المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصالة اللغة العربية


أم فاطمة السورية
24-08-2010, 12:44 PM
أصالة اللغة العربية
اللغة ظاهر ة بشرية امتاز بها الإنسان عن غيره من المخلوقات الأخرى. هي وسيلة للتفاهم ، توثق العلاقات بين الأفراد تقرب بين مفاهيمهم وأنماط تفكيرهم وتحمل إليهم تراث الأجداد ،

تودع في نبراتها سماتهم المميزة ووجدانهم الجماعي المشترك .‏

إن لغتنا العربية هي لغة الفصاحة والبيان ذات تاريخ مشرف وعظيم لم يشهد التاريخ أمة تفاضلت بالبيان وفصاحة اللسان كأمة العرب .‏

يعتز بها أبناؤها اعتزازاً لا مثيل له لما فيها من قدرة على التواصل والتوالد وما تحمله من موسقة في ألفاظها قد لا تملكه لغة أخرى غيرها .‏

لم تعرف شيخوخة أو زوالاً بل بقيت فتية غنية على الدوام بالرغم مما اعتراها من هجمات أرادت إضعافها لكنها ظلت عصية قوية تتحدى كل عوامل الضعف والوهن لامتلاكها عوامل القوة مما جعلتها تستعصي على الفناء وتتحداه .‏

هي لغة القرآن الكريم ، المعجزة التي تحدى الله بها الانس والجن الى الأبد في البلاغة والفصاحة والأسلوب بالإضافة لما تحمله كل كلمة من معنى معجز ولذلك قيل بأنها لغة أهل الجنة .‏

لغتنا حية متجددة تتأقلم مع متطلبات العصر وهي مظهر من مظاهر الابتكار كما قال عنها جبران خليل جبران « اللغة مظهر من مظاهر الابتكار في مجموع الأمة أو ذاتها العامة فإذا هجعت قوة الابتكار توقفت عن مسيرها وفي الوقوف التقهقر وفي التقهقر الموت والاندثار » .‏

هي لغة الآباء والأجداد لغة التاريخ والحاضر والمستقبل ولست من يقلل من شأن اللغات الأخرى أو تعلمها فتعلم اللغات شيء والمحافظة على لغتنا الأصيلة شيء آخر . فتلعم اللغات ضروري جداً لأنه يحقق لنا تواصلاً حضارياً مع الآخرين وتضيف لشخصية المتعلم شخصية ثانية مهمة في الحياة لأنه ليس من الصعوبة بمكان أن يتعلم الإنسان أكثر من لغة فالعقل البشري خلقه الله ومنحه القدرة على أن يتعلم الكثير ولنا في أسلافنا أمثلة كثيرة كالفارابي حيث كان يتحدث في سبعين لغة .‏

لقد أضعنا ما أضعنا من جغرافية وتاريخ وحضارة كما ذابت في خضم التواصل غير المتوازن مع الأمم الأخرى بعض ملامح ثقافتنا وعاداتنا وصفاتنا حيث استباح لغتنا زخم من الدسوس ومن مختلف اللغات نتيجة لقلة انتباهنا وتساهلنا ببعض القضايا المهمة التي تحتاج الى يقظة وتحمل مسؤولية بشكل كامل .‏

مطلوب منا أن نحافظ على لغتنا وثقافتنا كجزء من ذاتنا وحياتنا الروحية ومعتقداتنا وإدراكنا لذاوتنا ولذوات غيرنا وهويتنا التي نعتز بها كل الاعتزاز .‏

ولو قلبنا صفحات التاريخ لرأينا أمثلة كثيرة عن أمم اندثرت وانصهرت في أمم أخرى نتيجة لاندثار لغتها أو اقتباسها لغة أخرى غير اللغة الأصيلة . فالاستعمار اليوم وكما كان قديماً يدرك هذه الحقيقة ويعمل بلا هوادة لمحاربة اللغة القومية ساعياً بوسائل شتى إلى فرض لغته وثقافته على الأمم المستضعفة لكي يمحو كيانها لدمجها به وابتلاعها .‏

فالأمة التي تحافظ على لغتها وسلامتها إنما تمسك بمفتاح شخصيتها لأن اللغة في واقعها تجريد للأفكار كما قال عنها أحد علماء الاجتماع « إن التفكير هو التكلم سراً وإن التكلم هو التفكير جهراً » .‏

مطلوب منا كذلك الكثير الكثير من التعلم والبحث والمحافظة على هذه اللغة لأنها وجودنا وأن نتمسك بتراثنا وتاريخنا ولغتنا الجميلة وأن نكون سداً منيعاً بوجه كل دعوة تحاول النيل من لغتنا وماضينا وحاضرنا وأن نكون عاشقين ومحبين لوطننا وأمتنا لأنه من أعظم الواجبات الملقاة على عاتقنا في كل زمان ومكان . قال الثعالبي في فاتحة كتابه فقه اللغة وسر العربية : « من أحب الله تعالى أحب رسوله محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) ومن أحب الرسول العربي أحب العرب ومن أحب العرب أحب العربية ومن أحب العربية عني بها وثابر عليها وصرف همته إليها »‏

فلنكن كذلك دائماً .‏

منقول