|
الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، إن سقوط القذافي، بعملية معقدة من حيث التخطيط، سهلة من حيث التنفيذ، في معقله الرئيسي في طرابلس الغرب، يوشك أن يُسدل الستار نهائياً على حقبة مظلمة لنظام اتسم بكل ما يتسم به نظام طاغوتي، مع إضافات كاريكاتورية ساخرة، كانت تُضفي على الحاكم المهووس شيئاً من الفكاهة السوداء، وربما كانت وسيلةً من وسائل القذافي لصرف الأنظار عن ليبيا ومن فيها، باعتبارها حالة ميؤوساً منها. لكن هذا السقوط الذي طال انتظاره، ولحلف الأطلسي دور أساسي في الاستطالة والتراخي لأهداف ومصالح معروفة[1]، يفتتح مرحلة بالغة الدقة والحساسية، حيث تسعى الجهات الغربية الداعمة للثورة الليبية، من أجل ضمان أن تكون النتائج النهائية متلائمة مع التوقعات المفترضة، أي أن تقوم في المدى المنظور دولة ليبية جديدة، موالية للغرب طبعاً، ومعادية للتيار الجهادي حتماً، ونافعة من حيث الاستثمارات النفطية وعقود إعادة التعمير، على سبيل الجزم. وهذا يعني بالضرورة، أن على أسود ليبيا الذين اقتحموا الأهوال والمخاطر، ودفعوا الغالي والرخيص، للتحرر من الطاغية، خلال ستة أشهر ونيف، أن يكونوا على وعي من المخططات الرامية إلى تكرار سيناريو أفغانستان عام 1989، بما يشبه التطابق، بمعنى الاستفادة من المجاهدين لطرد حكومة غير مرغوب فيها، ثم التخلص بطريقة ما من أصحاب النصر الحقيقيين، وترفيع شخصيات غير ميدانية، لم يكن لها شأن سوى التواصل المكثف مع الجهات الدبلوماسية والاستخبارية الغربية، لتكون في واجهة المشهد العام، لأن قادة المجاهدين ليسوا أهلاً برأيهم ليكونوا في هذا الموقع. قد يبدو من التمهيد الآنف ذكره، أني أؤيد قول من يقول إن الوقت قد حان، لمحو هذه الثنائية المزعجة بين المجلس الانتقالي كوجه سياسي والمجاهدين كقوة عسكرية، وأن الحل الأقصر والأسرع هو بإعلان دولة أو إمارة، وتخطي المجلس الانتقالي الذي ما هو سوى هيكل كرتوني لا قيمة له. لكن الأمر ليس بهذه السهولة المفرطة، كما أن أي إعلان الآن عن أي كيان إسلامي، يفتقر إلى إدراك الظروف والعوامل التي تضافرت فيما بينها لضمان سقوط القذافي بهذه الكيفية وبهذا القدر من الكلفة المادية والبشرية، مع عدم إغفال الجهات الدولية التي تعمل في ليبيا منذ بدء الثورة، استعداداً للحظة السقوط وما بعدها، والتي تمسك ببعض خيوط اللعبة وليس كلها[2]، ومنها أنها استطاعت التأثير خصوصاً في الرأي العام الليبي المعارض للنظام السابق، إلى درجة كبيرة، وينبغي أن نضع هذا الأمر في مورد الحسبان. مشهد متداخل إن النفط الليبي الوفير هو ما دفع فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، إلى دعم الثوار في بنغازي، حيث تم تطويع جامعة الدول العربية والأمم المتحدة في سرعة عجيبة، لاتخاذ قرارات حاسمة بحماية المدنيين في ليبيا، واستخدام كافة الوسائل الممكنة لتحقيق هذا الهدف، ما فتح ثغرة قانونية مهمة، لتتحوّل العملية الأطلسية تدريجياً لتكون فعلاً أداةً لتغيير النظام، عبر تأمين الدعم الجوي الفعال للثوار في جبهات القتال، لا سيما منذ حزيران (يونيو) الماضي[3]. لكن حافزاً آخر لهذا التدخل لا يقل أهمية، وهو وجود كتلة إسلامية فاعلة في ليبيا، كانت في السنوات الأخيرة، هي المعارضة الميدانية الحقيقية للقذافي. ولما بادرت هذه الكتلة إلى الاندراج في الثورة شرقاً وغرباً، وبسبب خبرتها القتالية السابقة في ليبيا وخارجها، فقد كانت مؤهلة بحكم الأمر الواقع، ليكون منها أبرز القادة الميدانيين، وهذا ما حدث فعلاً. وعليه، لم يكن أمام الغرب مناص من التدخل إلى جانب الثورة، حتى لا تتحول ليبيا ذات الموقع الجغرافي المهم إلى بؤرة جهادية. فحتى لو لم يتدخل الغرب، واستطاع القذافي احتواء الثورة، فلم يكن ممكناً له أن يتمكن من بسط سيطرته الشاملة مجدداً على كافة المناطق، ولظهرت تالياً بؤر شاسعة يسرح فيها جهاديون يستفيدون من ثروات بلادهم من النفط، كما وقع للمجاهدين في العراق بعد سقوط صدام حسين، ويتواصلون مع إخوانهم في البلدان المجاورة، فتكون أسوأ الكوابيس لأوروبا أولاً وللغرب عامة. وكان الخيار الأسلم بالنسبة إليهم، هو تبني مطالب الثورة، والتورط كاملاً في مهمة إسقاط القذافي مهما استغرق ذلك من جهد أو وقت أو مال. وكان الخيار الأوفق بالنسبة للإسلاميين عامة هو التعامل مع هذا المعطى الذي أُلجئ إليه الشعب الليبي المظلوم، من أجل إسقاط العدو القريب كأولوية في المرحلة الراهنة، لما تسبّب به من أضرار هائلة للأنفس والكرامات والممتلكات. وتكوّنت من هذا وذاك، مجموعة وقائع متناقضة، فالقراران الدوليان 1970 و1973، هما في واقع الأمر يضعان ليبيا وشعبها رهن القوى الغربية المتحكّمة بالأمم المتحدة، حتى بعد سقوط القذافي، فمئات المليارات من الدولارات مجمدة، ولا ينال الليبيون منها سوى قدر الحاجة، وبعد سيل من الطلبات، ووفق شروط غير معلنة لكن واضحة، لجهة مسار الأحداث وتوجيهها بالاتجاه الذي يرغبون فيه. وفضلاً عن أن عقود النفط والتعمير ستكون من حصة الدول الداعمة على حساب الدول الرافضة أو المترددة، فإن ليبيا تخضع عملياً لحظر توريد السلاح، وفي غمرة الضغط العسكري الهائل على الثوار، رفضت الدول الغربية تزويدهم بالسلاح، وبعضها أرسل أحياناً سلاحاً دفاعياً لا هجومياً، ولن يُفكّ هذا الحظر إلا بعد خضوع الليبيين لشروط بناء الجيش والأمن بطريقة جديدة، ووفق مهام محددة سلفاً لجهة مكافحة التطرف والإرهاب، وبعبارة أوضح، استبعاد العناصر المشتبه بها بأنها جهادية، من هذه الأجهزة، حتى لو كانت ممن قاد الثورة إلى النصر! وبالمقابل، برز ميلان الكفة في الميدان للتشكيلات المجاهدة، أو التي يقودها مجاهدون باقتدار في جبهات الغرب، بالمقارنة مع جبهة الشرق، كان الجمود سيد الموقف فيها، لأسباب عدة جغرافية وديمغرافية وتنظيمية، ولأنها تخضع أكثر لأوامر وتوجهات المجلس الانتقالي في بنغازي[4]. وفي نهاية المطاف، كان لجبهة الغرب الأصعب من حيث الظروف اللوجيستية والتموينية، الدور الحاسم في قلب موازين القوى وفي تحرير طرابلس الغرب، في خطوة تشبه "قفزة الضفدع"، فمن الزاوية وصرمان والغريان ومصراتة، وجّه الثوار ضربة قاتلة في مركز الثقل الرمزي والسياسي للقذافي بعدما تدمرت كتائبه العسكرية الواحدة تلو الأخرى في معارك طاحنة[5]. وتزامن الهجوم الخارجي مع انتفاضة شعبية داخلية عارمة، وانقطاع التواصل بين القيادة والكتائب، إما بسبب ضرب شبكات الاتصال عبر الغارات الأطلسية، أو تبدّل الولاءات لبعض القادة العسكريين، مع سيل من الإشاعات التي أسقطت المعنويات (ومنها اعتقال سيف الإسلام القذافي). وهكذا، تكرّر سيناريو سقوط بغداد عام 2003، بقفزة مشابهة للقوات الأمريكية، بعد سريان الإشاعة عن مقتل صدام في غارة سابقة، وتبدّل ولاءات بعض كبار الضباط، وهو ما أدى إلى انسحاب الفرق العراقية دون قتال، دون أن يعني ذلك أن المعارك المتفرقة قد انتهت. ومع اكتمال المهمة، سيقال الكثير عن السبب الرئيسي في سقوط النظام، وعن الأدوار الحقيقية والخيالية، وعن الأثمان والتكاليف، وعن تداعيات السقوط، وعن الصراعات الجانبية المحتملة لما بعد القذافي. لكن ما يهمّ الآن، هو موقع الإسلاميين في المعادلة الجديدة، وهل سيكونون كبش الفداء، أم يكونون الحكام الفعليين لليبيا، بسبب مجهوداتهم المباركة التي لا ينفيها إلا جَحود؟ حروف المعادلة بسبب تداخل العوامل المتناقضة التي أسقطت القذافي، فإن من البدهي أن لا تكون النتائج صحيحة صافية، بل فيها بعض الكسور، بلغة المعادلات الرياضية. وعلى هذا، فإنه ينبغي للإسلاميين الذي أسهموا بالقسط الأوفى لإسقاط النظام، أن يعتبروا ما حدث في طرابلس الغرب وما بعدها، مجرد مرحلة قد انقضت، وستبدأ مرحلة جديدة أكثر تعقيداً، هي مرحلة البناء، حيث التساؤل عن الأُسس المعتمدة، وما تأثير الغرب فيها، وما دور الفصائل المختلفة، وما دور التيار الإسلامي الليبي على اختلاف مدارسه وتوجهاته، وموقع الجهاديين خاصة. وبسبب التعقيدات التي ألمحنا إليها، فلا يمكننا اعتبار المرحلة الآتية على أنها حتماً مرحلة التمكين، ليُبنى على الشيء مقتضاه، بل هي مرحلة غامضة الملامح، وتتجاذبها قوى عدة، حيث على الطرف الرابح أن يحشد أوراق قوته بين صفوف القاعدة الجماهيرية، من أجل توجيه البلاد إلى هذه الوجهة أو تلك، أي أن المرحلة هي مرحلة جمع الأوراق أو حصد نتائج الحرب معنوياً وسياسياً، بالنسبة لكل الأطراف، ومنهم أبناء التيار الإسلامي ومجاهدوه. وفي هذا الصدد، فإن بإمكان الطرف الإسلامي الجهادي تحقيق الكثير عن طريق نشر الدعوة والنصيحة والإصلاح، ولا ينبغي الوقوع في فخ الصدام المباشر، انزلاقاً إلى ما تبتغيه رسائل التحريض المنطلقة من واشنطن خاصة، ومن دول مجاورة كالجزائر مثلاً[6]. وبدلاً من ذلك، ينبغي التركيز على التحديات الهائلة التي تقف أمام عودة الأمن إلى ليبيا، من تصفية آثار حكم القذافي، ومتابعته وأبنائه وأعوانه، وتصحيح مسارات المجتمع الليبي التي شوهها النظام البائد، وإعادة بناء المؤسسات وفق معايير سليمة، دون خضوع للتوجيهات الخارجية أو الضغوط الداخلية. والأهم من ذلك، عدم السماح للهياكل القديمة بأن تعود فتجدّد نفسها بعناوين أخرى، وهي التي كانت طيلة السنوات الفائتة وحتى اللحظات الأخيرة قبيل السقوط، من أعمدة الحكم الفاسد. بكلمة أخرى، إن كان الغرب يستعجل الصدام مع المجاهدين تحت عنوان الحزم مع التطرف، فلا يستعجلنّ المجاهدون الصدام في هذه المرحلة على وجه الخصوص، حيث ما زال حلف الأطلسي جاثماً فوق ليبيا، بطائراته القاصفة والمتجسّسة، والميادين ملأى بعملاء الاستخبارات من كل جنس ولون، كما أن ههنا ثورة شعبية تحولت بسرعة إلى قتال وجهاد. صحيح أن قيوداً ثقيلة تكسّرت، وعوائق كبرى زالت، لكن الهدف النهائي ما زال بعيداً. وبات لزاماً رسم تصوّر مختلف نوعياً للمرحلة الآتية وما تحمله من مخاطر ومن مهام. تمّ بحمد الله يوم الجمعة في 26 آب (أغسطس) 2011م [1] - مراجعة مواقف المجلس الانتقالي في الأشهر التي تلت بدء عملية الأطلسي تدل على جملة من التذمرات نتيجة عدم الفعالية أحياناً، والتلكؤ في حماية المدنيين أحياناً أخرى، بل في مرات عدة قصفت الطائرات الأطلسية مواقع الثوار، وأبرزها قصف الدبابات في هجوم رئيسي على البريقة، حيث يُفترض وجود تنسيق مسبق في وقت كهذا، ما يشير إلى برنامج عمل مختلف ومصالح مغايرة. [2] - تتحدث تقارير متطابقة عن وجود قوات خاصة بريطانية وفرنسية قطرية وأردنية، وكذلك عن عملاء الاستخبارات في ليبيا، وأنه كان للعناصر الغربية دور رئيسي في إدارة عملية طرابلس، وفي ملاحقة القذافي، كما للاستخبارات الأمريكية مهمة محددة في تأمين الأسلحة الليبية غير التقليدية، وليس لدينا ما ينفي هذه التقارير من مصادر موثوقة: http://debka.com/article/21234/ [3] - في شهر حزيران (يونيو) قرر حلف الأطلسي تغيير قواعد الاشتباك وإرسال الطوافات المقاتلة إلى ليبيا. [4] - اشتكى الخبراء الغربيون من سوء إدارة المعركة على الجبهة الشرقية وتحدثوا خاصة عن مقت المقاتلين للواء عبد الفتاح يونس بسبب موقعه السابق كوزير للداخلية في نظام القذافي، وعن الصراع على النفوذ بينه وبين الجنرال خليفة حفتر القادم من منفاه في الولايات المتحدة، وظلوا حتى شهر تموز (يوليو) يرجحون الجمود العسكري وضرورة الحل السياسي، انظر: csis.org/files/publication/110620_libya.pdf csis.org/files/publication/110801Libyaconferencereport.pdf [5] - في لقاء مع "الجزيرة" قال الرجل الثاني في ليبيا زمن القذافي، عبد السلام جلود، إن تدمير كتائب القذافي في مصراتة والزنتان والزاوية والغريان وغيرها من مناطق الجبل الغربي قد جعل طرابلس الغرب دون دفاعات حقيقية، وقدّر عدد قتلى الكتائب بأربعين ألفاً، منهم 18 ألفاً في مصراتة وحدها. [6] - للنظام الجزائري مصلحة أكيدة في حرف الأنظار عن تواطئه مع القذافي طيلة فترة القتال، من خلال التركيز على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فهو من جهة يحاول إحراج المجلس الانتقالي في ضربة استباقية من جهة، ويسعى إلى نشوب الاقتتال بين فصائل الثوار على هذا الأساس من جهة أخرى، لينأى بنفسه عن عواقب الانحياز وعن إمكانية انتقال العدوى إلى الجزائر نفسها بعد نجاح النموذج الليبي.
__________________
أنا ضد أمريكا و لو جعلت لنا *** هذي الحياة كجنة فيحاء أنا ضد أمريكا و لو أفتى لها *** مفت بجوف الكعبة الغراء أنا معْ أسامة حيث آل مآله *** ما دام يحمل في الثغور لوائي أنا معْ أسامة إن أصاب برأيه *** أو شابه خطأ من الأخطاء أنا معْ أسامة نال نصرا عاجلا *** أو حاز منزلة مع الشهداء |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |