسلمين، بل هو كمن يأتي الجمعة ويصلي بغير وضوء وإلى غير القبلة، ومن هؤلاء المحمولين، من حمل مرة إلى عرفات ورجع فرأى في النوم ملائكة يكتبون الحجاج) فقال: ألا تكتبوني؟ فقالوا: لست من الحجاج. يعني لم تحج حجا شرعيا.


فروق بين كرامات الأولياء والأحوال الشيطانية


وبين كرامات الأولياء، وبين ما يشبهها من الأحوال الشيطانية فروق متعددة: منها، أن كرامات الأولياء سببها الايمان والتقوى، والأحوال الشيطانية، سببها ما نهى الله عنه ورسوله.

وقد قال تعالى: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " فالقول على الله بغير علم، والشرك والظلم والفواحش، قد حرمها الله تعالى ورسوله. فلا تكون سببا لكرامة الله تعالى بالكرامات عليها، فإذا كانت لا تحصل بالصلاة والذكر وقراءة القرآن، بل تحصل بما يحبه الشيطان، وبالأمور التي فيها شرك، كالاستغاثة بالمخلوقات، أو كانت مما يستعان بها على ظلم الخلق وفعل الفواحش.


أحوال شيطانية أخرى


فهي من الأحوال الشيطانية، لا من الكرامات الرحمانية.

ومن هؤلاء من إذا حضر سماع المكاء والتصدية يتنزل عليه شيطانه حتى يحمله في الهواء ويخرجه من تلك الدار، فإذا حضر رجل من أولياء الله تعالى، طرد شيطانه فيسقط، كما جرى هذا لغير واحد.

ومن هؤلاء من يستغيث بمخلوق إما حي أو ميت، سواء كان ذلك المخلوق مسلما أو نصرانيا أو مشركا، فيتصور الشيطان بصورة ذلك المستغاث به، ويقضي بعض حاجة ذلك المستغيث، فيظن أنه ذلك الشخص، أو هو ملك تصور على صورته، وإنما هو شيطان أضله لما أشرك بالله، كما كانت الشياطين تدخل في الأصنام وتكلم المشركين.

ومن هؤلاء من يتصور له الشيطان ويقول له: أنا الخضر، وربما أخبره ببعض الأمور، وأعانه على بعض مطالبه، كما قد جرى ذلك لغير واحد من المسلمين واليهود والنصارى. وكثير من الكفار بأرض المشرق والمغرب، يموت لهم الميت، فيأتي الشيطان بعد موته على صورته، وهم يعتقدون أنه ذلك الميت، ويقضي الديون، ويرد الودائع، ويفعل أشياء تتعلق بالميت، ويدخل إلى زوجته ويذهب، وربما يكونون قد أحرقوا ميتهم بالنار، كما تصنع كفار الهند، فيظنون أنه عاش بعد موته ومن هؤلاء شيخ كان بمصر أوصى خادمه فقال: إذا أنا مت فلا تدع أحدا يغسلني، فأن أجيء وأغسل نفسي، فلما مات رأى خادمه شخصا في صورته، فاعتقد أنه هو دخل وغسل نفسه، فلما قضى ذلك الداخل غسله، أي غسل الميت، غاب، وكان ذلك شيطانا، وكان قد أضل الميت، وقال: إنك بعد الموت تجيء فتغسل نفسك، فلما مات جاء أيضا في صورته ليغوي الأحياء، كما أغوى الميت قبل ذلك.

ومنهم من يرى عرشا في الهواء، وفوقه نور، ويسمع من يخاطبه ويقول: أنا ربك، فإن كان من أهل المعرفة، علم أنه شيطان فزجروه واستعاذ بالله منه، فيزول.

ومنهم من يرى أشخاصا في اليقظة يدعي أحدهم أنه نبي أو صديق أو شيخ من الصالحين، وقد جرى هذا لغير واحد ( وهؤلاء منهم من يرى ذلك عند قبر الذي يزوره، فيرى القبر قد انشق وخرج إليه صورة، فيعتقدها الميت، وإنما هو جني تصور بتلك الصورة. ومنهم من يرى فارسا قد خرج من قبره. أو دخل في قبره، ويكون ذلك شيطانا، وكل من قال: أنه رأى نبيا بعين رأسه فما رأى إلا خيالا).

ومنهم من يرى في منامه أن بعض الأكابر، إما الصديق رضي الله عنه أوغيره قد قص شعره، أوحلقه، أو ألبسه طاقيته، أو ثوبه، فيصبح وعلى رأسه طاقية، وشعره محلوق، أو مقصر، إنما الجن قد حلقوا شعره أو قصروه، وهذه الأحوال الشيطانية تحصل لمن خرج عن الكتاب والسنة، وهم درجات، والجن الذين يقترنون بهم من جنسهم وعلى مذهبهم، والجن فيهم الكافر والفاسق والمخطىء، فإن كان الإنسي كافرا أو فاسقا أو جاهلا، دخلوا معه في الكفر والفسوق والضلال، وقد يعاونونه إذا وافقهم على ما يختارونه من الكفر، مثل الإقسام عليهم بأسماء من يعظمونه من الجن وغيرهم، ومثل أن يكتب أسماء الله أو بعض كلامه بالنجاسة، أويقلب فاتحة الكتاب، أو سورة الإخلاص، أو آية الكرسي، أو غيرهن، ويكتبهن بنجاسة فيغورون له الماء، وينقلونه بسبب ما يرضيهم به من الكفر، وقد يأتونه بمن يهواه من امرأة أو صبي، إما في الهواء، وإما مدفوعا ملجأ إليه. إلى أمثال هذه الأمور التي يطول وصفها. والإيمان بها، إيمان بالجبت والطاغوت والجبت: السحر. والطاغوت: الشياطين والأصنام وإن كان الرجل مطيعا لله ورسوله باطنا وظاهرا، لم يمكنهم الدخول معه في ذلك، أو مسالمته.

ولهذا لما كانت عبادة المسلمين المشروعة في المساجد التي هي بيوت الله، كان عمار المساجد أبعد عن الأحوال الشيطانية، وكان أهل الشرك والبدع يعظمون القبور ومشاهد الموتى، فيدعون الميت أو يدعون به، أو يعتقدون أن الدعاء عنده مستجاب - أقرب إلى الأحوال الشيطانية.

__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23-05-2013, 01:35 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

حال أصنام الجاهلية

وكذلك عباد الأصنام قد تخاطبهم الشياطين، وكذلك من استغاث بميت أو غائب، وكذلك من دعا الميت أو دعا به، أو ظن أن الدعاء عند قبره أفضل منه في البيوت والمساجد، ويروون حديثا هو كذب باتفاق أهل المعرفة وهو: إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور .
وإنما هذا وضع من فتح باب الشرك.
ويوجد لأهل البدع وأهل الشرك المتشبهين بهم من عباد الأصنام والنصارى والضلال من المسلمين أحوال عند المشاهد يظنونها كرامات وهي من الشياطين، مثل أن يضعوا سراويل عند القبر فيجدونه قد انعقد أو يوضع عنده مصروع فيرون شيطانه قد فارقه يفعل الشيطان هذا ليضلهم، وإذا قرأت آية الكرسي هناك بصدق بطل هذا، فإن التوحيد يطرد الشيطان. ولهذا حمل بعضهم في الهواء فقال: لا إله إلا الله، فسقط، ومثل أن يرى أحدهم أن القبر قد انشق وخرج منه إنسان فيظنه الميت وهو شيطان. وهذا باب واسع لا يتسع له هذا الموضع.

مغارات الشياطين

ولما كان هذا الانقطاع إلى المغارات والبوادي من البدع التي لم يشرعها الله ولا رسوله، صارت الشياطين كثيرا ما تأوي المغارات والجبال، مثل مغارة الدم التي بجبل قاسيون، وجبل لبنان الذي بساحل الشام، وجبل الفتح بأسوان بمصر، وجبال بالروم وخراسان، وجبال بالجزيرة، وغير ذلك، وجبل اللكام، وجبل الأحيش، وجبل سولان قرب أردبيل، وجبل شهنك عند تبريز، وجبل ماشكو عند أتشوان، وجبل نهاوند، وغير ذلك من الجبال التي يظن بعض الناس أن بها رجالا من الصالحين من الإنس، ويسمونهم: رجال الغيب، وإنما هناك رجال من الجن، فالجن رجال، كما أن الإنس رجال، قال تعالى: " وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ".
ومن هؤلاء من يظهر بصورة شعراني، جلده يشبه جلد الماعز، فيظن من لا يعرفه أنه إنسي، وإنما هو جني. ويقال: بكل جبل من هذه الجبال الأربعون الأبدال. وهؤلاء الذين يظنون أنهم الأبدال هم جن بهذه الجبال، كما يعرف ذلك بطرق متعددة.
وهذا باب لا يتسع هذا الموضع لبسطه، وذكر ما نعرفه من ذلك، فإنا قد رأينا وسمعنا من ذلك ما يطول وصفه في هذا المختصر الذي كتب لمن سأل أن نذكر له من الكلام على أولياء الله تعالى ما يعرف به جمل ذلك.

أقسام الناس في خوارق العادات

والناس في خوارق العادات على ثلاثة أقسام: قسم يكذب وجود ذلك لغير الأنبياء، وربما صدق به مجملا، وكذب ما يذكر له عن كثير من الناس، لكونه عنده ليس من الأولياء، ومنهم من يظن أن كل ما كان له نوع من خرق العادة كان وليا لله وكلا الأمرين خطأ. ولهذا تجد أن هؤلاء يذكرون أن للمشركين وأهل الكتاب نصراء يعينونهم على قتال المسلمين، وأنهم من أولياء الله. وأولئك يكذبون أن يكون معهم من له خرق عادة، والصواب القول الثالث، وهو أن معهم من ينصرهم من جنسهم، لا من أولياء الله عز وجل، كما قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ".
وهؤلاء العباد والزهاد الذين ليسوا من أولياء الله المتقين المتبعين للكتاب والسنة، تقترن بهم الشياطين، فيكون لأحدهم من الخوارق ما يناسب حاله، لكن خوارق هؤلاء يعارض بعضها بعضا، وإذا حصل من له تمكن من أولياء الله تعالى أبطلها عليهم، ولابد أن يكون في أحدهم من الكذب جهلا أو عمدا، ومن الاثم ما يناسب حال الشياطين المقترنة بهم ليفرق الله بذلك بين أوليائه المتقين، وبين المتشبهين بهم من أولياء الشياطين. قال الله تعالى: " هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم " والأفاك: الكذاب. والأثيم: الفاجر.

ما يقوي الأحوال الشيطانية من السماع والمكاء والتصدية
ومن أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية، سماع الغناء والملاهي وهو سماع المشركين. قال الله تعالى: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ".
قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وغيرهما من السلف: التصدية: التصفيق باليد، والمكاء: مثل الصفير. فكان المشركون يتخذون هذا عبادة.


يتبع....
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23-05-2013, 01:49 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

الإيمان والتقوى سبب كرامات الأنبياء

وأيضا كرامات الأولياء لا بد أن يكون سببها الإيمان والتقوى، فما كان سببه الكفر والفسوق والعصيان، فهو من خوارق أعداء الله لا من كرامات أولياء الله، فمن كانت خوارقه لا تحصل بالصلاة، والقراءة والذكر، وقيام الليل، والدعاء، وإنما تحصل عند الشرك، مثل دعاء الميت، والغائب، أو بالفسق والعصيان وأكل المحرمات،كالحيات، والزنابير، والخنافس، والدم، وغيره من النجاسات، ومثل الغناء، والرقص، لا سيما مع النسوة الأجانب والمردان، وحالة خوارقه تنقص عند سماع القرآن، وتقوى عند سماع مزامير الشيطان، فيرقص ليلا طويلا، فإذا جاءت الصلاة صلى قاعدا، أو ينقر الصلاة نقر الديك، وهو يبغض سماع القرآن، وينفر عنه، ويتكلفه، ليس له فيه محبة ولا ذوق ولا لذة عند وجده، ويحب سماع المكاء والتصدية ويجد عنده مواجيد. فهذه أحوال شيطانية، وهو ممن يتناوله قوله تعالى: " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ".
فالقرآن هو ذكر الرحمن، قال تعالى: " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى " يعني تركت العمل بها.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفل الله لمن قرأ كتابه وعمل بما فيه، أن لا يضل في الدنيا،ولا يشفى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية.

يقول شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وإذا عُرِف أنَّ الناس فيهم أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فيَجب أن يُفرَّق بين هؤلاء وهؤلاء، كما فرَّق الله ورسوله بينهما، فأولياءُ الله هم المؤمنون المتَّقون، كما قال - تعالى -: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62 - 63]، وفي الحديثِ الصحيح الذي رواه البخاري وغيرُه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يقول الله تعالى: مَن عادَى لي وليًّا فقد بارَزني بالمحاربة - أو فقد آذنتُه بالحرْب - وما تقرَّب إليَّ عبدي بمثل أداء ما افترضتُ عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصِر به، ويده التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها)) - وفي رواية: فبِي يسمع وبي يُبصِر، وبي يبطش وبي يمشي - ولئن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه، وما ترددتُ عن شيءٍ أنا فاعله تردُّدي عن قبْض نفْس عبدي المؤمن، يَكْره الموت وأكْره مساءتَه ولا بدَّ له منه))، وهذا أصحُّ حديث يُروَى في الأولياء، فبيَّن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه مَن عادى وليًّا لله فقد بارَز الله في المحاربة


والولاية ضدُّ العَداوة، والأصْل في الولاية المحبَّة والقُرْب، والأصل في العداوة البُغض والبُعد، فإذا كان الولي هو الموالِي لله - عزَّ وجلَّ - القريب منه المطيع له فيما أَمَر، والمنتهي عمَّا نهى عنه، فالمعادي لوليِّه هو المعادي له - عزَّ وجلَّ - قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ﴾ [الممتحنة: 1]، فمَن عادَى أولياء الله فقدْ عادى الله، ومَن عادى الله فقد حارَبه؛ ولأجل ذلك قال - تعالى -: ((مَن عادَى لي وليًّا فقدْ آذنتُه بالحرْب)).


أسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يُوفِّقنا لمَا يحبُّه ويَرْضاه، وأن نكون عاملين بأوامِره منتهيين عمَّا نهى الله ورسولُه عنه، وأن يجعلَنا من أوليائه الصالحين، آمين.


__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو الشيماء ; 25-05-2013 الساعة 12:07 AM.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 23-05-2013, 03:13 PM
الصورة الرمزية زارع المحبة
زارع المحبة زارع المحبة غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 11,230
الدولة : Algeria
افتراضي رد: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

بارك الله فيك أخي الكريم أبي الشيماء موضوع في غاية الأهمية أتمنى أن يطلع عليه كل معجب بالصوفية ولا يفرق بين الكرامة والاستدراج.

ومما يعجبني في هذا المجال قول الإمام الشافعي - رحمه الله - : "إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ، أو يطير في الهواء ، فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة"
__________________



رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-09-2013, 07:12 AM
الصورة الرمزية حفيدة الفاروق عمر
حفيدة الفاروق عمر حفيدة الفاروق عمر غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
مكان الإقامة: بلادي كل أرض ضج فيها نداء الحق صداحا مغنى
الجنس :
المشاركات: 977
افتراضي رد: الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً
__________________
.

اللهم رضاك والجنة .. يا رب
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-09-2013, 12:19 PM
راجية أمنية راجية أمنية غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 234
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

جزاك الله خيرا أخي الكريم على الموضوع الشامل
__________________

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-09-2013, 12:49 AM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان..

__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 152.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 146.97 كيلو بايت... تم توفير 5.99 كيلو بايت...بمعدل (3.91%)]