|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() الخطبة الأولى أمّا بعد: عبادَ الله، فإنَّ الإسلام حثَّ على الخلق الكريم وأعلى قَدره، وحذَّر من الخلق الذميم وأكفَأَ قِدْره، حتى قُبِض رسول الله ![]() والمرءُ ـ يا عبادَ اللهِ ـ بأصغَرَيه: قلبِهِ ولسانِه كما قال عمرو بن معد يكرب. وعلى صلاحهما وفسادهما يكون صلاح الإنسان أو فساده، وقد تناولنا في خطبةٍ سابقةٍ أمراضَ القلوب تشخيصًا وعلاجًا. وتتميمًا للفائدة وتعميمًا للذكرى نتناول اليومَ بالذِكرِ آفات اللسان ونقف على بعض أمراضها وأخطارها، علَّ الله تعالى يوفقنا لتوقّي الوقوعَ فيها، وتحاشي أضرارها. روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن رسول الله ![]() وقد أحسن من قال في التحذير من آفات اللسان: احفَظ لسانَكَ أيُّهـا الإنسانُ ** لا يَلـدغَنَّكَ إنَّـه ثُعبـــــــــانُ كم في المقابِرِ من لديغِ لِسانِه ** كانت تهابُ نِزالَهُ الشُجعانُ ![]() ![]() ومن أشنَع آفات اللسان الاستطالة في أعراض المؤمنين بغير حقٍّ، ومَن عَرَفَ حقيقة الإسلام ومبادِئه وَقَفَ على نكيره على من استطال في عرض أخيه المسلم، فأوسعه استنكارًا، وتوعَّدَه نارًا، قال تعالى: ![]() ![]() روى الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية عن قتادة قوله: فإياكم وأذى المؤمن, فإن الله يحوطُه, ويغضب له. وقوله: ![]() ![]() ![]() ![]() وقال سبحانه وتعالى: ![]() ![]() وروى مسلم والترمذي وأبو داود وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ![]() وفي الإحياء أن الحسن رحمه الله قال: "ذِكرُ الغير ثلاثة: الغيبة، والبهتان، والإفك، وكلٌ في كتاب الله عز وجل؛ فالغيبة أن تقول ما فيه، والبهتان أن تقول ما ليس فيه، والإفك أن تقول ما بلغك". وروى الشيخان عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله ![]() لقد حرم الإسلام الغيبة، وما كان تحريمها عبثًا في دين قدَّم دَرْء المفاسد على جلب المصالح، وجعل التخلية أولى من التحلية؛ بل حُرِّمت بعد أن ثبت لذوي الألباب كونها ذريعة إلى تفكيك المجتمع وتمزيق شمله وحَلِّ عُراه. فبالغيبة تنتعش الأحقاد، وعلى مائدتها تتوالد الخصومات، ومن أفواه لائكيها تتطاير الجراثيم وتنتشر الأَرَضة، وتتسلط على جسد الأمة فتنخره وتُحيله كعصفٍ مأكولٍ. وداءٌ كداء الغيبة لا يُنجعه دواء، ولا يُدْرِكُ صاحبَه شفاء، الأمر الذي من أجله انعقد الإجماع على استئصاله من جذوره واقتلاعه من عروشه، فكان الحُكم الفصل تحريمَ الغيبة إجماعًا كما حُرِّمَتْ كتابًا وسنةًً، وحكى الإجماعَ على تحريمها أئمّة أعلام كابن حزم والنووي وابن حجر والغزالي والقرطبي وغيرهم، ولم يرخّصوا في شيءٍ منها سوى ستّة صُوَرٍ مستثناةٍ من التحريم للحاجة إليها في جلب المصالح ودرء المفاسد، وقد أحسَن من نظَمَها في قوله: القدْحُ ليس بغيبـة في ستة ** متظلمٍ ومعـرِّف ومحـــــــذر ومجاهرٍ فسقًا ومستفتٍ ومَن ** طلب الإعانة في إزالة مُنكرٍ عبادَ الله، لا يقل في الخطورة والتحريم عن داء الغيبة داءٌ عضال آخر وآفة آخرى من آفات اللسان هي آفة السعي بين الناس بالنميمة، وهي كالغيبة في التحريم بالنصّ والإجماع. روى الشيخان وغيرهما عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنّ رسول الله ![]() والنميمة من الأسباب الموجبة لعذاب القبر، فقد روى الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّ رسول الله ![]() عبادَ الله، من آفات الألسُن أيضًا تتبّع زلاّت العلماء والتذرّع بها إلى الطعن في بعضهم والنيل من آخرين واتّخاذُهم عَرَضًا، بدعوى أنّ ذلك من النصيحة لله ولرسوله، ومن الذبّ عن شريعته الغراء المطهّرة. رويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: (ويلٌ للأتباع من عثرات العالِم)، قيل: وكيف ذاك؟ قال: (يقول العالم شيئًا برأيه ثم يجد من هو أعلم منه برسول الله ![]() ومِن آفات اللسان إساءةُ الأتباع إلى العلماء بإشاعة أقوالهم في أقرانهم، مع أنّ المقرّر عند أهل العلم أنَّ كَلامَ الأَقْرَانِ يُطْوَى ولاَ يُرْوَى، كما قال الإمام الذهبي رحمه الله في السير (5/275). وما أجمل قول الإمام السبكي رحمه الله: "ينبغي لك ـ أيها المسترشد ـ أن تسلك سبيل الأدب مع الأئمة الماضين، وأن لا تنظر إلى كلام بعضهم في بعض إلا ببرهان واضح، ثم إن قدرت على التأويل وتحسين الظن فدونك، وإلا فاضرب صفحًا عما جرى بينهم، فإنك لم تخلق لهذا، فاشتغل بما يعنيك ودع ما لا يعنيك" طبقات الشافعية (2/39). فليتّق الله أقوام مثلهم كمَثَل الذباب لا يقعون إلا على الجِراح كما جاء في وصف شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله بعضَ من عاشوا في زمنه. يا ناطحَ الجبلِ العالي لتَكْلِمَهُ **أشفِق على الرأسِ لا تُشفِق على الجَبَلِ إنَّ الفراغ والشبابَ والجِده *** مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفســده وفّقني الله وإيّاكم لخيرَيْ القول والعمَل، وعصمنا من الضلالة والزلل. وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّّّه محمّد وآله وصحبه أجمعين.
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام. والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين. ![]() ![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |