|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() بِنْتُ الشّاطِئِ بقَلم الربيع العاصف جَاءَتْ تَمْشِي سَافِرةً مُتَبَرِّجَةً إلَى أَبِيهَا الّذِي يَجْلِسُ فِي زَاويَةٍ من زَوَايَا الْبيتِ يُدَخِّنُ سِجَارَتَهُ بِشَرَاهَةٍ ، ويُشَاهِدُ ما شَاءَ وشَاءَ لَهُ الْهَوَى قَنَواتٍ خَلِيعاتٍ وإذَاعاتٍ قَبِيحاتٍ ... هَذا الّذِي نَيَّفَ عَلَى السِّتينَ منْ عُمُرهِ ...ألقَتْ عليهِ تَحِيَةً أعْجَمِيةً قَدْ تَرَكَهَا الإسْتِعْمَارُ الفَرَنْسِي الغَاشِم لهَذِهِ البلادِ الْمُسْلِمَةِ – أقصِدُ المَغْرِبَ – ...ثُمَّ قَالَتْ بِنَبْرَةٍ تَدُلُّ عَلى ثِقَةٍ سَاذِجةٍ فِي نَفْسٍ تَقْطُرُ ضَياَعاً وتَشَرُّداً وخُواءً : يَا أَبَتِ أُرِيدُ الذَّهَابَ معَ صَديقَاتٍ لِي إلَى الشّاطِئِ شَاطِئِ البَحْرِ للإسْتِجْمامِ والإسْتِحْمَامِ والتبرّدِ ، وأنتَ خبِيرٌ أنَّ حَرَارَةَ الشَّمْسِ مُفْرِطَةٌ هَذِهِ الأيَام ..فَقَالَ بَعْدَما أطالَ النَّظَرَ فِي جَسَدِهاَ الذِي يَكَادُ أنْ يَخْرُجَ منْ وَراءِ الْمَلاَبِسِ الضّيقةِ الشّفَّافةِ : أَنتِ يَا ابنتِي تَذْهَبينَ كُلَّ يَومٍ تَقْريباً إلَى الشّاطِئِ وَبِدُونِ استِئْذَانٍ مِنِّي لِأنّكِ تَعْلَمِينَ عِلْمَ يَقِينٍ أنّهُ لاَ مُشْكِلَةَ لَديَ فِي ذَلِكَ !! فَمَا مَعْنا هذا الإذنُ يَا عَزِيزَتِي !!؟ فقَالت بِخُبْثٍ : أنَا أعْلَمُ ذَلِكَ وأعلمُ أيْضاً أنّكَ رجُلٌ منَ المُتَفَتِّحينَ الْمُتَحَضِّرينَ ..ولَكنْ أقْصِدُ أنَّ الّذَّهَابَ إلى هناكَ يَحْتَاجُ إلى بَعْضِ الْمصَاريفِ ..وطَأطَأتْ رأسَهَا حَياءً الْحَيَاءَ الْمَذْمُومَ ...فَقالَ بعدما تَبَسَّم ابتِسَامةً تدلُّ على أنَّ الرجُلَ قدْ رَضِيَ على ابنَتِه كُلَّ الرِّضَا : لاَ عَليْكِ يَا ابنَتِي إذْهَبِي وَخُذِي منَ مِحْفَظَتِي مَا يَكْفِيكِي وصَواحبكِ بالْمَعْرُوفِ !!ثمَّ قَبّلَتْهُ قُبلَةً عَلَى خَدِّه قَدْ سُمِعَ رَنِينُهَا إلَى المَطْبَخِ الذِي تُوجَدُ فيهِ الأمُّ التي قالت باسْتِهْزَاءٍ : إِيَّاكِ أنْ تُفَوِّتِ عليكِ صَلاةَ الْعَصْرِ كما فَعَلْتِ فِي المَرّةِ الْفَائِتةِ ..فأجَابَتْها بِسُخْريةٍ مُتَنَاهيةٍ " إنَّ اللهَ غَفورٌ رحيمٌ " " ربنا ربُّ قُلُوبٍ " وَخَرَجْتْ تَجْرِي فَرحاً وطرباً بَعْدَماَ تَرَكَتْ جِلْبَابَ الْحَياءِ فِي زَاويَةٍ من زوايا الْبيتِ كمَا تَرَكَتْ أبَاهَا مُنْطَرحاً هُناكَ كمَا يَتْرُكُ السِّكِيرُ قَرُورَةَ خَمرٍ فَارِغَةٍ ....... وَبَعدُ : أخِي الْقَارِئُ مَا أنتَ بالْحَالِمِ وَلاَ النّائِم وقدْ آنَ لَكَ أنْ تُصَدِّقَ عَيْنَيكَ فَهَذِهِ حَقِيقَةٌ لاَ خَيَالٌ ..فِهي صورةٌ مُصَغّرةٌ لمُجْتَمَعٍ قَدْ ألِفَ نَاسُهُ الرّذيلةَ .... مُجْتَمَعٍ يَزْعُمُ أهْلُهُ أنّ إيمانَهم كإيمان جِبريل أو كإيمان العشرة المبشّرينَ بالجَنّة ...
__________________
كن ما استطعت عن الأنام بمعزل إن الكثير من الورى لا يصحب
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |