المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البلاغة بين الإيجاز والإطناب


بشرى فلسطين
09-08-2010, 07:55 PM
بسن الله الرحمن الرحيم

الإيجاز
قال أصحاب الإيجاز:
الإيجاز قصور البلاغة على الحقيقة، وما تجاوز مقدار الحاجة فهو فضلٌ داخل في باب الهذر والخطل، وهما من أعظم أدواء الكلام، وفيهما دلالة على بلادة صاحب الصناعة.
يقول جعفر بن يحيى لكتّابه: إن قدرتم أن تجعلوا كتبكم توقيعات فافعلوا.
وقال محمد الأمين: عليكم بالإيجاز فإنَّ له إفهاما، وللإطالة استبهاما.
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما رأيت بليغاً قطّ إلاّ وله في القول إيجاز، وفي المعاني إطالة.
وقد استدل مؤيدي الإيجاز بآيات من القرآن الكريم ، و بلاغة القرآن لا تعادلها أي بلاغة
قال تعالى: " وكلّ أمرٍ مستقر " ثلاث كلمات اشتملت على عواقب الدنيا والآخرة.
وقوله عز وجل: " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " جمع جميع مكارم الأخلاق بأسرها
وقوله تعالى: " فلما استيأسوا منه خلصوا نجيّاً " تحيّر في فصاحته جميع البلغاء، ولا يجوز أن يوجد مثله في كلام البشر
وكذلك كان رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فصيحا بليغا موجزا

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم وخضراء الدِّمن "
وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول لرجل: كفاك الله ما أهمّك. فقال: هذه البلاغة. وسمع آخر يقول: عصمك الله من المكاره. فقال: هذه البلاغة. وقوله صلى الله عليه وسلم: أوتيت جوامع الكلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " إنّ من البيان لسحراً "
. وقوله صلى الله عليه وسلم: " الصحة والفراغ نعمتان "
وقد عرف الإيجاز عند كثير من الشعراء
وقيل لبعضهم: لم لا تطيل الشّعر؟ فقال: حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.
وقيل للفرزدق: ما صيّرك إلى القصائد القصار بعد الطوال؟ فقال: لأني رأيتها في الصدور أوقع، وفي المحافل أجول.
وقالت بنت الحطيئة لأبيها: ما بال قصارك أكثر من طوالك؟ فقال: لأنها في الآذان أولج، وبالأفواه أعلق.
وقال أبو سفيان لابن الزبعري: قصرت في شعرك؟ فقال: حسبك من الشّعر غرّة لائحة، وسمةٌ واضحة.

وقيل لأعرابي يسوق مالاً كثيراً: لمن هذا المال؟ فقال: لله في يدي.

الإطناب
قال أصحاب الإطناب: المنطق إنما هو بيان، والبيان لا يكون إلا بالإشباع، والشفاء لا يقع إلاّ بالإقناع، وأفضل الكلام أبينه، وأبينه أشدّه إحاطةً بالمعاني، ولا يحاط بالمعاني إحاطة تامّة إلاّ بالاستقصاء، والإيجاز للخواصّ، والإطناب مشتركٌ فيه الخاصة والعامة، والغبي والفطن، والريض والمريّاض.
روى عن جعفر بن يحيى أنه قال مع عجبه بالإيجاز: متى كان الإيجاز أبلغ كان الإكثار عيّاً. ومتى كانت الكناية في موضع الإكثار كان الإيجاز تقصيراً.
وأمر يحيى بن خالد بن برمك اثنين أن يكتبا كتاباً في معنى واحد، فأطال أحدهما، واختصر الآخر، فقال للمختصر وقد نظر في كتابه: ما أرى موضع مزيد. وقال للمطيل: ما أرى موضع نقصان.
وقال غيره: البلاغة الإيجاز في غير عجز، والإطناب في غير خطل.
وقيل لأبي عمرو ابن العلاء: هل كانت العرب تطيل؟ قال: نعم، كانت تطيل ليسمع منها، وتوجز ليحفظ عنها.
والإطناب إذا لم يكن منه بدٌّ إيجاز، وهو في المواعظ خاصّة محمود، كما أن الإيجاز في الإفهام محمود ممدوح.
والموعظة كقول الله تعالى: " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون. أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون. أفأمنوا مكر الله فلا يأمنُ مكرَ اللهِ إلى القومُ الخاسرون " . فتكرير ما كرّر من الألفاظ ها هنا في غاية حسن الموقع.
وقيل لبعضهم: متى يحتاج إلى الإكثار؟ قال: إذا عظم الخطب.
وفي النهاية :
والقول القصد أنّ الإيجاز والإطناب يحتاج إليهما في جميع الكلام وكلّ نوع منه، ولكلّ واحد منهما موضع، فالحاجة إلى الإيجاز في موضعه كالحاجة إلى الإطناب في مكانه، فمن استعمل الإطناب في موضع الإيجاز، واستعمل الإيجاز في موضع الإطناب أخطأ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقتطفات من كتاب الصناعتين : الكتابة والشعر .

ayache
09-08-2010, 09:32 PM
شكرا على المعلومات القيمة

بشرى فلسطين
12-08-2010, 04:32 PM
لاشكر على واجب
حياك الله