المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحكام الحج


أبو غضوبة
07-01-2006, 02:43 PM
:bes:

:salam:


أحكام الحج
ما يلزم المحرم من الترك، وما يلزمه لو فعلهن فينبغي لنا أن نشرع في أحكام مناسك الحج والعمرة، فمن لم يلبّ فلا حج له ولا عمرة لأن من لم يلب لم يحرم، ومن لم يحرم لم يدخل في الحج، وهو بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة، ومن لم يقف بعرفات فلا حج له ومن لم يطف بالبيت فلا حج له ولا عمرة، أعني في الحج طواف الزيارة يوم النحر، فهذه فرائض الحج والعمرة متفق عليها، فمن فاته خصلة منها فلا حج له ولا عمرة، ومن ترك من المناسك سوى ما ذكرناه كفر به ومثل ذلك من ترك الإحرام من الميقات فإنه يرجع إلى الميقات ويحرم، وإن لم يمكنه ذلك أحرم من حيث ذكر وعليه دم يهرقه، وفي بعض الآثار أن الإحرام من الميقات فرضٌ من فرائض الحج، ومن لم يحرم من الميقات على هذا القول فلا حج له ولا عمرة،و الغسل عند الإحرام ليس بواجب، ومن لم يغتسل فليس عليه شيء، والمبيت بمنى ليلة عرفة سنُة.

وفي الأثر: ومن تعجل إلى عرفة ليلة منى فقد أخطأ السنة، وقال من قال: وإن غدا إلى عرفات من منى قبل طلوع الشمس فلا كفارة عليه، وأما من تعجل ليلة عرفة من منى فعليه دم، ومن دفع من عرفات قبل أن تغرب الشمس فلا حج له كما ذكرنا، ومن غربت عليه الشمس ولم يقف بعرفات فقد فاته الحج، وقال بعض: من وقف بعد ذلك ساعة من الليل ولحق مع الناس صلاة الفجر جمع، فقد أدرك الحج كما ذكرناه قبل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن فاته الوقوف بعرفات فعل بمنى ما يفعل الحاج ويرحل إلى بلده ولا يصيب النساء ولا الصيد حتى يحج من قابل، وذكر عن نافع عن ابن عمر قال: من وقف بعرفات ليلة جمع قبل طلوع الفجر، فقد أدرك الحج ، إلا فليحرم بعمرة من مكانه ويعتمر وعليه الهدي والحج من قابل، وعلى هذا القول أنه يلزمه الهدي كما يلزم المحصر، ويحل من إحرامه كما يحل المحصر، وذلك أيضا لأن الإحرام بالحج لا ينعقد في غير أشهر الحج فوجب أن يحل ويلزمه الهدي كما يلزم المحصر، مع أن المحصر اختلفوا في حاله.

وفي الأثر: عن أبي سفيان عن الربيع في المحصر قال: يبعث بالهدي، فإذا نحر عنه حل من إحرامه من كل شيء إلا النساء والصيد، قال: وكان يقول: لا يكون عندي إلا بمنزلة أهل منى مع أن أهل منى قد شهدوا عرفة وجمعاً ورموا الجمرة ثم لم يحل لهم مع هذا كله النساء والصيد، وذكر أن رجلاً جاء وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب الناس بمنى فقال: يا أمير المؤمنين فاتني الحج وقدمت الساعة، قال فما صنعت؟ قال كرهت أن أصنع شيئاً حتى ألقاك، فقال: قد أحسنت،قال: طف واسع وقصر من رأسك وحل وحج من قابل.

وفي الأثر: عن الربيع وأبي نوح وأبي عبيدة أنهم قالوا فيمن فاته الوقوف بعرفة قالوا: لا حج له، وليصنع ما يصنع الناس وليجعلها عمرة ثم يحل من إحرامه، وإن كان ذلك في الحج الواجب فعليه الإعادة، وإن كان في التطوع ثم حل بعمرة فلا إعادة عليه وذكر أيضاً عن عطاء فيمن أحرم بالحج ثم قال: إن لم تكن حجة فعمرة وإلا فمحله حيث يحبس، قال: إن حبس فلا كفارة عليه ويحل من إحرامه إلا أن يكون معه الهدي فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله، قال: وقد أمرت عائشة رضي الله عنها الزبير بن العوام أن يحرم بالحج إن تيسر، وإن حبس فهو عمرة، والله أعلم. وإن وقف بعرفات ثم أغمي عليه أو وقع عليه و حبسه حتى مضت أيام منى فحجه تام ولا يخرج حتى يزور البيت، هذا يدل من قولهم أن زيارة البيت ليس له وقت معلوم محدود لا يتعداه كالوقوف بعرفات، وسيأتي بيان هذا إن شاء الله في موضعه، ومن وقف بعرفة فقد أدرك الحج، ومن فاته الوقوف بعرفات فاته الحج لقوله عليه السلام ( الحج عرفة ).

وفي الأثر: من مات بعد أن وقف بعرفات وكان معه أحد من أوليائه ورفقاته، وأراد أن يتم عنه ما بقي عنه من حجه فله ذلك، ولا يرم له جمرة العقبة ولا يزور له حتى يرى لنفسه ويزور، لأنه ما لم يزر لنفسه لم يتم له وإن لم يتم حجه فلا يحج لغيره، لقوله عليه السلام: ( يحج عن نفسه ثم يحج عن غيره)، وإذا رجع إلى منى فإذا رمى جمرة العقبة وزار بعد ما رمى لنفسه وزار، فإنه بعد ذلك يرمي له كما يرمي لنفسه. والدعاء في عرفات والذكر لله سنة بإجماع ، وهو شيء غير محدود، ومن لم يقف بالمزدلفة زهق دماً، وقيل: من يدع بها فعليه دم لقوله تعالى: {واذكروا الله عند المشعر الحرام} وفي بعض الآثار: ومن لم يبت بالمزدلفة فعليه دم، وذلك لأن المبيت بالمزدلفة سنة والإفاضة قبل طلوع الشمس من المشعر الحرام سنة، ومن تخلف حتى تطلع عليه الشمس لزمه الجزاء دم، ورمي الجمار سنة ، ومن لم يرم جمرة العقبة يوم النحر لزمه دم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رماها يوم النحر، ومن رماها في غير يوم النحر فقد خالف سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك ما روي أنه قال عليه السلام يوم النحر وهو يرمي جمرة العقبة على راحلته: ( خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه) أو قال: (بعد حجي هذا)، وقيل: إن جمرة العقبة لا ترمي إلا من بطن الوادي، فإذا رماها انصرف والله اعلم. والضحية واجبة على المتمتع { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} وقيل: إنه من ذبح قبل أن يرمي فلا بأس، ولا يؤمر بذلك لما روي أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( يا رسول الله إني نحرت قبل أن أرمي، فقال له النبي عليه السلام: إرم ولا حرج عليك) ، والحلق والتقصير سنة. وفي الأثر: من خرج من مكة ولم يحلق ولم يقصر فإن عليه دماً، وإن حلق قبل أن يذبح فعليه دم، لقوله تعالى: { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله}، وقال بعضهم: ليس عليه شيء، والدليل لهم ما روي من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص قال في حجة الوداع: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال: إذبح ولا حرج عليك، قال: فجاء رجل آخر فقال: يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي الجمار، فقال: إرم ولا حرج عليك، فما سئل في ذلك اليوم عن شيء إلا قال: أفعل ولا حرج) قال الربيع: قال أبو عبيدة: تلك رخصة من النبي عليه السلم في ذلك اليوم، وأما من حلق قبل أن يرمي جمرة العقبة لزمه دم، لأن كل من حلق قبل أن يحل من إحرامه يلزمه دم فيه حتى يرمي ثم يذبح ثم يحلق ثم يزور ويؤمر بتعجيل الزيارة يوم النحر فهي الفريضة وأن أخر ذلك لم يلزمه شيء إذا زار.

وفي الأثر: إذا خرج الحاج ولم يزر عليه أن يرجع حيث كان من سنته أو بعدها ولو كان بلغ مصره حتى يزور البيت، فإذا رجع وزار وسعى ولم يكن أصاب أهله وإلا فسد حجه فعليه دم، وقد تم حجه، وإن أصاب أهله فعليه الحج من قابل ودم، ولا يرجع يطأ أهله حتى يزور البيت، قلت لأبن ميسرة: إنما لهذا الرجل من سنته التي حج فيها أن يزور البيت أو متى ما زار كفى: قال: بل متى ما زار أجزاه ما لم يصب النساء والصيد، وإن أصاب النساء والصيد فعليه أن يهديُ بدنه، وأحسب هذا من قول عطاء، والصحيح عند أصحابنا، إذا جامع قبل أن يزور البيت فسد حجه والله أعلم. وقال بعضهم: إذا ترك طواف الزيارة حتى يمضي ذو الحجة، وأحسب هذا القول على القول من قال: أشهر الحج ثلاثة: شوال وذو القعدة وذو الحجة إلى آخره، وأما على قول من قال: شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، فعلى قوله يشبه أن يطوف طواف الزيارة لا وقت له، لأنه إنما يفعل بعد انقضاء أيام الحج والله أعلم. ومن زار قبل أن يرمي جمرة العقبة فإنه يعود ثم يرمي جمرة العقبة ويذبح ويحلق ثم يعود فيزور أول فأول لقوله تعالى: { ثم ليقْضُوا تفثهُمْ وليُوُفوا نُذُورهم وليطوفوا بالبيت العتيق}، وقضاء التفث والطواف إنما هو بعد جمرة العقبة، وإن رمى وزار قبل الذبح والحلق فيعود فيذبح ويحلق ثم يزور، وإن لم يفعل فعليه دم، وقال بعض: لاشيء عليه.

وذكر أيضا في الأثر : عن الشيخ أبي الحسن قال : ما قدمّوه وأخروه خطا ثم رجعوا فيه فلا شيء على من فعل ذلك ما لم يحلق أو يقصر، ووجدت عن غيره أنه قال: من قدم نسكاً قبل نسك فعليه دم، ولم يشترط حلقاً ولا تقصيراً، والطواف بالبيت سبعة أشواط فريضة.

ومن الأثر: وفي جامع الشيخ أبي الحسن: أن من طاف للزيارة ستة أشواط ثم خرج إلى بلده فأصاب النساء والصيد أنه فسد حجه، وتركنا قول من أثبت له الحج، وأحسب أنه قول أبي حنفية، لأنه ذكر عنه مثل ذلك، وعند أصحابنا أن منزلة سبعة أشواط في الطواف كمنزلة أربع ركعات في صلاة الظهر، فإذا لم تجز صلاة من صلى ثلاث ركعات كذلك لا يجوز طواف من طاف ستة أشواط ولا فرق والله أعلم. وإن طاف للزيارة ثمانية أشواط ثم نفر فعليه دم، أنها زيارة بعد تمام الطواف خالف بها السنة فقط، لأنه عليه السلام وإنما انصرف إلى ركعتي الطواف عن سبعة أشواط، فإن قال قائل: يلزم على قولك أن يكون بمنزلة من لم يطف حين قرنت الطواف بالصلاة ويكون كمن صلى خمس ركعات فلا طواف له، كما أنه لا صلاة له؛ قيل له: الفرق بين الطواف والصلاة في هذا الوجه زيادة الشوط الثامن إنما هو بعد تمام الطواف، وزيادة الركعة الخمسة في داخل الصلاة، إذ الصلاة تحتاج إلى التسليم بخلاف الطواف والله أعلم. ومن طاف وكان طوافه من وراء زمزم بينه وبين البيت ، أو كان طوافه قريباً من ظلة المسجد من زحام أصابه أو من غيره فإنه يجزئه ذلك، وإن طاف من وراء المسجد وكانت حيطانه بينه وبين الكعبة فإنه لا يجزئه ذلك، لأنه طاف بالمسجد لا بالبيت المأمور بطوافه والله أعلم.

وفي الأثر: وسئل أبو عبيدة عمن طاف للحج أو العمرة فاستيقن على أربعة أشواط ولم يدر لعلها خمسة، أو استيقن على ثلاثة ولم يدر لعلها أربعة، فإنه يبني على ما استيقن عليه حتى يتم سبعة أشواط ثم يصلي ركعتين ولا يعاد بطوافه ذلك، ويجعله تطوعاً ثم يعيد سبعة أشواط يتيقنها.

وفي الأثر: قلت : أرأيت من طاف منكساً هل يجزئه طوافه؟ قال: وذلك فيما يوجبه النظر كمن نكس صلاته سواء والله أعلم. قلت أرأيت الرجل يطوف أسبوعاً ويطوف شوطاً وشوطين من أسبوع آخر، ثم ذكر أنه لا ينبغي له أن يجمع بين أسبوعين كيف يصنع؟ قال: يخرج من الطواف حيث يذكر ثم يركع ركعتين ثم يعيد فيتم ما بقي من الشوط الأخر ثم يصلي ركعتين وقد قال بعض من نأخذ عنه: إن طاف ثمانية زاد التاسع ثم خرج فصلى ركعتين ثم عاد فأتم خمسة أشواط ثم يصلي ركعتين،وكذلك ركعتين، ثم يبني على ذلك يفعل إذا كان أسبوع الزائد غير وِتر يجعله وتراً ثم يخرج فيصلي الوتر حتى يتم أسبوعاً، ثم يصلى ركعتين، أي ذلك فعل. قاله من نأخذ عنه.

وفي الأثر أيضاً قال فيمن طاف ثمانية أشواط: أنه يركع ويزيد ست مرات، ثم يركع ويزيد سبع مرات طوافاً ثم يركع فيما قال عن أبي سهل، وأما إن طاف ست مرات فركع، فإنه يزيد واحدة ثم يركع ويستأنف أيضاً سبعاً. ثم يركع أيضاً، والسنة في الطواف التسبيح والتكبير، وكذلك استلام الحجر.

وفي الأثر: ومن طاف ولم يستلم الحجر الأسود في شيء من ذلك فإنه قد أساء إن لم يمنعه منه الزحام، وقيل: إن عليه دماً، والوقوف عند ركن الحجر وعند الميزاب، وبما يقال في ذلك من الدعاء مستحب، وليس بواجب إلا ما فتح الله، وركعتان خلف مقام إبراهيم عليه السلام بعد الطواف سنة، ومن تركهما فعليه دم، وموضعهما الحرم، لأنه إنما أمر أن يركعها بعد الطواف فقط، وليس المقام شرطاً في صحتهما، لأنه ركعهما في الحرم قد امتثل ما أمر به، وفي بعض الآثار: ومن ترك ركعتي الطواف حتى يخرج من المسجد فليركعهما ما دام في الحرم، وإن خرج من الحرم فليركعهما حيث كان، وإن أتى إلى منزله فليهد شاةً لتأخير ركعتي الطواف، فعلى هذا القول يركعهما، ولو خرج بمن الحرم، وما لم يصل إلى أهله وذلك لا وقت لهما إلا انه بعد الطواف فقط، لقوله عليه السلام: ( من طاف بالبيت وركع فله من الأجر كثير) ، والسعي بيت الصفا والمروة سنة واجبة معمول بها، وقيل فريضة أيضاً، ومن تركه فعليه دم، وكذلك من ختم عليه بالصفا وانصرف على ستة أشواط وأحل فعليه دم، لأن السنة في السعي سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة. وأن ابتدأ بالمروة فليلغ ذلك الشوط حتى يتم سبعة، يبتدي بالصفا ويختم بالمروة، كما بلغنا عنه عليه السلام أنه قال حين خرج من المسجد وهو يريد الصفا: (نبدأ بما بدأ الله به) والرمل بين العلمين سنة، ومن تركه فعليه دم، وكذلك من ترك الأكثر منه وأحلّ فعليه دم، وإن ترك القليل من ذلك فلكل واحد إطعام مسكين، والمرأة ليس عليها أن ترمل ولكن تسرع مشيها، والدعاء على الصفا والمروة مستحب، ومن سعى بين الصفا والمروة قبل أن يطوف فهو بمنزلة من لم يسع، لأن موضع السعي بعد الطواف، وأما السعي قبل أن يركع ركعتي الطواف فقد وجدت في الأثر: من تذكر وهو يسعى أنه لم يركع للطواف قطع سعيه وصلى ثم أتم ما بقي عليه، وإن كان قد أتم السعي صلى وإن ذكر بعد فراغه من سعيه صلى ولا شيء عليه ولو ذكر وهو بمنى صلاهما بمنى، فهذا يدل أن الاختيار أن يركع ثم يسعى، وإن سعى قبل ركعتي الطواف فلا شيء عليه، وإن جامع قبل السعي فعليه دم، وقد تم حجُه، والمبيت بمنى ليالي منى سنة، ومن بات بمكة ليالي منى بعد الزيارة فعليه لكل ليلة دم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص لأحد أن يبيت بغير منى ليالي منى، إلا الرعاة فيصبحون يرمون مع الناس، ومن لم يرمِ الجمارُ يكفر إن فاته رمي الجمرة يوم النحر - الجمرة الكبرى - بشاة يهريق دمها. ومن فاته الرمي في اليومين الأوسطين، فليبدل الرمي في اليوم الثالث بحصى الأيام كلها، ولاشيء عليه وذلك غير يوم النحر.

وفي الأثر: ثم يرمي الأولى سبعاً والوسطى سبعاً وجمرة العقبة سبعاً ثم يعود ولا يرمي الأربع عشرة جميعاً في دفعة، فلعله يعني في موقف وفي موضع آخر: وإن شاء يعيد جميعاً في موقف واحد وليس عليه لأن يرجع، فعلى هذا القول ليس عليه من الترتيب شيء، وإنما عليه أن يرمي فقط، ويدل أيضاً على هذا أن في الأثر: ومن رمى جمرة العقبة ثم الوسطى ثم الأولى فقد أخطأ وليس عليه شيء، وإن أعاد الرمي فذلك أوثق، وإن فاته الرمي كله فعليه لكل جمرة كل يوم شاة فذلك تسعة أشياه، والشاة العاشرة لجمرة العقبة يوم النحر، وأعظم الرمي أوله وأخره.

وفي الأثر: وإن علم أنه رمى جمرة العقبة بأقل من سبعة، وترك ذلك عامداً حتى انقضت أيام الرمي فعليه دم، وإن ترك حصاة من رمي سائر الجمرات عليه إطعام مسكين واحد، والحصاتين مسكينان والثلاثة ثلاثة مساكين، وإذا ترك الحصى الأكثر من الجمرة حتى تنقضي أيام فعليه بالأكثر دم وبالأقل إطعام، ولكل حصاة من الجمار التي لم يرمها إطعام مسكين، وفي السبع حصيات من الجمرة في كل يوم دم وليس عليه في زيادة الرمي شيء، ومن زاد في الرمي فلا يضره ولا يفسد عليه، ومن رمى حصاتين معاً فهي رمية يعدها حصاة واحدة ويرمي بعدها ستة، وإن فاتته أهرق دماً لأن السنة أن يرمي بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة تكبيرة، والتكبير عند الرمي سنة.

وفي الأثر: من نسي التكبير كله عند الرمي فليعده، ومن فاته فقيل: يهدي شاة إذا ترك التكبير كله، وأما التكبيرة والتكبيرتان فيعيد مثل ذلك، وفي موضع: ومن ترك التكبير يوم النحر عند الرمي فليعد رمي الحصاة والحصاتين، يكبر فيهما إن كان من ساعته وإلا فليصنع معروفاً لترك التكبيرة والتكبيرتين، ومن رمى بغير حصاة الحرم، فعليه الإعادة، وإن فاته فعليه دم لكل جمرة كل يوم، لأن السنة أن يرمي بحصاة الحرم كما ذكرناه، ولا يرمي الجمار مما رمى الناس به من الحصى، ومن رمى من ذلك الحصى فلا فساد عليه لأنه رمى من حصى الحرم والله أعلم. ومن رمى الجمرة فطرح رميته أبعد منها فإن أعدها وإلا فإطعام مسكين يتصدق به، لأنه مأمور أن يرمي الجمرة، وقيل: سميت الجمرة جمرة لارتفاعها، وكل مرتفع جمرة، إن وقع شيء من الحصى الذي رمى به على إنسان أو دابة أو محمل أبدله لأنه كمن رمى غيرها.

وذكر في الأثر: وقال من قال: إن أصابت المحمل ثم رجعت حتى وقعت على الجمرة، ومن تقع في المحمل أجزأت عنه، وذلك يوجبه النظر لأنه رمي ووقعت على الجمرة، ويجوز أن يبيع ويشتري في مواسم الحج كلها لقوله تعال: { ليس عيكم جُناحٌ أن تبتغوا فضلاً من ربكم} يعني الرزق من التجارة في مواسم الحج كلها والله أعلم. وإن أردت أن تنصرف إلى أهلك فلا تخرج حتى يكون آخر عهدك بالبيت الحرام، والوداع سنة عند علمائنا رحمهم الله، ومن خرج ولم يودع فعليه دم، والدليل على هذا كله ما روي من طريق ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت).

وكذلك أيضا في الأثر: عن الحارث بن عبد الله بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه نهى الحائض ألا تنفر حتى يكون آخر عهدها بالبيت) وإلى هذا ذهب علماؤنا رحمهم الله تعالى: أن من ترك الوداع لزمه دم، ويلزم المرأة ما يلزم الرجل من الدم والجزاء وغير ذلك، وكذلك أيضاً من ترك الركعتين للطواف بعد الوداع فعليه دم.

وقي الأثر: وإذا طافت المرأة طواف الوداع ولم تركع ثم حاضت وخرجت نافرة فإن باشرها زوجها فعليها دم، وإن ركعت قبل أن يطأها فلا بأس إذا كان ركوعها في الحرم.

وفي الأثر: إذا أردت الخروج فأت البيت وطف به سبعة أشواط ثم صل ركعتين، ثم ائت زمزم واشرب من مائها وصُب على رأسك وقلْ كما وصفت لك عند العمرة، وكذلك تفعل عند الزيارة من الدعاء، ثم ارجع فقم بين الباب والحجر الأسود، واعتمد بيدك اليمنى على أسكفة الباب حيث تبلغ يدك، ويدك اليسرى قابضة بأستار الكعبة، ثم ألزق بطنك بدار الكعبة وادعُ بما فتح لك من الدعاء، وقل عند ذلك: اللهم لك حججنا وبك آمنا ولك أسلمنا وعليك توكلنا وبك وثقنا وإياك دعونا فتقبل نسكنا واغفر ذنبونا واستعملنا لطاعتك، اللهم إنا نستودعك ديننا وإيماننا وسرائرنا وخواتم أعمالنا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم، اللهم اقلبنا مُنقلب المدركين رجاءهم، المحطوط خطاياهم، الممحاة إساءتهم، منقلب من عمرت بذكرك لسانه، وزكيت بزكاتك نفسه، ودمعت من مخافتك عيناه، اللهم إني عبدك ابن عبادك ابن أمتك، حملتني على دابتك، وسيرتني في بلدك حتى اقدمتني حرمك وأمنك فق رجوت بحسن ظني أن تكون فد غفرت لي فازدد عني رضا وقر بني إليك زلفاً، وإن كنت لم تغفر لي فمُنّ الآن علي قبل أن تُباعدني عن بيتك، وهذا أوان انصرافي غير راغب عنك ولا عنك ولا عن بيتِك ولا مُستبدِلاً بك ولا ببيتك، اللهم لا تجعل هذا آخر العهد عن بيتك الحرام، فاغفر لي وارحمني إنك أرحم الراحمين، ولا تنزع رحمتك مني، اللهم إذا أقدمتني إلى أهلي فاكفني مؤونتي ومؤونة عيالي ومؤونة خلقك فإنك أولى بخلقك مني، اللهم أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد، تائبون عابدون لربنا حامدون وإلى ربنا راغبون ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، واخرج إذا ودّعت ولا تبع ولا تشتر بعد الوداع، وتمرُ وأنت محزون على فراق البيت والله وأعلم.
:allahalmo

ابو البراء
07-01-2006, 06:38 PM
وعليكم السلام

جزاك الله خيرا اخي الكريم ابو غضوبة

جعله الله في ميزان اعمالك هذا الشرح والتبيان ونسأل الله للجميع حج بيته الحرام

:wafaq:

فتاة الاسلام
07-01-2006, 07:12 PM
جزاااك الله خيراا ووفقك

عاشق الجنان
08-01-2006, 10:32 AM
بارك الله فيك اخي ابو غضوبة ونسأل الله عز وجل ان يتقبل من الحجاج وان يرجعهم الي اهلهم سالمين مغفوري الذنوب.